اخبار العالم العربي

“الزوج المعنَّف” يصدم غزة

فتحي صبّاح / غزة

ما أن صدر “تعميم قضائي” في قطاع غزة عن حق “الزوج المعنَّف” في طلب الطلاق، حتى تملّكت “الغزيين” الدهشة، وفي بعض الأحيان الصدمة، فما الذي استدعى إصدار مثل هذا التعميم؟ وهل هناك “رجال معنَّفون” في قطاع غزة؟ غير أن هذه الدهشة ما لبثت أن انقلبت جدلاً، خصوصاً بعد دخول منظمات نسوية وحقوقية على خط النقاش، واعتبارهن أن هذا التعميم إنما يقصد حرمان الزوجة من حقوقها، ويشكل تراجعاً عن مكتسبات حققتها المرأة.
وكان رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، رئيس المحكمة الشرعية العليا في غزة الشيخ حسن الجوجو، أصدر تعميماً يحق بموجبه للزوج رفع دعوى “شقاق ونزاع”، أي طلاق، وذلك كي يسمح للزوج “المعنّف” بتطليق زوجته، علماً أن هذا الحق حصري للمرأة في القطاع، خلافاً للواقع في الضفة الغربية، التي تعطي هذا الحق للرجل منذ عام 1976 بموجب القانون الأردني النافذ المفعول فيها.
وتنص المادة الأولى من القرار الذي دخل حيز النفاذ اعتباراً من 21 من الشهر الماضي، على أن “للزوج، كما للزوجة، طلب التفريق إذا ظهر نزاع وشقاق بينه وبين زوجته وادعى إضرارها به قولاً أو فعلاً بحيث لا يمكن مع هذا الإضرار استمرار الحياة الزوجية”. كما تنص المادة الثانية على أنه “إذا أثبت الزوج وجود النزاع والشقاق، بذل القاضي جهده في الإصلاح بين الزوجيْن، فإذا لم يمكن الإصلاح، أجّل القاضي دعواه مدة لا تقل عن شهر أملاً في المصالحة. فإذا أصر الزوج على دعواه بعد مضيّ الأجل ولم يتم الإصلاح، أحال القاضي الأمر على حكَميْن”.
وعزا الجوجو إصدار القرار إلى “الحاجة المجتمعية” و “ما نسمعه من الناس عن رجال يتم الاعتداء عليهم قولاً وفعلاً”، لكنه أكد لصحيفة “الحياة” اللندنية أن أحداً لم يتقدم بطلب الطلاق على هذا الأساس، مشدداً على أن تعنيف الزوج “لا يُشكل ظاهرة” حتى الآن في المجتمع “الغزّي”. وقال: “لا بد من الانتظار إلى نهاية السنة حتى نرى الإحصاءات عن عدد الأزواج الذين سيطلبون الطلاق على هذا الأساس”. في الوقت نفسه، أكد أن القرار يتعلق أيضاً بـ “توحيد الاجتهاد بين غزة والضفة التي يُعمل فيها بالقرار منذ عام 1976”.
واستغرب الجوجو اعتراض المؤسسات النسوية على القرار، الذي جاء وفقاً لـ “تأصيل شرعي وقانوني”، وعدم اعتراضها على القرار نفسه المعمول به في الضفة منذ نحو 40 عاماً. ونفى أن القرار “يفتح شهية الرجل للطلاق ويعفيه من التزاماته تجاه الزوجة”.
وكانت مديرة طاقم شؤون المرأة في غزة ناديا أبو نحلة، انتقدت القرار بشدة، وقالت لـ “الحياة” إنه “امتداد لسياسة المحاكم الشرعية التمييزية ضد النساء”. كما وصفته بأنه محاولة “لإيجاد مخارج للرجال على حساب النساء، وقفزاً وتراجع عن حقوقهن عموماً وفي مؤخر الصداق (المهر المؤجل) وعفش البيت والنفقة”.
وشددت على أنها والمنظمات النسوية “تدين كل أشكال العنف من الرجل والمرأة، وتؤيد تفعيل القضايا التي تحد من العنف المجتمعي”. واستدركت أن “هناك عشرات آلاف النساء اللواتي يتعرضن للضرب والاغتصاب والتنكيل بهن ولا تتحرك المحاكم لاتخاذ أي قرار لمصلحتهن”، مشيرة الى وجود “قضايا معلقة منذ 20 سنة، على رغم أن النساء أثبتن وقوع الضرر عشرات المرات”.

مقالات ذات صلة

إغلاق