مقالة رائعةً للدكتور محمد خليل رضا (تحديات أخذ العيّنات من الجثث المجهولة من أصحابها لفحص الحمض النوّوي “D.N.A” وأهمية البطاقة الجينية الوطنية للحمض النوّوي “F.N.E.G” في غزة الصامدة.. ولبنان.. وماذا عن أنواع الحمض النوّوي؟! وباختصار شديد جدا)
وأيضاً من جملة التحديات والصعوبات و”الكباش” المخبري والعلمي والطبي الشرعي والإنساني والضميري والشرعي والقانوني والواقعي و… هو تحديد الحمض النوّوي لأطفال، وبعض أفراد العائلة الذين كانوا مشتتين جغرافياً وميدانياً ومن زاوية السكن والإيواء ويتنقلون من مكان إلى مكان آخر أمّن هرباً من المجازر والإبادة الجماعية “بالجملة والمفرّق” كما كان الحال في مدينة غزة الصامدة والشجاعة والصابرة والمُحتسبة والمتألمة والمظلومة حتى من ذوي القربى والذين تربطهم معهم روابط الدين والدم، والجغرافيا والانتماء و… في الدول العربية والإسلامية.. والصمت العالمي الرهيب والمقلق والمحيّر و… وعدّاد الشهداء والجرحى بعشرات عشرات الآلاف وماذا عن الجثث المتواجدة تحت الركام والخراب والدمار ربما قد أُذيبت وتحلّلت والطيور الكاسرة والجارحة والحيوانات المفترسة نهشت ونتشت ونقلت أجزاء منها من وإلى جغرافيا مجهولة؟ داخل غزة؟! أم إلى داخل فلسطين المحتلة؟! الله أعلم؟!
← فكيف لمن بقّي على قيد الحياة من هؤلاء الأطفال وبعض أفراد العائلة أن يأخذوا عيّنات من أهلهم، وآباءهم وأمهاتهم و… والذين تفحّمت جثثهم وتشوّهت وتحلّلت والله سبحانه وتعالى والذي رفع السماء بلا عمد يعرف أين هي بقايا أطرافهم المبتورة، وعظامهم المتطايرة ورؤوسهم التي قُذفت وتناثرت أشلاء و.. إلى بُعد عشرات ومئات الأمتار وربما الحيوانات المفترسة والطيور الكاسرة والجارحة والقوارض أكلت ونقلت بقايا وأشلاء هذه وما تبقى من الجثث من جغرافيا إلى أخرى مُعلنة أنها تمردت وقهرت وتحدّت العلم والطب الشرعي ومختبرات وتقنيات الحمض النوّوي “D.N.A” أنتعريف الجثة “CRÂNE+POST” بمعنى الجمجمة (الرأس، الوجه) وباقي أقسام وأجزاءالجثة من صدر، وظهر، وبطن وحوض، والأطراف العليا على الجهتين مع عظامهم كاملة، والأطراف السفلى اليمنى واليسرى مع كامل عظامهم. وكامل محتويات الأحشاء و… كان من الماضي.. ولا أثر له الآن؟!.. عند بعض الضحايا والذين شُطبوا جميعاً من السجل المدني.. والأحوال الشخصية.. ولا أثر لهم بعد الآن. فماذا العمل أيها العلم الحديث؟!!
← فمن أين تُؤخذ عيّنات للحمض النوّوي“D.N.A” لمقارنة النتائج وإرسال نموذج من نفس هذه العيّنات إلى داخل مختبرات غزة (أتكلم بشكل عام وساعد الله أهالي غزة في هذه الظروف الصعبة والحرجة والضاغطة والإنسانية.. وهذا تحدّي آخر من أخذ العيّنات للحمض النوّوي للجثث المجهولة والمتناثرة والمتفحّمة والمتحلّلة والمبتورة و…) ونموذج آخر نرسله إلى خارج غزة عبر الصليب الأحمر الدولي ومنظمة الصحة العالمية “O.M.S” ومندوب من وزارة الصحة في غزة يكون متواجد ميدانياً للمصداقية والإشراف وتُرسل إلى إحدى الدول في الخارج لمقارنة النتائج؟ وللقوطبة على “التحقيق في الطب الشرعي”
“EXPERTISE MEDICO-LEGALE” و”التحقيق المضاد في الطب الشرعي” “CONTRE EXPERTISE MEDICO-LEGALE“.
وكذلك يجب تصوير الجثث شعاعياً لأكثر من سبب وسبب. وكذلك وأتكلم بشكل عام تزويد فرق الطب الشرعي، والأخصائيين في علم الأنسنة الطبي الشرعي أكرّر وأتكلم بشكل عام بصور شخصية لكل ضحية تظهر شكل ونموذج الجمجمة (الرأس، الوجه) لأنه توجد عدة أشكال للجمجمة: 1- الدائري 2- البيضاوي 3-المستطيل 4- المربع 5- شبه المنحرف “TRAPEZE” القاعدة الكبرى أكبر من القاعدة الصغرى، وبالعكس. 6- المعين “LOSANGE“. وأيضاً وأيضاًصورة كاملة حتى ولو كانت قديمة لكل ضحية تظهر طوله أو قصره.. تساعدنا في تعريب الجثث والهياكل العظمية إذا كانت لجثة كاملة ونرقّم ذلك.. وأكرّر نأخذ عيّنة للحمض النوّوي من أيّ مكان من الجثة.. لكن الصعوبة إذا كانت الجثث مقطّعة، ومبعثرة، ومشوّهة، ومحترقة ومتحلّلة ومتناثرة في جميع الجهات وبقطر معين وبالأمتار أو بعشرات الأمتار. ففي هذه الحالات المعقّدة، والصعبة والمجهولة المعالم و.. نأخذ عيّنتين من كل واحدة من هذه الأشلاء وبقايا الجثث والعظام و.. ونرسلهم إلى مختبرين في الداخل (في غزة أكرّر أتكلم بشكل عام ولنعطي هيبة ومصداقية “ورّد جميل” و.. لما كنا قد درسناه في الجامعات ومعاهد الطب الشرعي إننا نعمل هكذا.. ونقطة على أول السطر؟!).
← وإلاّ إذا تعذّر ذلك تدفن الجثث كوديعة في إحدى المقابر مع ترقيم الجثث و… ليُبنى على الشيء مقتضاه.. والاّ يوجد في الطب الشرعي ما يُطلق عليه “نبش القبور واستخراج الجثث وتشريحها ومعاينتها من جديد” “EXHUMATION“.
← لهؤلاء الضحايا إن كان البعض منهم جريح وعلى قيد الحياة ومقارنتها بعيّنات مثلها.. وأين هي أمه؟ وأين هو أباه وأين هو عمه، وخاله وجده وجدته و.. فجميعهم استشهدوا في أماكن كما أشرت جغرافية لا يعلم أحد موقعها وفُتات وأشلاء. أجسادهم وأجسادهن المحروقة والمتفحّمة والمتحلّلة، والمتعفنة، والمتآكلة والمشوّهة والمخيفة و… إلاّ خالقهم.. والله سبحانه وتعالى.. “وبلى قادرين على أن نُسّوي بنانه” قرآن كريم – صدق الله العظيم –سورة القيامة آية “رقم 4”.
← ولسان حال صدى أرواحهم وملائكتهم الموجودة وبقوة والشاهدة على الإبادة الجماعية لهم من قبل “إسرائيل”. يرّدد.. وصدى الأصوات تتلاشى وبذبذبات متفاوتة “حسبنا الله ونعم الوكيل..”.
← ولو كان في غزة والدول العربية والإسلامية لا بل في جميع العالم البطاقة الجينيّة الوطنية للحمض النوّوي “FISCHIER NATIONALE EMPREINTE GENETIQUE” “F.N.E.G“لوفرنا الكثير من الوقت وبالتالي لم تعد أمامنا تحديات ومطبات وخلل وثغرات وتساؤلات عن الجثث المجهولة وأشلاءها وبقاياها المتطايرة في قطر بعشرات الأمتار.. لكانت خُزنت في حواسيب الوزارات ذات الصلة، نجمعها وندقق في كل عظمة بعظمة وأشلاءها إذا كانت الجثث وما تبقّى منها مبعثرة ومتواجدة في الجهات الأربعة ميدانياً (شمال، جنوب، شرق، غرب) حيث أصابها صاروخ أو قذيفة أو مسيّرة إسرائيلية وقتلت واغتالت ودمرت و… دراجة نارية؟ أو رابيد؟ أو غرفة ومنزل جاهز للسكن من البيوت الجاهزة والتي وصلت وقُدمت هبة ومساعدات من بعض الدول وجمعيات إنسانية وهيئات حقوقية… (إلى لبنان مثلاً وغيره..)
← فالجثة الكاملة أو الهياكل العظمية المرتبطة جيداً بالأوتار والأربطة ومتماسكة وليست منفصلة.. هنا نحن أمام جثة كاملة؟ نأخذ عيّنات من الحمض النوّوي “D.N.A” من أي مكان من الجثة والجثة هنا هي هيكل عظمي كامل ومتكامل وغير ناقص.
← أما إذا كانت الجثة مقطّعة وأشلاءها وأطرافهاوأحشاءها متطايرة ومبتورة وصغيرة أو متوسط الحجم ومشوهة نأخذ عيّنة من كل واحدة منها.. وهنا التحدّي بعينه لجهة الوقت وإصدار النتائج وإلحاق هذه الأشلاء وما يتبقّى منها وتجميعها إذا أفلحوا الأطباء الشرعيين الأصليين وليس منتحلي الصفة؟! والمتخصصين في علم الأنسنة الطبي الشرعي “ANTHROPOLOGIE MEDICO-LEGALE” الذين يُحدّدوا هل هذه العظام هي بشّرية أو حيوانية المصدر؟ والجنس لرجل أو امرأة و.. والعمر العظمي لكل منها “AGE OSSEUX“.. ومعايير أخرى ذات الصلة وبالعمق والفحوص المناسبة لكل حالة بحالة. قلت إذا أفلحوا.. والانتظار الزمني المملّ هو سيّد الموقف؟! أكرّر هذا هو التحدّي الأكبر والمهم بأمه وأبيه؟!!!.
← ونرجع ونكرّر إلى أهمية البطاقة الجينية الوطنية للحمض النوّوي “F.N.E.G“. في هذه الظروف العصيبة والقاسية في الحروب المتنقلة جغرافياً سواء في مدينة غزة بفلسطين المحتلة، أو في جنوب لبنان ومناطق أخرى من العالم ولتاريخه ما يسمى “بدولة إسرائيل” تحتفظ بأسرى والعديد من الجثامين لشهداء لبنانيين (هذا في لبنان..) الذين سقطوا وأسروا في الحرب الإسرائيلية المدمّرة على لبنان والتي استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر من شهر أيلول “سبتمبر” 2024 مروراً بباقي الأشهر ولتاريخه فقد سُجل أكثر من أربعة آلاف خرق للسيادة اللبنانية من قبل القوات الإسرائيلية من خلال المسيّرات والتي توُز وز في الجو وتؤثر على قدرة السمع عند اللبنانيين والمتواجدين على الأرض اللبنانية (تخطيط لسمع اللبنانيّين “AUDIOMETRIE” للأذن اليمنى واليُسرى مبرّر ومطلوب ومُلح وضروري و…)
← وما زال الأخوة في الدفاع المدني والمسعفين جزاهم الله خيراً هم بأنفسهم وفي 99 بالمئة من الحالات يتواجدون ميدانياً في جنوب لبنان وأماكن أخرى وينتشلون الرفات والهياكل العظمية والرؤوس المتطايرة وبقايا الأطراف والأصابع والأحشاء و… ولم نشاهد وبالعين المجردة مندوبين: من وزارة الصحة العامة ولا من وزارة العدل، ولا من وزارة الداخلية والبلديات و… وحتى أتساءل هل يتواجد ميدانياً طبيب شرعي وآخر متخصص في علم الأنسنة الطبي الشرعي ميدانياً هناك؟ “ANTHROPOLOGIE MEDICO” لأكثر من سبب وسبب.
← وهؤلاء المسعفين وأخواتهم ينقلون جثامين وأشلاء وبقايا و.. هذه الضحايا “بالجملة والمفرق” إلى مستشفيات المنطقة في جنوب لبنان أو لمناطق أخرى وهذه المستشفيات على ما يبدو ليست مستشفيات جامعية “C.H.U” ومجهّزة طبق المواصفات والمعايير العالمية.. لإجراء فحص الحمض النوّوي “D.N.A“.
← وللتذكير ومن باب ذكّر إن نفعت الذكرى
يوجد أنواع من الحمض النوّوي
(1) الحمض النوّوي الريبوزي منقوص الأوكسيجين “O2” الذي يحمل التعليمات الوراثية لجميع الكائنات الحية. وهو عبارة عن بُنية حلزونية مزدوجة تتكوّن من “NUCLEOTIDES” “النيكليوتيد” تحتوي على سكر، فوسفات، وقاعدة نيتروجينية، يحدّد تسلسل هذه القواعد
(2) الحمض النوّوي للميتوكوندريا “mt D.N.A” ويورث من الأم، وله بُنية دائرية. وللتذكير ال“MITOCHONDRIE” هي عنصر وموجود داخل الخلية البشرية مثلاً ومسؤول عن تنفس الخلية.
