الرئيسيةمقالات

سلسلة محاضراتي لطلاب الدراسات. العليا “تاريخ دراسة اللغة العربية بأوروبا”

فاطمة ابوواصل آغباريةً

المؤتمرات الشرقية

في أواخر القرن الماضي رغب علماء أوروبا المهتمون بأحوال الشرق أن يجتمعوا حينًا بعد حين في مدينة خاصة في مؤتمر شرقي عمومي؛ ليتبادل بعضهم مع بعض الأفكار، ولعرض اقتراحاتهم الصالحة في خدمة العلم، فكان ممن فكَّر هذه الفكرة الجليلة المفيدة العالم الفرنساوي ليون ده روزني.

ودُعي لهذا المؤتمر الشرقي العمومي الذي انعقد لأول مرة في مدينة باريس سنة ١٨٧٣ جميع مستشرقي أوروبا، وقد عُقد بعد ذلك عدة مؤتمرات شرقية في البلاد الآتية: لندن – بطرسبرج – فلورانس – برلين – ليدن – فيينا – استوكهلم – خريستيانيا – روما – جنيف. ودعا للمؤتمر الثاني عشر بروما رئيسُه جميعَ العلماء الشرقيين للحضور أيضًا، فتكلم محمد شريف سالم أفندي في مستقبل اللغة العربية، وكان الأستاذ فولرز Vollers مدير الكتبخانة الخديوية بمصر إذ ذاك من الحاضرين، وتكلم علي بك بهجت المصري في تدابير شئون القطر المصري في القرن الخامس عشر، والأستاذ نالينو Nallino في علم النجوم ببلاد الحبشة، والأستاذ جرينرت Grünert من براغ في التثنية في اللسان العربي القديم، وهلم جرًّا (انظر مباحثات المؤتمرات الشرقية الدولية بباريس ولندره وفيينا … إلخ).

تتابعت المؤتمرات الشرقية في مدن أوروبا منذ سنة ١٨٧٣ حتى مزَّقت مطامعُ السياسيين هذا الصلحَ المفلح سنة ١٩١٤، وكان الظاهر أنها تَدفن تحت الأرض حصاد ما زرعه المصلحون بأعمالهم العلمية، وبعدما هدأت أمواج تلك الحرب الشنيعة، وعادت المياه إلى مجاريها انعقد المؤتمر الشرقي السابع عشر العمومي سنة ١٩٢٨ في أكسفورد، فاجتمع المستشرقون هناك، وكان رئيس القسم الإسلامي المستشرق الشهير الأستاذ مرغوليوث المعروف أحسن معرفة لدى أهالي مصر أيضًا، أما مواضيع الأساتذة الذين تكلموا في المؤتمر، فكانت هذه:

ابن خاتمة شاعر عربي بالأندلس في القرن الثامن للميلاد الأستاذ Rencheneb
منار الإسكندرية الأستاذ Kahle
جزيرة العرب المتحاربة الأستاذ Rathjens
أعمال محمود تيمور في الآداب الأستاذ Schaade
لاحظات تخص استعمال الضمير في القرآن الأستاذ طه حسين
العباديون والخوارج الأستاذ Smogorzewsky
كتاب المعاني الكبير لابن قتيبة الأستاذ Krenkow
وفي الوقت عينه انعقد في مدينة بن بألمانيا المؤتمر الشرقي الألماني الخامس، وحضر من المستشرقين الأساتذة: A. Baumstark, F. Berfhold, A. Fischer, E. Mittwoch, J. Ruska, H. Goetz وغيرهم.

يوسف فون كاراباسك Josef von Karabacek

ولد سنة ١٨٤٥ بمدينة جراتس، وتوفي بفيينا سنة ١٩١٧، دخل مدرسة الجمنازيوم بطمشوار بالمجر، وأتم دروسه في فيينا، وكان له ميل عظيم لدراسة النقود الشرقية؛ فتفرغ طول حياته وحوَّل كل اهتمامه لذلك، ولما يتعلق به من علم خطوط العرب الكوفية وتاريخ أمم الإسلام، وابتدأ تأليفه بمقالة سماها في النقود الكوفية المحفوظة بمتحف يوهانيوم بغراتس طبع سنة ١٨٦٨، ثم كتاب علم الخطوط الكوفية طبع فيينا سنة ١٨٩٥، ووجَّه به أبصار الباحثين إلى علاقة الكتابة العربية القديمة بمنقوشات الأحجار.

figure

Josef von Karabacek.
وفي سنة ١٨٨٥ أحضرت حكومة النمسا جملةً عظيمة من أوراق البردي القديمة التي وجدت في الفيوم بمساعدة الأرشيدوق راينر Rainer المالية، وهذه الأوراق أصل المجموعة المعروفة باسم Papyrus Erzherzog Rainer فاستحضر هذا الأرشيدوق كثيرًا من البرادي اليونانية والقبطية والعربية.

وقد نشر كراباسك بحثًا تاريخيًّا في «المقوقس المصري».

ثم بحثًا في أول شهادة تاريخية عن ظهور الأتراك، وأصدر بحثًا في الورق القديم في كتابه «المصادر في تاريخ الورق»، ثم كتابًا في الفخريات الشرقية، ومقالة في الألبسة الدينية عليها خطوطٌ عربيةٌ محفوظة في كنيسة ماري مريم بدانسيك بألمانيا طبع ١٨٨٢، والفرع الأخير الذي اشتغل فيه كراباسك هو علم الفنون الجميلة الإسلامية، وقام بدفع الظن في امتناع تصوير الأشخاص في الإسلام، وأثبت أن هذا الامتناع لم يكن يعمُّ كافة الرجال، ووجد أن بين سلاطين آل عثمان من كان يكره التصوير لحدِّ ذاته، وأن بينهم من كان يستحسنه من الوجهة الفنية لا من الوجهة الدينية، وظهر كتابه «المصور الفارس رضاء العباسي» سنة ١٩١١.

وآخر كتاب له «الرجال الفنانون الإيطاليون في بلاد محمد الثاني» طبع ١٩١٨، ويقول فيه: إن جنطيلة بلليني Gentili Beilini صنع صورة هذا الفاتح بالزيت، وكان كل من يراها يُعجب بها، وأراد كراباسك أن يتمم الجزء الثاني لهذا الكتاب تحت عنوان «حركة الفنون في عهد السلطان سليمان ١٥٢٠–١٥٩٥» إلا أن الموت لم يمهله. وقد نال كراباسك نياشين عديدة اعترافًا بفضله وخدماته للعلوم الشرقية، وكان مستشرقًا من مستشرقي المدرسة العلمية القديمة التي أسسها هامر بورغشتل، والتي بلغت نهايتها في المجد في شخص المستشرق كريمر Kremer، وقد اختارت أكاديمية العلوم في فيينا كراباسك عضوًا لها سنة ١٨٨٨،٢١ وكان أستاذًا بجامعة فيينا من سنة ١٨٦٨ لتدريس تاريخ الأمم الإسلامية، والخطوط القديمة العربية، والعلوم الخاصة بها، وعَيَّنه القيصر فرانز يوسف سنة ١٨٩٩ مديرًا لدار الكتب الإمبراطورية، وتولى هذا المنصب لغاية سنة ١٩١٧، وكان رجلًا ذا هيبة ووقار، متحليًا بكل صفات الطبقة الراقية في الهيئة الاجتماعية من حاشية بلاط القيصر، فضلًا عن اللطف ودماثة الأخلاق اللتين اتصف بهما، وهذه صورة الأستاذ المدير يوسف الفارس كراباسك بلباسه الرسمي في أكاديمية العلوم.

ومن أشهر المستشرقين في زمننا الحديث الأستاذ:

المصادر :

Joseph Gyra
Le Caire Septembre 1929

ينبع ……

ماكسيمليان بتنر Maximilian Bittner

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق