فلسطين تراث وحضاره

تسجيل ملكية الأراضي الملاصقة للأقصى في الطابو الإسرائيلي.. الخطورة والتداعيات

يشير المختصون إلى متانة التسويات التي أقامها الأمويون لتتمكن من حمل المباني الضخمة وأبرزها المصلى القبلي في المسجد الأقصى؛ والذي كان يتكون حينها من 15 رواقا، ويحذرون من خطورة المخططات الإسرائيلية للسيطرة عليها.

القصور الأموية بالجهة الجنوبية للمسجد الأقصى سيبنى فوقها مشروع تهويدي أطلق عليه اسم" مركز دفيدسون" مكملا " للمركز التوراتي
منطقة القصور الأموية في الجهة الجنوبية للأقصى وتظهر منها قبة المسجد القبلي (الجزيرة)

ويهدف المشروع إلى تعزيز سيطرة الاحتلال على المزيد من الأراضي الفلسطينية في القدس، لا سيما أن عمليات تسجيل الأراضي شرقي المدينة في السجل العقاري (الطابو) توقفت بعد استكمال احتلالها عام 1967، ويُقدر أصحاب الاختصاص أن 5-10% فقط من الأراضي تمت تسويتها وتسجيلها في الطابو.

وتصنّف منطقة القصور الأموية كأراضٍ تابعة للوقف الإسلامي، وتقع في مكان حساس جدا تعمّد الاحتلال العبث به منذ اليوم الأول لاحتلال القدس وحتى الآن. وبنيت هذه القصور خلال العهد الأموي قبل أكثر من 1300 عام وهي ملاصقة للأقصى من الناحيتين الجنوبية والغربية.

5-منطقة القصور الأموية الملاصقة للمسجد الأقصى والتي يحاول الاحتلال السيطرة عليها منذ سنوات وأحدث صيحات التهويد محاولة تسجيلها في الطابو(الجزيرة نت)
جزء من منطقة القصور الأموية الملاصقة للأقصى والتي يحاول الاحتلال السيطرة عليها منذ سنوات (الجزيرة)

خطورة الموقع والوقت

يقول الباحث المختص في آثار وتراث القدس وفلسطين، عبد الرازق متاني، إن المنطقة التي سيطبّق عليها القانون الإسرائيلي ضمّت قديما 4 قصور أنشأها الأمويون على مساحة نحو 35 دونما (الدونم= ألف متر)، وتعكس هذه المباني اهتمام المسلمين والأمويين في الفترات الإسلامية المبكرة بالقدس والمسجد الأقصى.

وتطرق الباحث -في حديثه للجزيرة نت- إلى أهمية ومتانة التسويات التي بناها الأمويون لتتمكن من حمل المباني الضخمة وأبرزها المصلى القبلي في المسجد الأقصى والذي كان يتكون حينها من 15 رواقا.

ووفق الباحث، أقيم المسجد على جبل شديد الانحدار؛ قمته من ناحية مصلى قبة الصخرة حتى عين سلوان جنوبا، ومن يمين ويسار المصلى القبلي باتجاه وادي جهنم وطريق الواد، وساهمت التسويات المتينة في تحمل البناء العلوي؛ لكن الخطورة تكمن في العبث في منطقة التسويات وخاصة التسوية الجنوبية الغربية.

ومن هنا تنبع خطورة توقيت الإعلان عن عملية تسجيل الأراضي في تلك المنطقة بالسجل العقاري وفقا للباحث متاني؛ إذ أرادت إسرائيل من خلاله فحص ردود الفعل لتتقدم خطوات للأمام.

وقال الباحث إنه “لا يمكن أن يعرف أحد ماذا يحدث أسفل الأرض في منطقة التسوية الجنوبية وما إذا وصل الاختراق للمسجد الأقصى من هناك، خاصة أن هذه التسوية بعكس التسوية الشرقية المتمثلة بالمصلى المرواني، حيث لا يوجد لها بوابات مفتوحة”.

ويقول متاني إن الوصول إلى هذه التسوية متاح فقط من خلال البوابات القديمة في الجدار الغربي من منطقة القصور الأموية التي تتحكم بها إسرائيل. وفي ظل التعتيم على أعمال الحفر، هناك خطورة بالاعتداء على هذه التسويات.

