الرئيسية

تفاعلا مع الحلقة الأخيرة من برنامج ” قلوب شاعرة ” الخاصة بالحوار المفتوح بين شاعر الأمة محمد ثابت معد البرنامج ومقدمه والملحن حسن دنيا والذي تمحور حول” القصيدة العربية والأغنية المصرية الحديثة: الى أين “

شاعر الأمة محمد ثابت

تفاعلا مع الحلقة الأخيرة من برنامج ” قلوب شاعرة ” الخاصة بالحوار المفتوح بين شاعر الأمة محمد ثابت معد البرنامج ومقدمه والملحن حسن دنيا والذي تمحور حول” القصيدة العربية والأغنية المصرية الحديثة: الى أين “

بقلم الكاتبة والناقدة عيادة جابر

تونس

——-

تفاعلا مع الحلقة الأخيرة من برنامج ” قلوب شاعرة ” الخاصة بالحوار المفتوح بين شاعر الأمة محمد ثابت معد البرنامج ومقدمه والملحن حسن دنيا والذي تمحور حول” القصيدة العربية والاغنية المصرية الحديثة: الى أين “”

كانت الحلقة بحق خفيفة ظريفة لكنها لا تخلو من عمق شأنها شأن الحلقات السابقة. وهذا في تقديرنا مرده ما يتمتع به مقدم البرنامج الشاعر محمد ثابت من حرفية عالية واستعداد جيد للحلقة وقدرة فائقة على ادارة الحوار وتوجيهه للهدف الذي رسمه سلفا.

لقد اخذنا معه في هذه الحلقة في جولة رشيقة في ربوع الأغنية المصرية الحديثة مركزا على اكثر الفنانين شهرة وابداعا واشعاعا في هذا المجال وقد تجلى ذلك في استضافته للملحن المميز والقدير حسن دنيا الذي قال عنه” انه واحد من أشهر الملحنين المصريين في تسعينيات القرن الماضي اذ لحن لكبار الفنانين المشهورين كما لحن العديد من اغاني الأعمال الدرامية الشهيرة”.

لم يكتف مقدم البرنامج شاعر الامة محمد ثابت بامتاع المتابع للحلقة بأبهى الباقات الغنائة التي نظمها هذا الملحن المبدع لحنا واداء وبقي شذاها يعبق الى الان متصدرة المشهد الغنائي

بل نراه يستفز ضيفه بلباقته المعهودة ونعومته المشهودة ليطرح معه قضايا فنية متنوعة على غرار شروط نجاح العمل الفني واستمراره ودور الفنان في اختيار أغانيه ومسؤوليته في الارتقاء بالذائقة الفنية الجمعية خاصة على مستوى اختيار الكلمة الراقية التي هي عمود الاغنية والأساس الذي تبنى عليه.

وهنا ينتقل بنا مقدم البرنامج الشاعر محمد ثابت الى جوهر موضوع هذه الحلقة ببراعة وذكاء. انها القصيدة العربية المغناة التي بدت هاجسا بالنسبة له وهو الشاعر المبدع الملتزم بالعبارة الراقية والجملة الهادفة في قصائده الزاخرة عبرا ومعاني رفيعة يسعى من خلالها الى تجذير القيم الانسانية الرفيعة وبالتالي الى الارتقاء بالانسان كذات شاعرة مفكرة.

ولترسيخ هذا المعنى، كان سؤاله للضيف متعلقا بمعرفة رأيه في ما نراه اليوم من تدن للأغنية العربية الحديثة على مستوى الكلمة خاصة ليطرح هذه القضية العميقة وليجعلنا نتساءل معه: هل الأغنية الحديثة هي افراز لواقع مأزوم؟ ام هي تعبير عن هذا الواقع؟ والى اي مدى يمكن اعتبار هذه الأغنية الحديثة فنا؟

في تقديرنا ان تدني مستوى الاغنية العربية الحديثة خاصة على مستوى النص او الكلمة هي افراز لواقع مأزوم حقا اي نتيجة مباشرة للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية المتدهورة. فالمضامين السطحية واللهجات الشعبية المستهجنة أحيانا والاقاعات التجارية السريعة ليست الا انعكاسا لانحطاط الذوق العام او للأزمات القيمية والاقتصادية حيث أصبحت الغاية تبرر الوسيلة وطغت العلاقات النفعية الربحية بين الأغنية والمغني الذي وجد في تطور وسائل التواصل الاجتماعي ضالته وسبيله للشهرة السريعة والكسب المادي الميسور.

لكن هذه الأغنية الحديثة هي أيضا تعبير عن هذا الواقع المأزوم. فهي تسعى الى نقل معاناة الناس بلغتهم وتعبر عن التناقضات التي يعيشها المجتمع فتكون بذلك مراة للأزمة لا نتاجا لها فقط.

اذن فالأغنية الحديثة هي نتاج للواقع وشاهد عليه في الوقت نفسه. ولكن هل يمكن اعتبار الأغاني التجارية الاستهلاكية اعمالا فنية حتى وان كانت افرازا لهذا الواقع المتدني؟ ألا يجدر بالفنان أن يرتقي بهذا الواقع بانتاج اعمال فنية راقية؟ ليضطلع الفن بوظيفته الحقيقية وهو الارتقاء بهذا الواقع ولا يكون مجرد ناقل له بلغته لأنه بذلك سيكرس الرداءة ويحيد عن تلك الوظيفة السامية التعبيرية التثقيفية للفن والفنان.

لذا نحن بحاجة الى الأغنية الهادفة البديلة التي تميل الى ان تكون تعبيرا نقديا بديعا كلمة ولحنا واداء في محاولة لتصوير ازمات المجتمع ومكاشفة تناقضاته بأسلوب فني راق منسجم مع لغة العصر وايقاعه دون ابتذال فتكون الاغنية بحق خطابا فنيا يعكس الوعي الجمعي بها ويرتقي بالفرد والمجتمع.

فشكرا لمقدم البرنامج شاعر الامة محمد ثابت على اثارة هذه المواضيع العميقة وحرصه على الارتقاء بالذائقة الفنية عموما واهتمامه بجمالية الكلمة وخطورة توظيفها لوعيه بتأثيرها الشديد في المتلقي. وشكرا لضيفه الرئيسي على تلقائيته وحضوره الأنيق في همسة سماء الثقافة التي تسللت اليها أيضا الفنانة المتألقة لميس حاج لتنثر عليها من عطرها ما زادها ألقا ورونقا.

دام عطركم جميعا ودمتم خير رافد للأغنية العربية الراقية.

 

بقلم الكاتبة والناقدة

 

عيادة جابر

تونس

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق