مقالات

قراءة في كتاب القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (13)

بقلم: د. محمّد طلال بدران -مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلاميّة-

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
* العهد القديم (2)
– أصلُ الكتاب المُقدّس
توقفنا عند هذه النقطة في مقالة الأمس، وأصل الكتاب المقدس قبل أن يكون مجموعة أسفار تراثًا شعبيًا لا سند له سوى الذاكرة وهي العامل الوحيد الذي اعتمد عليه نقل الأفكار؛ -كما يقول بوكاي-
– يخلُص ادموند جاكوب إلى ما يلي:
يُحتمل أن ما يرويه العهد القديم عن موسى والآباء الاولين لا يتفق إلا بشكل تقريبي مع المجرى التاريخي للأحداث، ولكن الرواة كانوا يعرفون حتى في هذه المرحلة من النقل الشفهي كيف يُضفون الأناقة والخيال حتى يربطوا بين أحداث شديدة التنوع، وقد نجحوا في تقديم هذه الأحداث المختلفة في شكل حكاية لما حدث في أصل العالم والانسان، ويستطيع العقل النقدي أن يراها في نهاية الأمر..”
– ويضيف جاكوب: هناك قانون الذي تُنسب كتابته إلى يد الله نفسه، أي الوصايا العشر وهي منقولة في العهد القديم في روايتين: الأولى في سِفر الخروج، والثانية في سفر التثنية وروح الوصايا في النصين واحد ولكن الاختلافات النصية واضحة.. ويضيف انه بفعل الرغبة في تدوين الوثائق قد تكونت الارشيفات التي أتت بالوثائق التي استخدمت بعد ذلك عند تحرير المؤلفات النهائية التي أدت إلى الكتب التي في حوزتنا اليوم، وبهذا الشكل أيضًا تختلط في كل كتاب انواع أدبية متنوعة، وما على المتخصصين إلا أن يبحثوا في دوافع تجميع هذه الوثائق المتنافرة، ومن المهم أن نُقارب بين عملية تكوين هذا المجموع المتنافر من النصوص الذي يُشكّل العهد القديم والذي اعتمد اولا على النقل الشفهي.. ويخلُص إلى الحقيقة التالية: يمكن عن حق الاعتقاد في حقيقة الخلق وفي إعطاء الله الوصايا لموسى -عليه السلام- وفي تدخّل الله في شؤون البشر في عصر الملك سليمان؛ -هم يدَّعون أنه ملِك ونحن المسلمون نعتقد بنبوءته ورسالته، وأن الله أعطاه أيضًا المُلك الذي ورثه عن ابيه داوود عليه السلام- على سبيل المثال، كما نرى وجوب خضوع تفصيل وصف الأحداث لنقدٍ صارمٍ، ذلك أن مساهمات البشر في تدوين التراث الشفهي الأصلي كبير حقًا؛ – وهذا يعني أن جاكوب يخلص إلى القول أنه لا يمكن الجزم على الإطلاق أن مضامين ونصوص العهد القديم مصدرها الله تعالى، إنما الذي كتبها ونقلها بشر وهذا يقود إلى حتمية وجود التناقض في تلك النصوص، ولذلك فلا بد من خضوعها إلى النقد والبحث من قِبَل أهل الاختصاص وهذا يعني أنها ليست مسَلّمات لأن من صاغها بشر على هواهم وكما رغبوا وأرادوا.. وحديثنا في مقالة الغد بمشيئة الله حول أسفار العهد القديم، فكونوا على موعدنا المتجدد بارك الله فيكم.
– مقالة رقم: (1602)
06. ذو القعدة. 1445 هـ

د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق