اخبار العالم العربي

(( تفاصيل وفاة ام عريس من عائلة حسونة )) شرين السلول

ما أصعب أن تبكيك الحياة وأنتَ في أقصى درجات السعادة، وأنت تجلس إلى جانب عروسك في يومك الموعود، تنتظر أن تطل أُمك التي تأخرت قليلاً لكي تقاسمك فرحتك، وتُكحل عينها بابنها البكر وهو يتوج شقاءها بتربيته حتى يصبح رجلاً وتراه بجانب عروسه.

أم عامر حسونة، حاكت في الرابع والعشرين من الشهر الجاري تفاصيل فرحة ابنها عامر بكل ما أوتيت من حبِّ وإخلاص، ورغم آلام قلبها التي تطاردها من حين لآخر، إلا أنها لم تعطِ للألم فرصة أن يقف في سبيل فرحتها وسعادة فلذة كبدها.

كان الموكب يومها منطلقاً من بيت العروس إلى صالة الفرح، حينما شعرت أم عامر التي تجلس بجانب ابنها وعروسه بضيق في التنفس، وتطلب أن تنتقل إلى السيارة التي تُقل زوجها كي لا تربك العريس وعروسه، وحدث ما أرادت حيث قرر أبو عامر أن يطمئن على زوجته وانطلق مسرعاً إلى مجمع الشفاء الطبي وسط مدينة غزة.

يروي أبو عامر القصة وحشرجةٌ تتعالى في صوته، وحزنٌ يخيم على الكلام الذي أصبح بطيئاً نوعاً ما ويقول: وصلنا إلى مجمع الشفاء الطبي حيث كان ابن أخي يقود السيارة، وتفاجئنا برجل أمن يطالبنا بأوراق السيارة بصورة مستفزة، لكنني بدأت بالصراخ عندما شعرت أن زوجتي بدأت تتهاوى ولم تعد قادرة على التنفس.

مشينا قليلاً في صالة الاستقبال في مجمع الشفاء، وإذ بأم عامر تسقط مغماً عليها، حيث هرع الأطباء إلينا وتم نقلها إلى العناية المشددة. يروى أبو عامر

ويتابع، “حاول الأطباء أن ينعشوا قلبها الذي كان يعاني منذ فترة طويلة من رفةٍ ومشاكل تطلب مراجعات طبية دائمة، إلا أن الجهاز الخاص بالإنعاش كان معطلاً، واضطر الأطباء أن يقوموا بالأمر بشكل يدوي، لكن زوجتي كانت قد فارقت الحياة، ولم أكن أدري ما العمل ولم أردي بنفسي وقتها”.

عامر الذي سبق والده ووالدته إلى صالة الفرح، ظنّا منه أن ما تعانيه أمه شيء خفيف وتعود في الحال، بدأ يتصل بوالده طالباً منه الإسراع كي يشاركه فرحته، ولم يكن يدرِ ما حلَّ بأمه بعد، حتى دخل أحد أقاربهم لصالة الفرح وأجهش بالبكاء والصراخ، وأطلق الخبر كزلزال في قلب عامر وكل المتواجدين.

“لم أدرِ كيف وصلت للمستشفى، كل ما أعرفه ذاك الوجع الذي أظن أن الموت أهون منه بكثير، انخلع قلبي وبدأت بالصراخ والبكاء، ولم أستفق إلا وأنا في البيت بعد أن فقدت الوعي، وفقد أمي الحنونة التي كان كل من يعرفها يعرف أنها مصدرٌ للبهجة، وفاكهة الحي، ولم تكن تدخل مكاناً إلا وتنشر السعادة فيه”، يروي عامر والألم يعتصر صوته.

فرحٌ انقلب لحزنٍ وألم وفراق شديد، كل ذلك لم يشفع لهذه العائلة المكلومة من أن تطالها الشائعات التي روجت لها بعض الوكالات الاخبارية الصفراء، ومن تناقل الخبر على وسائل التواصل الاجتماعي بصورة فجة ومزعجة للعائلة ولكل من يقرأها، ولم يراعوا مشاعر العائلة التي تعتصر ألماً على فراق الأم والزوجة والقلب الحنون.

وبكل أسى يشير أبو عامر، إلى أن الحزن فائض في القلوب ولا مجال لوخزة جديدة، متسائلاً “كيف لوكالات تسمى نفسها إعلامية أن تبث الشائعات، وتزيف قصة مؤلمة لتجعل منها مادة خبرية، متناسية مشاعر الناس وحزنهم على فقدهم؟”.

مقالات ذات صلة

إغلاق