(3) الحمض النوّوي للبلاستيدات الخضراء “C.P.D.N.A” يوجد في البلاستيدات الخضراء للخلايا النباتية وهو دائري أيضاً. (هي نوع من العضيات وتجري عملية البناء الضوئي غالباً في خلايا النباتات والطحالب. وتحتوي على تركيز عال من أصباغ الكلوروفيل التي تلتقط الطاقة من ضوء الشمس وتحولها إلى طاقة كيميائية وتطلق الأوكسيجين)
(4) الحمض النوّوي للبكتيريا: تُخزن بدائيات النوى مثل البكتيريا الحمض النوّوي الخاص بها في منطقة نووية داخل ال“CYTOPLASME” السيتوبلازم.
(5) وماذا عن الحمض النوّوي الحيواني والتنوع الحيواني؟!.. وهذا بحث آخر مُعقد وحساس و…
← وللتذكير أيضاً وأيضاً هناك اختلافات في تسلسل الحمض النوّوي.. وفي الطفرات وهذا موضوع آخر معقد وحسّاس لا داعي الآن للغوص به؟ فقط أشرت إلى ذلك للتنبيه؟!
←
الدكتور محمد خليل رضا
(1) أستاذ مساعد سابق في مستشفيات باريس (فرنسا).
(2) أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية.
(3) أخصائي في الطب الشرعي وتشريح الجثث.
(4) أخصائي في “علم الجرائم” “CRIMINOLOGIE“
(5) أخصائي في “علم الضحية” “VICTIMILOGIE“
(6) أخصائي في “القانون الطبي” “DROIT MEDICALE“
(7) أخصائي في “الأذى الجسدي” “DOMMAGE CORPORELE“
(8) أخصائي في “الجراحة العامة” “CHIRURGIE GÉNERALE“
(9) أخصائي في “جراحة وأمراض الشرايين والأوردة”
“CHIRURGIE VASCULAIRE“
(10) أخصائي في “جراحة المنظار” “LAPAROSCOPIE“.
(11) أخصائي في “الجراحة المجهرية الميكروسكوبية”“MICRO-CHIRURGIE“.
(12) أخصائي في “علم التصوير الشعاعي الطبي الشرعي”
“IMMAGERIE MEDICO-LÉGALE“
(13) “أخصائي في طب الفضاء والطيران””MEDECINE AERO-SPATIALE“
(14) أخصائي في “أمراض التدخين” “TABACOLOGIE“.
(15) أخصائي في “أمراض المخدرات والمنشطات”
“TOXICOMANIE-DOPAGE“
(16) أخصائي في “علم المقذوفات والإصابات في الطب الشرعي”
“BALISTIQUE LESIONELLE MEDICO-LÉGALE“
(17) مصنّف علمياً “A+++” في الجامعة اللبنانية.
(18) مشارك في العديد من المؤتمرات الطبيةالدولية.
(19) كاتب لأكثر من خمسة آلاف مقالة طبية، وطبية شرعية، علمية، صحية، ثقافية، إرشادية، توجيهية، انتقادية، وجريئة ومن دون قفازات وتجميل وتلامس أحياناً الخطوط الحمراء لكن لانتجاوزها.
(20) رئيس اللجنة العلمية في التجمّع الطبي الاجتماعي اللبناني.
(21) حائز على شهادة الاختصاص العليا المعمّقة الفرنسية “A.F.S.A“.
(22) عضو الجمعية الفرنسية “لجراحة وأمراض الشرايين والأوردة”.
(23) عضو الجمعية الفرنسية للطبّ الشرعي وعلم الضحية، والقانون الطبي والأذى الجسدي للناطقين عالمياً بالفرنسية.
(24) عضو الجمعية الفرنسية “لطب الفضاء والطيران”
“MEDECINE AERO-SPATIALE“
(25) عضو الجمعية الفرنسية “لأمراض التدخين” “TABACOLOGIE“
(26) عضو الجمعية الفرنسية “لأمراض المخدرات والمنشطات” “TOXICOMANIE – DOPAGE“
(27) عضو الجمعية الفرنسية “للجراحة المجهرية الميكروسكوبية”
“MICRO-CHIRURGIE“
(28) عضو الجمعية الفرنسية “لجراحة المنظار” “LAPAROSCOPIE“
(29) المراسل العلمي في لبنان لمجلة الشرايين والأوردة للناطقين عالمياً بالفرنسية.
(30) واختصاصات أخرى متنوّعة…
(31) “وقل ربّ زدني علماً” سورة طه آية “رقم 114” – قرآن كريم – صدق الله العظيم.
(32) “وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً” سورة الإسراء“آية رقم 85” قرآن كريم – صدق الله العظيم.
(33) “علم الإنسان ما لم يعلم” سورة العلق “آية رقم 5” قرآن كريم – صدق الله العظيم.
(34) خريج جامعات ومستشفيات فرنسا (باريس – ليون – ليل)