الرئيسيةشعر وشعراءمقالات
قراءة نقدية لقصيدة “وأَظنُّ خَدَّكِ ورْدَةً”أ د عبد الله السلّمي ..
الدكتورة فاطمة ابوواصل اغبارية

وأَظنُّ خَدَّكِ ورْدَةً ، شَفتَاكِ
بَتْلاتُها فاحَتْ وذا كشَذاكِ
ورأيتُ مَرْجانًا وفيكِ أراكِ
اَو أنتِ ضَيَّعتِ لِمَن يَهواكِ
هلْ أنتِ طالعةٌ بكل عُلاكِ
إذْ ما أتيتُك في السَّما وأراكِ
مَرْجانَةٌ أنتِ بكل ضِياكِ
يا لُؤلُؤَ الكون وذِي الأفلَاكِ
أشْرقْتِ انتِ بكل ضَوءِ سَناكِ
يا شَمسُ يا بَدرُ فما أحْلاكِ !
إذْ ما أتيتُكِ يا سنا لِلِقاكِ
وأَهيمُ شَغفًا في الهَوا وذُراكِ
إذْ ما خرَجتُ يا سَنا للِقاكِ
بجَناح صَقَرٍ أو قَطَا أَ أَراكِ؟
شَغَفي هوَايَ بكل حُبّي اِيَّاكِ
تدْرِينَ حقًّا ما الذي أَدرَاكِ ؟
لَو أنتِ تدْرِين المَدَى لِهلَاكي
فأتَيتِني أنتِ وأنا فِدَاكِ
لو كُنتُ مَطَرًا أُسْبِل بفِناك
فأُبَرِّد حَرًّا حَرُورَ هواكِ
ولَعِبْتُ فيكِ وفي رِحَاب حِماكِ
نتَمازحُ دَوْمًا نوَدُّ بِذاكِ
**************
هذه القصيدة الجميلة، والتي تحمل مشاعر حب صادق وتعبيرات وجدانية نابضة بالحياة.
اللغة والأسلوب
من المدهش أن نعرف أن الشاعر ليس ناطقًا بالعربية، فاللغة المستخدمة في القصيدة سليمة في معظمها، وإن بدت بعض التراكيب غير مألوفة أو غير دقيقة نحويًا أو دلاليًا، لكنها تظل مفهومة ضمن السياق الشعري.
مثال:
- “إذْ ما أتيتُكِ في السَّما وأراكِ” — التركيب ليس واضحًا نحويًا تمامًا، لكنه يوحي بصعود روحي للقاء المحبوبة في مقام سماوي.
- “تدرين حقًا ما الذي أَدراكِ؟” — هنا استخدام “ما الذي أَدراكِ” غريب، فـ”أدراكِ” عادة ما تأتي بصيغة “وما أدراكَ ما…” في الأسلوب القرآني، لا بصيغة سؤال للمخاطبة.
* ملاحظة مهمة: الأخطاء النحوية والصرفية موجودة ولكنها مغتفرة في سياق التجربة الشعرية الصادقة، خاصة من شاعر غير عربي.
الصور الشعرية
القصيدة تعتمد على صور رومانسية كلاسيكية، تتكرر فيها رموز مثل:
- الوردة، المرجان، اللؤلؤ، الشمس، القمر، الصقر، المطر…
هذه كلها استعارات تقليدية في الشعر العربي، لكن الشاعر أضفى عليها روحه الخاصة، مثلًا:
- “شفتاك بتلاتها فاحت وذا كشذاكِ” — فيها مزج جميل بين الحسي والعطري.
- “مَرْجانَةٌ أنتِ بكل ضِياكِ، يا لُؤلُؤَ الكون” — تشبيه الحبيبة بالمرجان واللؤلؤ يضفي بُعدًا بحريًا جميلًا.
– بعض الصور قد تكون مكررة أو مباشرة جدًا، لكنها تعكس صدق العاطفة أكثر من البراعة البلاغية.
الموسيقى والإيقاع
القصيدة على البحر الكامل غالبًا أو تفعيلات قريبة منه، مع تنويعات وتسكين في بعض القوافي. القافية الموحدة (كِ / كَ) تعطي وحدة صوتية واضحة.
إيقاع القصيدة منتظم غالبًا، وإن كان يشوبه بعض الاضطراب في التفعيلة بسبب التركيب أو نبرة اللفظ.
مثال:
- “إذْ ما خرجتُ يا سَنا للِقاكِ / بجَناح صَقَرٍ أو قَطَا أَ أَراكِ؟”
البيت فيه خلل موسيقي طفيف، لكن يتداركه الحضور العاطفي.
الوحدة العضوية
القصيدة ليست ذات حبكة سردية بل تعتمد على تتابع الصور والتشبيهات العاطفية. هناك وحدة وجدانية تتمثل في الحب والوله والتشوق إلى الحبيبة في صورة مثالية سماوية، ما يجعل النص مترابطًا شعوريًا رغم تناثر الصور.
تجربة الشاعر غير العربي
هذا هو أجمل ما في القصيدة: أن الشاعر ليس ناطقًا بالعربية، لكنه كتب بلغة شعرية، وعاطفة واضحة، وأخيلة مألوفة في التراث العربي. هذا يعكس:
- حُبًّا عميقًا للغة.
- تأثّرًا بالقصائد الكلاسيكية.
- محاولة جادة لامتلاك أدوات الشعر.
وإن كانت اللغة أحيانًا تشي بأن الشاعر يفكر بلغة أخرى ثم يترجم الشعور للعربية، وهذا يظهر في بعض التركيبات الغريبة.
في الختام:
القصيدة جميلة، صادقة، عاطفية، وتعكس تجربة وجدانية حقيقية من شاعر محب للغة العربية.
ورغم بعض الهفوات النحوية والتراكيب غير المألوفة، فإن النص يظل ناجحًا في التعبير عن عاطفة الحب والوله باستخدام صور شعرية مألوفة وعربية الطابع