ثقافه وفكر حر

لهجات ومفارقات طريفة ! د. علي عودة

لهجات ومفارقات طريفة ! (٥) في جيبتك ! في قسم اللغة العربية بالجامعة في ليبيا كنا سبعة أساتذة ! خمسة من الليبيين أبناء البلد وأستاذ دكتور مصري وانا ! وفي الفصل الثاني التحق بنا أستاذ دكتور من السودان ! وكان من عاداتنا أن نجتمع في بداية كل فصل لتوزيع المقررات على الأساتذة ووضع الجدول ! جلسنا لتوزيع المقررات وتحدثنا قليلا في رغبة كل منا في إمكانية تحقيق تخصصه الدقيق وعندما شرع الدكتور رئيس القسم (الليبي) في كتابة مسودة الجدول لم يجد قلمه ! فسأل وهو يبحث بين الأوراق : – وين القلم ؟! فرد الأستاذ السوداني بطيبة : – في جيبتك يا دكتور ! – شنو ؟! في جيبتك انت ! – والله القلم في جيبتك ! انتفض الأستاذ الليبي وأزاح الأوراق بعصبية : – ويحلف كمان ! خلاص ! خلاص ! مفيش جدول هيا ! ونهض غاضبا ثم تركنا و غادر الغرفة ! فانصرف كل منا الى مكتبه وكان مكتب الأستاذ السوداني الجديد في نفس غرفتي ! وعندما دخلنا الغرفة انفجرت بالضحك ! فقال الأستاذ السوداني بهدوء شديد : – على أيش بتضحك يا زول ؟! والله القلم كان في جيبته انا شفته بيحط القلم في جيبته ! – يا دكتور أنت لم تفهم الموقف حتى الآن ! القلم كان في جيبه صحيح ! وانا رأيته مثلك يضعه في جيبه ! وهذه ليست المرة الأولى التي يضع فيها القلم في جيبه ثم ينساه ويبحث عنه ! المشكلة في المفردة المستخدمة يا دكتور (جيبتك) ! انت تقول له جيبتك وتصر على ذلك ! – وماذا كان على أن أقول له ؟! القلم في جيبتي انا ؟! – لا ! تقول له القلم في (سيالتك) ؟! – شنو ؟! اقول له القلم في سيالتك كيف يا زول؟! يعني اقول له القلم في قماشة الريالة بتاعك ؟! عارف قطعة القماش اللي بنحطها للأطفال علشان ما يسيلوا على نفسهم بالريالة ؟! هيه دي السيالة عندنا ! ولعلها مشتقة من الجذر (سال) ؟! – والله حيرتونا ! جيبة أم سيالة ! قلي يا دكتور أي المفردتين أقرب للفصحى ؟! – كلاهما بعيد عن الفصحى ! وان كان الجيب أو الجيبة أكثر استخداما في المشرق العربي ! ويستخدم الفعل (جاب) في المشرق العربي أيضا بمعنى أحضر ! ولا علاقة له بالجيب ! أما الفعل (جاب) في الفصحى فيعني التجول والسير في البلاد ! جاب البلاد طولا وعرضا ! اي قطعها وسار فيها ! لكن ماذا تعني (جيبتك) التي اغضبته عندهم ؟! – تعني الوضع والولادة للمرأة ! فعند الولادة يقولون لها مبروك (جيبتك) ! والمرأة التي لم تنجب يقولون لها في المناسبات : أن شاء الله نشرب أو نأكل في (جيبتك) ! أي عندما تلدين وتنجبين الأطفال ! يعني انت كنت تخاطب الدكتور ساخرا كأنثى ! وتقول له ستجدين القلم أن شاء الله في (جيبتك) اي عندما تلدين طفلا ! – لا لا هذا تأويل بعيد جدا ! انا لم اقصد ذلك ولم يخطر ببالي اطلاقا ! – اعرف ٠٠اعرف انك لم تقصد ولكن هذه مفارقات اللهجات ! على كل حال نحن في لهجتنا الفلسطينية هناك شئ قريب من المفردة الليبية ولكن لا يؤخذ بالحساسية ذاتها ! نقول عن المرأة التي أنجبت او حملت بخمسة أولاد (جابت خمس بطون) ! – ونحن في السودان نبشر الزوج الذي ولدت زوجته ولدا ذكرا : مبروك زوجتك جابت ولد ! هيا نذهب لرئيس القسم ونصفي الأجواء ! وسأطلب منه أن يسمح لى بتخصيص المحاضرة الأولى للتعرف على أكبر عدد من المفردات الليبية الحساسة ومقارنتها ببعض المفردات في اللهجات العربية الأخرى ! واشرح له معنى السيالة بالسوداني ! ها٠٠ ها٠٠ ها !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق