مكتبة الأدب العربي و العالمي

العرب من المشرق الى المغرب يستعملون ( إنّ) اذا كان الامر فيه شك او خلاف يقولون الموضوع فيه إنّ فمن اين أتى ؟

درج العرب من المشرق والمغرب على توظيف  حرف 《 إنّ 》 كلما تعلق الأمر بموضوع فيه شك وخلاف، أو سوء نية. فما حكاية هذه 《 إِنَّ 》؟!. ومن أين جاءت؟.

يحكى قديما أنه كان في مدينة حلب أميرٌ ذكيٌّ، فطِنٌ، شجاعٌ اسمه علي بن مُنقِذ. كان تابعًا للملك محمود بن مرداس.
في يوم من الأيام نشب خلاف حاد بين الملك والأمير، فتناهى إلى سمع الأمير أن الملك عازم على قتله، فَلاذ علي إلى بلدة دمشق طلبا للتحصن.

ولما علم الملك بأمر فراره، استدعى خطاط الديوان، ثم أوصاه أن يكتب رقعة إلى الأمير علي بن منقذ، مَالَثَ فيها خاطره وتودد إليه ليعود أدراجه إلى حلَب.

وكان الملوك من عادتهم أن يجعلوا مفاتيح الديوان تحت إمرة خطاط فذ حتى يُحسن صياغة الرسائل التي ترسل للملوك، بل كان الخطاط أحيانا يصير ملكا إذا مات الملك.

شعر الخطاط بأن الملك ينوي الغدر بالأمير، فخط له رسالة عادية جدا. لكنه وَسَم في نهايتها 《 إنَّ شاء الله تعالى “بتشديد النون” 》.

ولما قرأ الأمير الرقعة، وقف متعجبا عند ذلك الخطأ في نهايتها، فهو يعرف حذاقة الخطاط ومهارته، لكنه أدرك على الفور أن الخطاط ربما ينوي تحذيره من شيء ما حينما شدد تلك النون، ولم يلبث طويلا أن فطِنَ إلى قوله تعالى:《 إِنَّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك 》. صدق الله العظيم

لم يدم وقت طويل حتى بعث الأمير جوابه برسالة عادية يُجزل للملك فضائله ويطمئه على ثقته الشديدة به، فختمها بعبارة 《 أَنّا الخادم المُقِرُّ بالإنعام “بتشديد النون” أيضا 》.

فلما طالعها الخطاط فطن إلى أن الأمير يُبلغه أنه قد تنبه إلى تحذيره المبطن، وأنه يجيب عليه بقوله تعالى:《 إنّا لن ندخلَها أبدًا ما داموا فيها 》. صدق الله العظيم

حينئذ اطمأن إلى أن الأمير ابن منقذٍ لن يعودَ إلى حلب في ظل وجود ذلك الملك الغادر. ومذ تلك الحادثة، صار الجيلُ بعدَ الجيلِ يقولون للموضوع إن كان فيه لُبس أو غموض 《 الموضوع فيه إنّ 》.

المصدر:
– كتاب المَثَل السائر في أدب الكاتب والشاعر – للعلامة ضياء الدين ابن الأثير

#فطنة_و_دهاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق