أخبار عالميه
المخاوف من الهجرة تقلب سياسات الدول الغربية
واشنطن – تهيمن مسألة واحدة حاليا على النقاش السياسي بين كبرى الديمقراطيات الغربية وهي مسألة الهجرة التي يمكن أن ينقسم حولها الغرب.
ويحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يركب موجة المشاعر المعادية للهجرة ليحقق نصرا لمؤيديه الجمهوريين في انتخابات منتصف الولاية والتي ستجري في نوفمبر.
وتأمل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن تخرج من هذه الأزمة دون أن يتضرر ائتلافها الهش ودون تقديم الكثير من التنازلات للمتشددين. وقد نقلت الائتلافات الحكومية الجديدة في النمسا وإيطاليا الأصوات المتشددة إلى ردهات السلطة بعد أن كانت على هامش الجدال حول الهجرة.
وتواجه أستراليا انتقادات بسبب سياستها باحتجاز طالبي اللجوء الذين يصلون إلى سواحلها في مخيمات وسط البحر في نوارو وبابوا غينيا الجديدة. ووسط ذلك كله تصاعدت الانقسامات السياسية الغربية بسبب النقاش المحتدم على مواقع التواصل الاجتماعي حول الهجرة.
وبمعزل عن الحملات الانتخابية والتضليل المعلوماتي، هناك تداعيات إنسانية وسياسية فعلية لمسألة الهجرة. وبالمعايير التاريخية فإن تدفق المهاجرين لا يزال مرتفعا، وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 65 مليون لاجئ ومهاجر يتحركون حول العالم.
وقال المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي أن المشكلة تستدعي حلا عالميا شاملا، ولكن الجو السائد هو التوجه نحو حلول أحادية انطلاقا من أفكار قومية متشددة في كل بلد. وكما كتب المفكر وولتر راسل ميد في صحيفة وول ستريت جورنال فإن قضية الهجرة وليس اليورو هي الآن المسألة “الأكثر حساسية بالنسبة للمؤسسة الأوروبية”.
ودعا قادة الاتحاد الأوروبي إلى محادثات أزمة حول الهجرة في بروكسل، بعد أن تسببت هذه القضية في انقسامات جديدة في القارة.
التحديات السياسية يمكن معالجتها بسهولة بتبديد الفكرة النمطية التي ترتبط بأن الهجرة الدولية تمثل عبئا اقتصاديا
وفي خضم التصعيد الأخير حول أزمة الهجرة، صدرت دراسة فرنسية جديدة تفند الكثير من المخاوف وتقول إن المهاجرين وطالبي اللجوء أحدثوا تأثيرات إيجابية على اقتصادات الدول الأوروبية وليسوا عبئا عليها كما يشاع، بل إن البلدان التي تشتكي من المهاجرين في حاجة إليهم.
وأجريت الدراسة، التي نُشرت في مجلة ساينس ادفانس الأميركية، بالتعاون بين المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (حكومي) وجامعة كليرمون-أوفيرني الفرنسية وجامعة غرب باريس نانتير لاديفونس. واستندت إلى بيانات اقتصادية من 15 دولة في أوروبا الغربية، شهدت أعلى معدلات للجوء بين عامي 1985 و2015.
وأوضحت الدراسة أنه خلال تلك الفترة ورغم تدفّق المهاجرين “لوحظ أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي زاد بشكل ملحوظ، كما تراجعت معدلات البطالة”. علاوة على ذلك، وجد الباحثون أن “النفقات العامة الإضافية، والتي يشار إليها بأنها عبء ناجم عن تدفّق اللاجئين، قد عوّضتها زيادة الإيرادات الضريبية”.
وقالوا إن “تدفّقات طالبي اللجوء لا تؤدي إلى تدهور الأداء الاقتصادي أو التوازن المالي في البلدان المضيفة لأن الزيادة في الإنفاق العام الذي يحدثه طالبو اللجوء يتم تعويضها بشكل أكبر من خلال زيادة الإيرادات الضريبية من التحويلات”.
وأكدت الدراسة على أنه “عندما يصبح طالبو اللجوء مقيمين دائمين، تصبح آثارهم الاقتصادية الكلية إيجابية”. وكشف الباحثون عن أن المهاجرين الدائمين كان لهم في الواقع “تأثير إيجابي على اقتصاد البلد المضيف لهم”. وخلص الباحثون إلى القول “تشير نتائجنا إلى أن أزمة المهاجرين المزعومة التي تمر بها أوروبا حاليا ليس من المرجّح أن تثير أزمة اقتصادية بل قد تكون فرصة اقتصادية”.
وقال الباحثون “نحن لا ننكر أن التدفّقات الكبيرة من طالبي اللجوء تطرح العديد من التحديات السياسية سواء داخل البلدان المضيفة أو في ما يتعلق بالتنسيق الأوروبي للسياسات الوطنية. ومع ذلك يمكن معالجة هذه التحديات السياسية بسهولة أكبر إذا كان من الممكن تبديد الفكرة النمطية التي ترتبط بأن الهجرة الدولية تمثّل عبئا اقتصاديا”
المصدر : العربي .