أعمال مريبة

من ناحيته، قال مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس قبل أيام، إنه يتابع بخطورة بالغة الحفريات والأعمال المريبة والغامضة التي تقوم بها “سلطة الآثار الإسرائيلية” و”جمعية إلعاد الاستيطانية” منذ فترة في محيط المسجد الأقصى، خاصة من الجهتين الجنوبية والغربية الملاصقة للأساس الخارجي للمسجد في منطقتي حائط البراق والقصور الأموية وهي وقف إسلامي صحيح.

ورصد المجلس -كما جاء في بيان له- استعانة مجموعة من العمال بالجرافات وآلات الحفر الكبيرة للعمل بعجلة مريبة بمنطقة القصور الأموية والملاصقة للأساسات السفلية للمسجد، عبر تفريغ الأتربة وعمل ثقوب بجدران محاذية للسور الجنوبي، وعمليات تكسير مستمرة منذ أشهر لصخور أثرية مهمة؛ حيث يتم تحويلها لحجارة صغيرة بهدف إخفاء أثرها.

2-أسيل جندي، القدس، صورة عامة ملتقطة للمسجد الأقصى ومحيطه وتظهر بها منطقة القصور الأموية والتي يعبث الاحتلال بها منذ سنوات ويسعى الآن لتسجيل وتسوية ملكيتها(الجزيرة نت).JPG
صورة عامة للمسجد الأقصى ومحيطه وتظهر بها “القصور الأموية” التي يعبث الاحتلال بها ويسعى لتسوية ملكيتها لصالحه (الجزيرة)

رواية مرفوضة علميا

وبدأ هذا العبث، كما يؤكد الباحث متاني، منذ احتلال المدينة عام 1967؛ ضمن محاولة للبحث عن الآثار اليهودية وفق السردية “الصهيونية التوراتية”، ولم يتوقف حتى اليوم؛ “بل تتصاعد الاعتداءات في ظل التقاعس العربي وموجة التطبيع مع إسرائيل التي دفعتها للتمادي في انتهاكاتها”.

وفنّد الباحث الرواية الإسرائيلية التي تدعي أن ما تقوم به “حفريات أثرية”، قائلا “إن الحفريات العلمية المهنية تتم من الأعلى إلى الأسفل وتُفحص خلالها كل طبقة بشكل عميق، لكن ما يجري هو حفر أنفاق بهدف فرض أجندة ورواية، وهذا مرفوض قطعيا من الناحية العلمية”.

وقال “في السنوات الأخيرة تدخلت جمعية “إلعاد” الاستيطانية في الحفريات ببلدة سلوان على بعد أمتار من القصور الأموية والأقصى، واليوم يحال للجمعية هذا الملف؛ وهي المعروفة بتوجهها وسياساتها المدمرة للآثار واحتكارها للسردية الصهيونية ومحاولة تطبيقها على أرض الواقع”.

وفي المرحلة الحالية، تحاول إسرائيل فرض كامل سيطرتها على المكان من خلال معاملة منطقة القصور الأموية بشكل منفصل عن المسجد الأقصى باعتبارها مسؤولة عنها، ومن هنا أدخلت عملية تسجيل الأراضي وتسويتها إلى هذا الحوض.

ويؤكد الباحث عبد الرازق متاني أن مساحة كبيرة من منطقة القصور الأموية تُصنف كوقف إسلامي؛ كونها امتدادا لحارة المغاربة الملاصقة للسور الغربي للمسجد الأقصى. ودعا إلى ضرورة تفعيل الحراك الدولي للكشف بالتفصيل عما يتم العبث به في هذه المنطقة التي تعرّض سورها لانهيارات متتالية.

6-منطقة القصور الأموية الملاصقة للمسجد الأقصى والتي يحاول الاحتلال السيطرة عليها منذ سنوات وأحدث صيحات التهويد محاولة تسجيلها في الطابو(الجزيرة نت)
جانب آخر من منطقة القصور الأموية المستهدفة من الاحتلال (الجزيرة)

تعدٍّ على السيادة الأردنية

المحامي المقدسي مدحت ديبة عقّب على قرار وزارة القضاء الذي نشرته والقاضي بعرض حوض منطقة القصور الأموية للتسجيل والتسوية في سجلها العقاري، قائلا إن رفض تعاطي الأوقاف الإسلامية الأردنية مع الدوائر الإسرائيلية المختلفة قرار صائب.

وقال ديبة للجزيرة نت إن في التدخل الإسرائيلي بشؤون الأقصى تَعدٍّ صارخ على السيادة الأردنية عليه، وهذه الخطوة خطيرة تُترجم السيطرة الفعلية على المسجد.

المصدر : الجزيرة

أسيل الجندي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق