الرئيسية
ليلى بنت عبدالمحسن النيان .. نموذج مضيء في العمل الخيري والقيادة النسائية
شاعر الأمة محمد ثابت

مقال بعنوان : ليلى بنت عبدالمحسن النيان .. نموذج مضيء في العمل الخيري والقيادة النسائية
بقلم / سلمان بن أحمد العيد
شهدت المملكة العربية السعودية خلال العقدين الأخيرين نقلة نوعية غير مسبوقة في تمكين المرأة، ليس فقط بوصفه قرارًا تنمويًا، بل باعتباره مشروعًا وطنيًا شاملًا يعيد رسم ملامح المشاركة المجتمعية والاقتصادية في البلاد. فقد أصبحت المرأة السعودية اليوم جزءًا أصيلًا من مسيرة التغيير، وفاعلاً رئيسًا في صياغة التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة في ظل رؤية 2030. ومع هذا التمكين الواسع، لم تتفوق المرأة في المجالات المعاصرة فحسب، بل حملت معها إرثًا قيمًا من العطاء والمسؤولية الاجتماعية، وامتدادًا لعمق سعودي متجذر في الإيمان والأخلاق والعمل.
نهضة المرأة السعودية: من المشاركة إلى القيادة
إن المتابع لمسيرة المرأة السعودية يدرك حجم التحولات التي انتقلت من مرحلة المشاركة المحدودة إلى مرحلة القيادة وصناعة القرار. فقد دخلت المرأة بقوة إلى مجالات التعليم العالي، والاقتصاد، والصحة، والتقنية، والإعلام، والقطاع غير الربحي، بل تولت مناصب قيادية رفيعة أثبتت فيها كفاءتها واقتدارها، وأصبحت شريكة في التنمية لا متلقية لها. وتظهر الإحصاءات الرسمية ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، وتضاعف حضورها في القطاعات المهنية، إلى جانب انتشار برامج الدعم الحكومية التي عززت مهاراتها ورفعت قدرتها التنافسية.
وتقف خلف هذه النهضة قناعة وطنية بأن التنمية لا يمكن أن تستمر بنصف المجتمع، وأن المرأة اليوم ليست عنصرًا مكملًا بل عنصرًا مؤسِسًا. فقد ساهم اتساع مسارات التمكين في خلق بيئة محفزة تدعم الإبداع، وتعزز حضور الكفاءات النسائية التي استطاعت أن تخترق التحديات وأن تثبت نفسها في ميادين متعددة داخل المملكة وخارجها.
المرأة السعودية… نموذج للقيم والمسؤولية الاجتماعية
لا يقتصر نجاح المرأة السعودية على المناصب الإدارية أو المهنية، بل يتجاوز ذلك إلى ما هو أعمق: مسؤوليتها تجاه مجتمعها، ومشاركتها في الأعمال التطوعية والخيرية، ودورها في تعزيز الروابط الإنسانية. فالعمل الخيري في المجتمع السعودي لم يكن يومًا نشاطًا هامشيًا، بل قيمة راسخة، وقد حملت المرأة السعودية هذا الإرث بوعي عالٍ، لتكون إحدى ركائز العطاء في البلاد.
وفي السنوات الأخيرة، شهد المجال التطوعي ارتفاعًا ملحوظًا في مشاركة النساء، سواء عبر الجمعيات الخيرية، أو الفرق التطوعية، أو المبادرات المجتمعية التي أثبتت فيها المرأة قدرتها على التنظيم، والتأثير، والقيادة، وإحداث التغيير الإيجابي.
رياضة المرأة في القيادة: حضور واثق وأثر ملموس
إن المرأة السعودية لم تدخل مجال القيادة بوصفه منصبًا أو لقبًا، بل بوصفه رسالة ومسؤولية. فقد أثبتت الكثير من القياديات قدرتهن على إدارة فرق العمل، ورفع مستوى الأداء، وتطوير الأنظمة، وإحداث تحولات حقيقية داخل المؤسسات التي ينتمين إليها. وقد انعكس ذلك في الجوائز التي تحصل عليها القيادات النسائية، وفي الإشادات الرسمية والمجتمعية التي تتوالى تقديرًا لجهودهن.
وتبرز القيادية السعودية اليوم بوصفها شخصية ملهمة، تمتلك رؤية واضحة، وتوازنًا بين الحزم والإنسانية، وقدرة على اتخاذ القرار، وصوتًا يعكس الصورة الحقيقية للمرأة السعودية المتعلمة، الواعية، والمسؤولة.
ليلى بنت عبدالمحسن النيان .. نموذج مضيء في العمل الخيري والقيادة النسائية
من بين النماذج المشرقة التي جسدت هذا الحضور القيادي النسائي المتقدم، تبرز الأستاذة ليلى بنت عبدالمحسن النيان (أم عبدالعزيز اليحيا)، مديرة القسم النسائي في جمعية إكرام الموتى بالأحساء، والتي شكّلت تجربة رائدة في العمل الخيري والإنساني عبر مسيرة ممتدة تركت فيها أثرًا عميقًا في المجتمع.
لقد استطاعت الأستاذة ليلى أن تعيد صياغة مفهوم العمل النسائي داخل الجمعية، وأن ترتقي بالخدمات المقدمة، وأن تبني بيئة عمل نسائية يسودها التمكين والاحترافية. وقد وُصفت بأنها “امرأة صالحة لها بصمات خيرية كبيرة جداً”، وهي شهادة تنبع من واقع جهودها التي تُرى وتُلمس في كل جانب من جوانب الإدارة النسائية داخل الجمعية.
تفانٍ قيادي وروح إنسانية نادرة
تميزت الأستاذة ليلى النيان بقدرتها على الإدارة الحكيمة، والتطوير المستمر، ومتابعة التفاصيل، وإتقان العمل، إلى جانب حسها الإنساني العميق الذي جعلها نموذجًا في خدمة المجتمع، وخاصة في مجال حساس ودقيق مثل مجال “إكرام الموتى”. وقد تعاملت مع هذا الدور بروح عالية من الإيمان والاحترام والتفاني، فجعلت من القسم النسائي بيئة تُعلي قيمة الرحمة وتقدم خدمات نوعية تعكس احترام الإنسان حيًا وميتًا.
ولم يقتصر عطاؤها على الإدارة فحسب، بل امتد إلى بناء فرق عمل تطوعية نسائية مؤهلة، وتطوير برامج التدريب، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للنساء، وهو ما أسهم في ارتفاع مستوى الأداء النسائي داخل الجمعية بشكل ملحوظ.
تكريم مستحق وجهود مُقدَّرة
في لفتة عرفان وتقدير، وبرعاية كريمة من أمانة الأحساء، تم تكريم الأستاذة ليلى بنت عبدالمحسن النيان تقديرًا لما قدمته من جهود متميزة في تطوير الخدمات النسائية في الجمعية. وقد حضر التكريم شخصيات قيادية بارزة، من بينهم:
• المهندس فهد الزهراني – وكيل أمانة الأحساء للخدمات
• الدكتور عبدالله السلطان – رئيس مجلس إدارة الجمعية
• الشيخ عبدالله الملحم – المدير التنفيذي للجمعية
وجاء هذا التكريم اعترافًا رسميًا ومجتمعيًا بقيمتها القيادية العالية، ولمسة وفاء لامرأة قدمت الكثير بصمت وإخلاص.
بصمات لا تُنسى .. ورسالة تتجاوز الزمن
لقد أثبتت الأستاذة ليلى أن القيادة ليست منصبًا، بل روحًا ورسالة. وأن المرأة السعودية قادرة على أن تقود وتبدع وتؤثر وتترك أثرًا خالدًا في المجتمع. كما تؤكد سيرتها المهنية والإنسانية أن العمل الخيري لا يمكن أن ينهض دون قادة مخلصين يمتلكون رؤية تتجاوز حدود الوظيفة إلى عمق خدمة الإنسان.
وبقدر ما يعكس هذا النموذج نجاح امرأة سعودية، فإنه أيضًا يعكس نجاح مجتمع يشجع النساء على التميز، وبلد يفتح الأبواب أمام طاقاتهن لتبني المستقبل.
بقلم : سلمان بن أحمد العيد
رئيس تحرير صحيفة أصداء الخليج
@salmanaleed

