نشاطات
قراءة في كتاب القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (18)
بقلم: د. محمّد طلال بدران -مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلاميّة-
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
* العهد القديم (7)
تعالوا بنا نمضي مع الكتاب قدُمًا لنفتح ملَفّ العهد القديم والعلم والحديث كما عنْوَن بوكاي، وقبل الخوض في تفاصيل ومضمون هذه العنوان وضع بوكاي ملاحظات جاء فيها:
– قليل من الموضوعات التي يعالجها العهد القديم-كالأناجيل- تسمح بالمقابلة مع معطيات العلوم الحديثة، ولكن عندما يحدث تعارض بين نصّ التوراة والعلم فإنه يجيء في مسائل نستطيع أن نصفها بالمهمة.
– رأينا في الفصل السابق أن التوراة تحتوي غلى أخطاء ذات طابع تاريخي، وقد ذكرنا بعضها مما اكتشفه عدة مفسرين يهود ومسيحيين.. وسوف نرى لاحقًا ايضًا بالنسبة الى إنجيل -متّى- نفس هذه التصرفات ونفس التعليقات التي تهدف إلى فرض ما يناقض الحقيقة، إن الروح الموضوعي والمنطقي لا يمكن أن يرضى بهذه الطريقة في العمل.
– من زاوية المنطق يمكن أن نتبين أن عددا كبيرا من المتناقضات والأمور غير المعقولة في التوراة، يمكن أن تكون المصادر المختلفة التي استخدِمت في تأليف النص هي أصل رواية حدث واحدٍ بشكلين مختلفين، ولكن هناك أكثر من ذلك: إن التعديلات المختلفة والاضافات اللاحقة إلى النص نفسه كالتعليقات التي أضيفت استدلاليًا ثمّ دخلت لاحقًا إلى النّص في نسخة أخرى مرة أخرى.
– في سفر التكوين توجد أكثر المتناقضات وضوحًا مع العلم الحديث، وتخص هذه المتناقضات ثلاث نقاطٍ جوهرية:
الأولى: خلق العالم ومراحله.
الثانية: تاريخ خلق العالم، وتاريخ ظهور الإنسان على الأرض.
والثالثة: رواية الطوفان.
– أما خلقُ العالم
فيلاحظ (الأب ديفو) أن سفر التكوين “يبدأ بروايتين عن الخلق كل منها موضوعة الى جانب الأخرى” ومن وجهة نظر دراسة اتفاق هذين النّصين مع المعطيات العلمية، فلا بد من دراسة كل منهما في جزءٍ منفصلٍ عن الآخر.
* الرواية الأولى عن الخلق
وتحتل الرواية الأولى الإصحاح الأول والآيات الأولى من الإصحاح الثاني، وهي بناء يتكوّن من أخطاء من وجهة النظر العلمية ولا بد من القيام بنقدها فقرة فقرة، والنص الذي نقدم هنا هو نصّ لترجمةٍ فرنسية لمدرسة الكتاب المقدس بالقدس.
جاء في الإصحاح الأول، الآيَتان: (1،2) “في البدء خلق الله السماء والأرض، وكانت الأرض خرٍبة وخالية والظلمات تغطي اللّجّة، وروح الله يرفّف على المياه”.
نستطيع أن نقبل تمامًا أن في مرحلة ما قبل خلق الأرض كان ما سيصبح الكَون، كما نعرفه غارقًا في الظلمات، ولكن الإشارة إلى المياه في تلك المرحلة أمر رمزي صرف، وربما كان ترجمة لأسطورة، وسوف نرى في الجزء الثالث من هذا الكتاب أن هناك ما يسمح بالاعتقاد بوجود كتلة غازية في المرحلة الأولى لتكوّن الكوْن، إن القول بوجود الماء في تلك المرحلة غلط.
وأما المزيد فانتظروه في مقالة الغد بمشيئة الله تعالى.
– مقالة رقم: (1607)
11. ذو القعدة. 1445 هـ
د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب).