مقالات

إن كان لي في الدنيا رفيقة فأنا لا أهوى سوى يافا العتيقة

د.حنا عيسى

فلسطين .. أيقظت بداخلي  الحنين  لمدينة أنا منها مدينة يافا .. سمعت عنها ولم أراها في فلسطين الأبية ..ومعنى  يافا  وهي كلمة كنعانية .. هي فقط للعلم الجميلة)

تعتبر مدينة يافا من أقدم وأهم مدن فلسطين التاريخية ، تقع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط الى الجنوب من مصب نهر العوجا بنحو سبعة أميال ، وعلى ارتفاع 35 متر عن سطح البحر.حيث تعتبر إحدى البوابات الغربية الفلسطينية ، وتبعد عن القدس بحوالي 55 كيلومتر إلى الغرب ، وقد كانت لفترة طويلة تحتل مكانة هامة بين المدن الفلسطينية الكبرى من حيث المساحة وعدد السكان والموقع الإستراتيجي حيث يتم عبرها اتصال فلسطين بدول حوض البحر المتوسط وأوروبا وإفريقيا ، حتى تاريخ وقوع النكبة عام 1948 ، وتهجير معظم أهلها العرب.

أصل التسمية

ان الاسم الحالي “يافا” مُشتق من الاسم الكنعاني للمدينة التي تعني الجميل أو المنظر الجميل. وتشير الأدلة التاريخية إلى أن جميع تسميات المدينة التي وردت في المصادر القديمة تعبر عن معنى “الجمال”. هذا وإن بعض المؤرخين يذكرون أن اسم المدينة يُنسب إلى يافث، أحد الأبناء الثلاثة للنبي نوح، والذي قام بإنشاء المدينة بعد نهاية الطوفان.

المساحة والسكان:

قدر عدد سكان مدينة يافا حين سقوطها عام 1950 بنحو 120 ألف فلسطيني ، لكن لم يبق منهم بسبب التهجير سوى حوالي أربعة آلاف نسمة، بينما بلغ عدد اليهود نحو 50 ألف نسمة ، في حين قدر عددهم عام 1965 بنحو عشرة آلاف فلسطيني و90 ألف يهودي.

وقدر عدد السكان العرب في المدينة أواخر 2009 بنحو 15800 نسمة اما اليوم فيقدر بحوالي 25 ألف عربي و 120 الف يهودي في حين قدر عدد اللاجئين الذين تعود أصولهم إليها عام 1948 بنحو 472.368 نسمة. اما مساحتها فتزيد عن 17 الف كيلومتر مربع.

يجري في أراضي يافا الشمالية نهر العوجا على بعد 7 كم، وتمتدّ على جانبي النّهر بساتين الحمضيات التي جعلت من هذه البقعة متنزّهًا محليًا لسكّان يافا، يؤمونه في عطل نهايات الأسبوع وفي المناسبات والأعياد.

تاريخ المدينة:

أسس الكنعانيون المدينة في الألف الرابع قبل الميلاد، حيث كانت انذاك مركزا تجاريا هاما للمنطقة، حيث بدأ ساحل فلسطين في تلك الفترة يشهد وجود السكان الذين بدت لهم رابية يافا موقعا جذابًا،فازدهرت المدينة عبر العصور القديمة، كما كان في عهد الفراعنة الذين احتلوها وعهد الحكم الأشوري والبابلي والفارسي قبل الميلاد،وكانت صلتها مع الحضارة اليونانية وثيقة، ثم دخلت في حكم الرومان والبيزنطيين وكان سكانها من أوائل من اعتنق المسيحية. ومن أهم الأحداث التي شهدتها المدينة نزول النبي يونس شواطئها في القرن الثامن قبل الميلاد ليركب منها سفينة قاصداً ترشيش. ولما دخل الفتح الإسلامي إلى فلسطين فتح عمرو بن العاص يافا في نفس عام دخول عمر بن الخطاب القدس وفي العهد العثماني تأسس في يافا اول مجلس بلدي وبقيت مركزا تجاريا رئيسيا ومرفأ لبيت المقدس ومرسى للحجاج.

كانت يافا تعتبر قبل النكبة عاصمة فلسطين الثقافية، حيث كانت تحتوي على أهمّ الصحف الفلسطينية اليوميّة وعشرات المجلات ودور الطبع والنشر، إلى جانب احتوائها على أهم وأجمل دور السينما والمسارح والأندية الثقافية في فلسطين.

وفي عام 1950 ضمّت بلدية تل أبيب مدينة يافا لسلطتها،وأصبحت بلدية واحدة تسمى بلدية تل أبيب- يافا، ومنذ اللحظة الأولى وضعت بلدية تل أبيب- يافا مخطط تهويد المكان، فغيّرت كل أسماء شوارع مدينة يافا إلى أسماء عبرية لقيادات الحركة الصهيونية أو أسماء غريبة عن المكان لا تمتّ له ولتاريخه العربي العريق بأي صلة، كما عملت على تغيير الطراز المعماري للمكان من خلال هدم جزء كبير من المباني القديمة، وهدم أحياء وقرى بالكامل.

ضمت مدينة يافا قبل النكبة سبعة أحياء وهي :

البلدة القديمة : ومن أقسامها الطابية والقلعة والنقيب.
المنشية : وتقع في الجهة الشمالية من يافا.
ارشيد : وتقع جنوب حي المنشية.
العجمي : وتقع في الجنوب من يافا.
الجبلية : وتقع جنوب حي العجمي.
هرميشاهرميتي” : وتقع في الجهة الشمالية من حي العجمي.
النزهة : وتقع شرق يافا وتعرف باسم “الرياض” وهي أحدث أحياء يافا.

وهناك أحياء صغيرة تعرف باسم “السكنات” ومنها “سكنة درويش”و”سكنة العرابنة” و”سكنة أبو كبير” و”سكنة السيل” و”سكنةتركي”. ومن أبرز شوارع مدينة يافا شارع اسكندر عوض التجاري،وشارع جمال باشا، وشارع النزهة.

أما اليوم، فتتكون المدينة من 12 حي يسكن العرب في ثلاث منها هي: حي العجمي (الذي تم تجميع كل عرب يافا بعد النكبة فيه وإعلان الحي كمنطقة عسكرية مغلقة) وحي الجبلية جنوب حي العجمي وحي النزهة عند شارع جمال باشا. اما البلدة القديمة فخالية من السكان العرب ولكنهم يثبتون وجودهم هناك من خلال الكنائس والمساجد في هذا الحي إضافة إلى مسرح السرايا العربي المقام داخل الحي.

معالم المدينة:

المسجد الكبير أو مسجد المحمودية الكبير أو جامع يافا الكبير : ويقع المسجد في البلدة القديمة، ويتكون من دورين،ويمتاز بضخامته ويوجد بجواره سبيل ماء يعرف بسبيل المحمودية أو سبيل ماء سليمان باشا.
مسجد حسن بك : يقع مسجد حسن بك في حي المنشية، وهو يُعتبر الأثر المعماري الإسلامي والعربي الوحيد في الحي، بعد أن قام الاحتلال الإسرائيلي بهدم الحي بأكمله.
كنيسة القلعة : من أقدم الآثار المعمارية في المدينة القديمة ويوجد بجوارها دير. والكنيسة والدير تابعة لطائفة الكاثوليك.وهي من المعالم البارزة والمُميزة في “تل يافا” أو “تل البلدة القديمة”، ويمكن مُشاهدتها من مسافات بعيدة.
تل جريشة : وتقع شمال المدينة، وهي منطقة تشرف على نهر الجريشة، ويؤمها السكان في الأعياد والإجازات، وتمتاز بموقعها الجميل الذي تحيط به الأشجار.
تل الريش : تل يقع شرق المدينة، يبلغ ارتفاعه نحو 40 قدماً،وتحيط به بيارات البرتقال، والمباني الحديثة.
البصة : وهي أرض منخفضة، في موقع متوسط شرق المدينة،بها خزانات للمياه العذبة، وبها الملعب الرياضيالرئيسللمدينة، حيث تقام المهرجانات الرياضية للمدينة.
ساحة الساعة : أو “ساحة الشهداء” في وسط المدينة،وبجوارها “سراي” الحكومة والجامع الكبير، والبنوك، وتتصل بالطرق الرئيسية للمدينة، ويقوم وسطها برج كبير يحمل ساعة كبيرة. وقد شهدت هذه الساحة المظاهرات الوطنية والتجمعات الشعبية ضد الاستعمار والصهيونية، وعلى أرضها سقط العديد من الشهداء.
ساحة العيد : وهي جزء من المقبرة القديمة، حيث تقام الأعياد والاحتفالات في المواسم والمناسبات.
الحمامات القديمة : وهي التي تعرف بالحمام التركي، وهي قديمة العهد في المدينة وكان أشهرها يقع في المدينة القديمة.
المقابر “المدافن” : ومنها مقبرة العجمي القديمة، والمقبرة العامة، ومقبرة الشيخ مُراد، والمقبرة القديمة، ومقبرة سلطانة،ومقبرة تل الريش، مقبرة عبد النبي.
دور العبادة الإسلامية (المساجد) بالإضافة إلى المسجد الكبير، كان هناك جامع الطابية، وجامع البحر،جامع حسن باشا، وجامع الشيخ رسلان، وجامع الدباغ،وجامع السكسك، والذي حولته إسرائيل إلى مصنع للبلاستيك،وجامع البركة، جامع حسن بك في المنشية، وجامع ارشيد،وجامع العجمي، وجامع الجبلية.
دور العبادة المسيحية (الكنائس والأديرة  : كان في يافا 10 كنائس تمارس فيها الطوائف المسيحية طقوسها الدينية ولكل طائفة كنيستها الخاصة. والطوائف هي : طائفة الروم الكاثوليك، وطائفة الموارنة، وطائفة الأرمن، والطائفة الاسكتلندية، والطائفة اللوثرية، والطائفة الانغليكانية، بالإضافة إلى كنيسة باسم القديس جورج، وكنيسة باسم القديس أنطوني، وكنيسة باسم القديس بطرس للفرنسيسكان. أما الأديرة الثلاثة فهي مُلحقات بكنائس القديس أنطوني،والقديس بطرس، والقديس جورج التي سبق ذكرها. ومن الكنائس المشهورة في يافا، كنيسة المسكوبية وتعرف بطامينافي حي أبو كبير.
المزارات الدينية : ومن مزارات يافا مزار طامينا، ومزار الوليين الشيخ إبراهيم العجمي، والشيخ مُراد، ويعود تاريخهما لأيام المماليك.
ميناء يافا: يُعتبر ميناؤها أحد أقدم الموانئ في العالم، حيث كان يخدم السفن منذ أكثر من 4000 عام. لكن في عام 1965 تم إغلاق ميناء يافا أمام السفن الكبيرة، وتم استخدام ميناء أشدود بديلاً له، وما زال الميناء يستقبل سُفن الصيد الصغيرة والقوارب السياحية.

تشتهر يافا بالزراعة وبخاصةٍ زراعة الحمضيات ، حيث يتمتع البرتقال اليافاوي بشهرةٍ عالمية قديمة حيث كان يُصدر عن طريق ميناء يافا للكثير من دول العالم ، وتستغل إسرائيل هذه الشهرة حيث تصدر البرتقال إلى كافة أنحاء العالم وتميزه بملصقٍ يحمل الاسم  Jaffaوالذي أصبح علامةً تجاريةٍ مسجلة .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق