مكتبة الأدب العربي و العالمي

من المطبخ إلى المسرح ( حياة بنت إيطالية )

ترجمة عبد الحفيظ الندوي

هل تعرفون هذه المرأة؟
لقد سخر منها الجميع في بلدها
ورفضوها، وأهانوها، ونبذوها…
فقط لكونها امرأة.
كان اسمها “غراتسيا ديليدّا”.
ولدت في تلال نورو الوعرة في سردينيا – وهي مجرد أرض علّمت الفتيات ألا يحلمن، بل أن يعملن في المطبخ .
في التاسعة من عمرها، طُردت من المدرسة.
قالوا إن البنت لا تحتاج إلى تعليم.
لكن غراتسيا لم توافق.
درست سرًا – غذّت عقلها بالكتب المستعارة،
وملأت روحها بالقصص التي لم تكتب بعد.
في سن المراهقة، نشرت قصتها الأولى في مجلة إيطالية .
لقد أسعدها ذلك.
لكن قريتها اعتبرته فضيحة.
امرأة؟ تكتب؟ يا له من عار !!
همس الجيران.
رفضها الكاهن.
حتى عائلتها عارضت…
قالوا إن مكان المرأة في المطبخ ، في المطبخ فقط .
وليس في الكتابة…
لكن غراتسيا صُنعت من شيء مختلف:
المثابرة.
كتبت عندما كان العالم نائمًا.
في الصمت، حلمت وخلقت الكلمات.
بعد سنوات، انتقلت إلى روما مع رجل آمن بها أكثر من أي شخص آخر:
اسمه بالميرو ماديساني.
لم يكن مجرد زوج.
كان درعها ومرساتها وقوتها.
كرههما العالم وسخر منهما ونبذهما –
امرأة كاتبة ورجل فخور بالوقوف وراءها – عندما سخر الكثيرون، أجابا بعناد صامت.
كتبت غراتسيا عن النساء القاسيات، والرجال المحطمين،
والمناظر الطبيعية البرية التي تعكس قلبها الذي لا يمكن كسره.
ذات يوم، انتبه العالم أخيرًا.
في عام 1926، أصبحت غراتسيا ديليدّا، الفتاة الصغيرة ذات التعليم الأساسي من سردينيا – أول امرأة إيطالية تفوز بجائزة نوبيل في الأدب.
عندما صعدت إلى تلك المنصة، لم تمشِ وحدها. بجانبها، يدا بيد، وقف بالميرو –
الرجل الذي عرف كيف يحب بلا خوف. لأن الحب الحقيقي لا يطلب منك أن تتقلص.
إنه يرفعك عندما يحاول العالم أن يسحبك إلى الأسفل…
نعم، لا ينبغي للمرأة أن تغير هدفها لأنها امرأة… يجب أن تحب بلا خوف، وتحب بصدق، وتحب من حولها بقلبها كله…
يجب أن تفكر نساؤنا وتعمل مثل غراتسيا ديليدّا.
إذا كان هناك من لا يعرف غراتسيا ديليدّا، فإليه موجز تعريفها …

غراتسيا ديليدّا (1871-1936) كانت أديبة إيطالية من سردينيا، تحدّت التوقعات المجتمعية التي قيّدت النساء في عصرها. على الرغم من طردها من المدرسة في سن التاسعة لأن “الفتاة لا تحتاج إلى تعليم”، إلا أنها ثابرت ودرست سرًا، وملأت روحها بالقصص.
نشرت أولى قصصها في سن المراهقة، مما أثار سخط قريتها التي رأت في كتابة المرأة عارًا. لكنها لم تستسلم. بمساعدة زوجها الداعم، بالميرو ماديساني، انتقلت إلى روما وواصلت الكتابة عن شخصياتها المعقدة وموطنها سردينيا.
في عام 1926، صنعت التاريخ عندما أصبحت أول امرأة إيطالية تفوز بجائزة نوبل في الأدب، لتثبت أن الإصرار والشغف يمكن أن يتجاوزا كل العوائق. تُعدّ ديليدّا رمزًا للمرأة التي تحب بلا خوف وتسعى لتحقيق أحلامها رغم كل التحديات.

مع كل الحب والتقدير…
مع الحب والاحترام…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق