شعر وشعراء

في علم العروض / بقلم خالد خبازة

لغتنا الجميلة

في علم العروض و القافية

البحث الرابع

” السناد ” أحد عيوب القافية

كنا تتبعنا في المقالات السابقة ، و تحدثنا عن حروف القافية ، ثم تحدثنا عن عيوبها ومنها كما ذكرنا ” الاقواء ” و هو تغيير في حركة الروي بين أبيات القصيدة .
و قد ضربنا لذلك مثالا من النابغة الذبياني .

و تأكيدا للموضوع ، و للتذكير بهذا العيب ٌ و أفصد ” الاقواء ” و الذي يجب على الشاعر تلافيه ، نضرب مثالا آخر ، وهو عن القرزدق حيث يقول مادحا الخليفة عبدالملك بن مروان :

مستقبلين شمال الشام تضربنا … بحاصب كنديف القطن منثورِ
على عمائمنا تلقى و أرجلنا … على زواحف تزجى مخها ريرُ

و كلمة رير : تعني رقة في المخ .

نلاحظ أن لفظة ” منثور ” جاءت في البيت الأول ( على الخفض ) و أن لفظة ” رير ” جاءت في البيت الثاني ( على الرفع ) و هذا عيب لا يجوز

قال ابن أبي اسحق للفرزق مشيرا الى لفظة رير : أسأت ! فموضعها رفع .. وان رفعت ، أقويت ( مشيرا الى عيب الاقواء ) .
عندها قام الفرزدق بتغيير عجز البيت على الشكل التالي :

على زواحف تزجيها محاسيرِ

حيث أتي بلفطة مخفوضة الروي لتتناسب مع روي البيت الأول .

أما عيب ” السناد ” فهو تغيير حركة الحرف الذي يسبق حرف الروي مباشرة ، وهو عيب يقع فيه الشعراء ، كثيرا ، و أرى انه يمكن التجاوز في بعضه ، و لا يجوز في البعض الآخر .

وهوعلى أنواع .. لن نتحدث عنها و انما سنضرب أمثلة على بعضها و التي يقع فيها كثير من الشعراء ، كقول البعض :

يقول الكسعي – وللكسعي هذا .. قصة طويلة مع قوس له قام بالصيد بها ليلا ..وظن أنها أخطأت الصيد.. فقام بكسرها .. ولما جاء الصباح وجد ان الصيد كان صحيجا فندم ندامة شديدة . وهذا يذكرنا ببيت الفرزدق عندما قام بتطليق زوجته ” النوار ” حيث يقول :

ندمت ندامة الكسعي لما … غدت مني مطلقة نوار

ونعود لموضوع السناد . يقول الكسعي :
:

ندمت ندامة لو أن نفسي … تطاوعني اذن , لقطعت خمسي

أي لقطع أصابعه الخمس

ثم يقول في البيت الذي بعده :

تبين لي سفاه الراي مني … لعمر أبيك حين كسرت قوسي

فحرف الواو في لفظة ” قوسي ” في البيت الثاني ، هو حرف صوتي جاء قبل حرف الروي ، في حين أن البيت السابق له ، لا وجود للحرف الصوتي المذكور وانما جاء محله جرف صامت ، هو حرف ” الميم ” في لفظة ” خمسي ”

فهذا العيب لا يجوز ’ ويجب الابتعاد عنه

هناك مثال آخر على السناد في قول النابغة الذبياني :

فبت كأني ساورتني ضئيلة … من الرقش في أنيابها السم ناقِعُ

ثم يقول :

بمصطبحات من لصاف و ثبرة … يزرن ألالًا ، سيرهن التدافُعُ

الضئيلة : هي الحية .

فلفظة ” ناقع ” في البيت الأول ، حرف القاف فيها جاء ( على الخفض ) في حين أن حرف الفاء في البيت الثاني بلفظة ” التدافع ” جاء ( على الرفع ) .. و باعتبار أن كلا الحرفين السابقين لحرف الروي مباشرة , هما حرفان صامتان .. فيمكن التجاوز عن هذا العيب

و هناك أنواع كثيرة الخوض فيها عميق و شاق .. ولكن ما ذكرت هو الأكثر استعمالا ويقع فيه الكثير من الشعراء , بما فيهم فحولهم .

أرجو أن أكون قد وفقت في ايصال المعلومة .

…..
خالد خبازة

مقالات ذات صلة

إغلاق