ثقافه وفكر حر

روائي ورجل دين على رف الكتب

كتاب "سوسيولوجيا الهوية: جدليات الوعي، والتفكك وإعادة البناء" يفكك سؤال الهوية والثقافة.

لوحة: فادي يازجي

في كتاب “بماذا يؤمن مَنْ لا يؤمن؟” يجادل الفيلسوف والروائي الإيطالي الراحل أومبرتو إيكو، الكاردينال وأحد كبار وجوه الكنيسة الكاثوليكية كارلو ماريا مارتيني، في قضية الإيمان.

وقد ترجمت الكتاب، الصادر عن منشورات المتوسط بإيطاليا، عن اللغة الإيطالية المترجمة أماني فوزي حبشي، وقام الباحث سامح حنّا بمراجعة المادة العلمية في الكتاب كما تولى التقديم له.

ويرى في تقديمه أن هذا كتاب غريب في بابه، وفي ما يطمح إليه. والغرابة هنا ليست بالنسبة إلى الثقافة الغربية (الإيطالية في هذه الحالة). بل هو غريب على ثقافتنا العربية. إذ تعوَّدنا أن نرى حوارات أديان، يشترك فيها -غالبا- رجال (وليس نساء) دين، يتبنَّون عقائد مختلفة، ويجلسون إلى مائدة الحوار بحثا عن المشتركات.

ومن ناحية أخرى ما زالت ذاكرتنا الجَمْعِيَّة تحتفظ بحوارات، تقترب من هذا النوع عندما كتب إسماعيل أدهم كتابه الشهير في ثلاثينات القرن الماضي تحت عنوان “لماذا أنا مُلحِد؟”، ليردَّ عليه الشيخ محمَّد فريد وجدي بكتاب، عَنْوَنَهُ “لماذا أنا مؤمن؟”.

حسن الحظ أنهم نهبونا

في كتابه الجديد بعنوان “تحطيم الثماثيل في فضاءات العالم العامة” يرى الشاعر والناقد الفني العراقي شاكر لعيبي أن مادة تاريخ الفن تغيب عن غالبية معاهد ومدارس وثانويات العالم العربيّ. وتحضر فقط في المعاهد والأكاديميات المتخصصة وإنْ بشكل منقوص.

ويتساءل من أين إذنْ ينبثق تقدير ومعرفة وذوق الجمهور العريض بأهمية آثاره الفنية التاريخية، بل بمنجزات معاصريه؟ مضيفا “دعونا من مزاعم الوسط الثقافيّ العريض بهذا الشأن، فهي في الغالب محض أفكار قيمة لا سوق لها”.

ويستشهد لعيبي في كتابه، الصادر عن دار خطوط وظلال، بتحطيم السلفيين والإرهابيين للتماثيل الذي استُقبل بتنديد وطنيّ، ليس لجهة أهميتها الجمالية الفائقة، ولكن لكونها وثيقة تاريخية في المقام الأول وموضع اعتزاز قوميّ، وهذا الأمر على أهميته يكشف عن سيادة الوعي بالفن بصفته (وثيقة) أكثر من كونه (إبداعا) جماليا.

“ولحسن الحظ، حظنا نحن، أن علماء الغرب وتجاره قاموا بنقل ونهب آثار من أرض النيل، وبلاد الرافدين، وقلاع اليمن، وغيرها، وهي اليوم محفوظة في متاحف فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وتركيا وغيرها”.

الهويات والوعي القطيعي

يفكك كتاب “سوسيولوجيا الهوية: جدليات الوعي، والتفكك وإعادة البناء” للباحث اللبناني عبدالغني عماد سؤال الهوية والثقافة الذي شغل السوسيولوجيين والأنثروبولوجيين والفلاسفة ولا يزال، حيث “لا تتشكل الهويات من العدم أو الفراغ”، بل إنها “سيرورة انبنائية باحثة عن التجانس والاندماج في إطار الجماعة، وهي إذ تنضج وتستكمل تشكلها، تستقر في الوعي الاجتماعي حاملة السمات الأساسية التي تميّز الجماعة عن غيرها، وهي سمات تتحدد ضمن علاقات التماثل والاختلاف وتعكس ارتباط الإنسان بالآخرين وتميزه عنهم فى الوقت نفسه”.

كما يطرح الكتاب، الصادر عن “مركز دراسات الوحدة العربية”، رؤية مؤلفه لما آلت إليه الهوية والثقافة في عالم يزداد تعولما وتفككا، وهو ما يتجلى في أكثر من مكان، وعلى نحو كارثي في الوطن العربي حيث انفجرت عصبيات، وتضخمت هويات طائفية ومذهبية وإثنية، وتحولت إلى ما يشبه “الوعي القطيعي”، حتى بدأت تتحول إلى سياج لا يسمح للعقل بأن يخترقها، ولـ”الجماعة” بأن تخرج عن طوقه.

المصدر العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق