شعر وشعراء
قرن فلفل / للشاعر جواد يونس
قرن فلفل
قالت وقد غَصَّت بقرنِ الفُلفُلِ: *** نارٌ حرارتُها تفوق تحمُّلي
هذي لظى حرق اللسانَ لهيبُها *** فالماءُ لم يطفئهُ رُغمَ تبلُّلي
هي قَضمةٌ ما ثُنِّيَتْ، فإذا بها *** تجري دموعي مثلَ ناقفِ حنظلِ
وظللتُ أعطسُ مثلَما مزكومةٍ *** والأنفُ أوشكَ أن يسيلَ كجَدولِ
لو كنت أعرفُ ما سيجري لي لما *** كانَ الذي قد كانَ بعدَ (تبهدُلي)
فضحكتُ من قلبي، وقلت لها: لقد *** حذَّرتُ، لكن لم يَرُقكِ تدخُّلي
وعمِلتِ فيها لَبوَةً غزِّيَّةً *** فُطِمَت على (بُوري) وقرنَي فُلفُلِ
=====
هذي تقاليدُ الفلسطينيِّ، ما *** مِن طبخَةٍ مع فُلفُلٍ لم تُؤكَلِ
معَ فتَّةِ العدسِ الشهيِّ قرونُهُ *** تزهو إذا حضرت وصحنَ مُخلَّلِ
ومع المشاوي لا غنى غنهُ، وكم *** بِلظى المواقدِ راحَ قرنٌ يَصطلي!
قلّايةُ البندورةِ الحمراءِ، ما اكتملت بغيرِ الأخضرِ المُتَسلِّلِ
وتراهُ في السَّلَطاتِ مَعْ (مَقلوبَةٍ) *** وخُوانَ من عشِقَ (المُسَخَّنَ) يعتَلي
وعنِ (المناسِفِ) لا يغيبُ، ولا إذا (المفتولُ) عمَّ شذاهُ كُلَّ المَنزلِ
وتراهُ مَعْ طاجِ (الرُّقاقةِ) جالسًا *** ومعَ (الجَريشِ)، وقربَ صحنِ (البُرغُلِ)
وتراهُ والليمونَ معْ زيتونِنا *** في المرطبانِ كصاحبٍ لم يَخذُلِ
أما اللَّهيبُ فقد ألِفناهُ، كما *** قد أدمنَ الآلامَ قلبُ المُرسَلِ
====
جربتِ طعمَ النارَ فلْتَتلطَّفي *** بي إذ حرقتِ القلبَ رغمَ توسُّلي
وترفَّقي بفؤادِ صبٍّ مُدنَفٍ *** كقصيدهِ في العِشقِ لمَّا يُغزَلِ
بذَّ الفحولَ بصدقهِ ووفائِهِ *** إنَّ الخداعَ على الوَرى لا ينطلَي
لكمِ اصطبرتُ على بِعادكِ! إنَّما *** قد عيلَ صبري بعدَ طولِ تجمُّلِ
سيظلُّ قلبي في جهنَّمِ بُعدِنا *** حتى أراكِ مليكةً في مَنزلي
الظهران، 18.1.2019 جواد يونس