خواطر
كما تريد / أسماء إلياس
دعوته على فنجان قهوة، ابتسم وقال:
– تشرفني دعوتك الكريمة.
سألني: هل سمعت عن آخر جريمة حدثت في المجتمع العربي؟
– نعم لقد سمعت، مع الأسف نحن شعب لا يستحي. ( عنوان قصيدة للشاعر العراقي أحمد النعيمي الذي أعدم بسببها).
– صدقت نحن نجرم بحق النصف الآخر، نقتل نساءنا، نعذب فتياتنا، نحتقر المرأة، ونصفها بأبشع الأوصاف. نقول عنها ناقصة عقل، وغيرها من الأوصاف التي تجعلني أتمنى لو أني ولدت في مجتمع يقدر ويحترم هذا المخلوق المرأة.
– لدي فكرة.
– ما هي؟
– ما رأيك أن نهاجر؟
– إلى أين؟
– إلى إحدى الدول الأوروبية.
– هل جننت حتى تطلب مني هكذا طلب.
– لماذا لا نجن سويا؟ فكرة الجنون أعجبتني. يجب علينا تنفيذها بحذافيرها. ما رأيك؟
– رأيي أنك تريد أن تتسلى.
– لا وحياتك أقول هذا بجد الجد وحياتك.
– نتزوج ونذهب سويا، لقد قدمت طلب هجرة منذ حوالي اسبوعين، واليوم أنتظر الرد من السفارة.
– هل تعتقد بانهم سوف يوافقون على طلبك؟
– لا أدري، لكن ابن عمي يعمل بالسفارة حارسا، وقد ساعدني بتقديم الأوراق. عل كل الأحوال ( إن غدا لناظره قريب).
في تلك اللحظة فكرت كثيرا في كلام مؤمن، اكتشفت بأن لديه نظرة ثاقبة للأمور. إنسان متزن مثله، يملك الجرأة، يتحدى مجتمع، يخرج عن التقاليد القديمة البالية، يريد أن يصنع لنفسه مستقبلا واعدا.
لكنني فتاة شاء قدرها أن تولد وتعيش في مجتمع يضيق عليها الخناق. ممنوع أن تصرخ أو تعترض، وإذا صرخت أو اعترضت سيكون مكانها جورة متر في مترين.
لهذا قررت أن أستمع لذلك الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدري. ويقول لي: اخرجي من هذا الحجر الذي فرض عليك. افردي جناحيكِ للريح، لا تخافي أنتِ قوية.
هاتفت مؤمن ودار بيننا هذا الحديث.
– لقد وافقت على فكرتكَ.
– لا أصدق، هل أنت جادة.
– نعم وحياتك. كلامك أقنعني، لكن الذي جعلني أغير رأيي. نحن نعيش مرة واحدة، لماذا لا أخرج من جلباب هذا المجتمع؟ المرأة إذا لم تتخذ الخطوة الأولى في تحرير نفسها، من هذا المجتمع الذي يجعلها عبدة لتقاليد عفا عليها الزمن. ستبقى عبدة للرجل ولنزواته، لهذا يجب أن يكون لها موقف في الحياة.
وغير ذلك مقتل تلك الفتاة على يد احد أفراد عائلتها، جعلني مصممة على إحداث تغيير في حياتي.
لماذا الخوف والعمر واحد. يجب أن نعيشه كما نريد، أو نموت من أجل هدف أو غاية.
بعد اسبوع على هذه المحادثة. جاء مؤمن والابتسامة ترتسم على محياه.
– لقد وافقوا على طلبي. على فكرة لقد أخفيت عنك شيئا مهما.
– ما هو؟
– لقد كتبت بالطلب أني متزوج، كتبت بالطلب اسم الزوجة، الهام. لأني كنت واثقا باني أستطيع التأثير عليكِ. ما رأيكِ؟
– كما تريد.