شعر وشعراء
حلمٌ معاقٌ / شعر جواد يونس
سنحتفل بذكرى يوم مولدك 18.2.1996 وإن كنت لا تعي معنى الاحتفال. قدر الله وما شاء فعل، والحمد لله ثم الحمد لله على كل حال.
===============
حلمٌ معاقٌ
دُموعُ الْقَلْبِ تَسْتَبِقُ اسْتِباقا *** وَلا بابٌ لِتَشْكُوَ الِانْغِلاقا
وَما قَدَّتْ قَميصَ الصَّبْرِ، لكِنْ *** تَرومُ الرّوحُ مِنْ جَسَدي انْعِتاقا
وَلا أَبْكي عَلى حُبٍّ مُضاعٍ *** وَلا طِفْلُ الْحَنينِ بِيَ اسْتَفاقا
رَثَيْتُ بِأَدْمُعِ النّاياتِ بِكْري *** وَلَمّا يُعْلِنِ الْمَوْتُ الْفِراقا
وَما مِنْ مُثْخَنٍ بِالْحُزْنِ قَبْلي *** عَلى مَنْ لَمْ يَمُتْ شِعْرا أَراقا
وما مِنْ شاعِرٍ قَبْلي رِثاءً *** لِمَحْبوبٍ لَهُ حَيٍّ أَطاقا
جَعَلْتُ ضَريحَهُ وَسْطَ الْقَوافي *** فَما كَنَخيلِها زَرَعوا عِذاقا
وَكَيْ يَبْقى قَريبًا مِنْ أَبٍ إِنْ *** يَغِبْ أَوْلادُهُ ذابَ اشْتِياقا
نَزَفْتُ الشِّعْرَ مِنْ أَحْداقِ قَلْبي *** وَأَشْجى الشِّعْرِ ما أَدْمى الْحِداقا
وَفي صَدْري قَصائِدُ لَوْ تَلاها *** عَلى الصَّوانِ لَانْفَلَقَ انْفِلاقا
تَراني باسِمًا وَالْقَلْبُ يَبْكي *** كَقَلْبِ الْقُدْسِ إِذْ يَبْكي الْعِراقا
وَما كُلُّ الَّذي نُبْدي رِياءً *** وَلا كُلُّ الَّذي نُخْفي نِفاقا
وَلا أَبْكيهِ مِنْ بَرَمٍ بِحُكْمٍ *** لِرَبٍّ كانَ ما يَجْزي وِفاقا
وَلكِنْ فاضَ دَمْعي رُغْمَ صَبْري *** فَهَدَّ السَّدَّ وَاخْتَرَقَ النِّطاقا
يَعِزُّ عَلَيَّ حُلْمٌ كانَ بَدْرًا *** فَصارَ ، وَقَدْ ذَوى أَمَلي، مُحاقا
أَرى وَلَدي يَذوبُ أَمامَ عَيْني *** كَشَمْعٍ زادَهُ النّورُ احْتِراقا
أَراهُ كَوَرْدَةٍ ذَبُلَتْ رُوَيْدًا *** رُوَيْدًا وَالصَّفارُ بِها أَحاقا
وَقَلْبي كَمْ تَقَطَّعَ إِذْ أَراهُ *** كَمَيْتٍ لَفَّ فَوْقَ السّاقِ ساقا!
جَرَعْتُ الصّابَ كَأْسًا بَعْدَ كَأْسٍ *** إِذا ما ثاكِلٌ ذا الْكَأْسَ ذاقا
فَلا تَعْجَبْ لِصَبّي الشِّعْرَ صَبًّا *** فَكَأْسُ الْحُزْنِ قَدْ كانَتْ دِهاقا
وَما كَالْحُزْنِ يوحي بِالْقَوافي *** لِفَحْلٍ صَدْرُهُ الْمَهْمومُ ضاقا
تُكَبِّلني بَناتُ الدَّهْرِ لُؤْمًا *** وَكَمْ شَدَّتْ عَلى روحي الْوَثاقا!
وَلكِنْ يَرْبِطُ الرَّحْمنُ لُطْفًا *** عَلى قَلْبٍ إِلى لُقْياهُ تاقا
صَبَرْتُ وَأُمَّهُ عِشْرينَ عامًا *** بِها الْأَفْراحَ نَسْتَرِقُ اسْتِراقا
وَلَمْ أَرَ عِنْدَ مَنْ صَبَروا اصْطِبارًا *** كَأُمٍّ لازَمَتْ وَلَدًا مُعاقا
فَما مَلَّتْ رِعايَتَهُ ، وَلكِنْ *** رَأَتْها نَحْوَ جَنَّتِها بُراقا
وَكُنْتُ إِذا وَهَنْتُ وَخارَ عَزْمي *** تُذَكِّرُني بِما أَيّوبُ لاقى
فَأَخْجَلُ مِنْ تَجَلُّدِها وَضَعْفي *** وَإِنْ فاقَتْ بِرِقَّتِها الرِّقاقا
أَراهُ حينَ تُطْعِمُهُ بِعَطْفٍ *** بِها كَالطِّفْلِ يَلْتَصِقُ الْتِصاقا
وَعَيْناهُ تُقَبِّلُ ناظِرَيْها *** وَجَفْناهُ يُطيلانِ الْعِناقا
كَمِ انْتَظَرَتْ بِشَوْقٍ قَوْلَ ” يَمّا”! *** وَكَمْ أَمَلٍ لَنا انْسَحَقَ انْسِحاقا!
تَراهُ صامِتًا وَتَرى أَخاهُ *** وَقَدْ بَزَّتْ فَصاحَتُهُ الرِّفاقا
تَراهُ مُقْعَدًا وَأَخوهُ يَعْدو *** يَهُزُّ بِرِفْقَةِ الصَّحْبِ الزِّقاقا
فَتَخْتَلِطُ الْمَشاعِرُ في فُؤادٍ *** بِهِ مَكْرُ اللَّيالي السّودِ حاقا
تُقَبِّلُ رَأْسَهُ وَالدَّمْعُ يَجْري *** كَأَفْراسٍ إِذا دَخَلَتْ سِباقا
وَكَمْ كانَتْ تَتوقُ لِعُرْسِهِ ، إِذْ *** تَقولُ: أَعِدَّ لِلْمَهْرِ النِّياقا!
وَكَمْ صَبَرَتْ عَلى شَظَفٍ بِعَيْشٍ *** قَساوَتَهُ نَبِيٌّ ما أَطاقا!
وَكَمْ شَكَرَتْ إِذِ الرَّحْمنُ أَغْنى *** أَبا أَبْنائِها وَالْخَيْرَ ساقا!
وَكَمْ صَبَرَتْ عَلى نَزَقي وَحُمْقي *** وَما طَلَبَتْ ، لِتَرْتاحَ، الطَّلاقا!
وَما كُلُّ النِّساءِ بَناتِ أَصْلٍ *** وَما كُلُّ الَّتي صَهَلَتْ عِتاقا
سَأَلْتُ مَنِ الْجِبالَ الشُّمَّ أَرْسى *** وَأَنْشَأَ فَوْقَها سَبْعًا طِباقا
بِأَنْ يَشْفيْ ابْنَنا مِنْ ركُلِّ سُقْمٍ *** وَلا يُبْقيْ لَنا حُلْما مُعاقا
الظهران، 21.2.2017 جواد يونس
مزيدة ومنقحة، 18.2.2018