أخبار رياضية

هل يمكن قراءة خيبات العرب الرياضية سياسيا؟

تعرّضت كل الفرق العربية المشاركة في مونديال 2018، من دون استثناء، للخسارة، وبعضها لهزائم مذلّة، كما حصل مع السعودية في مباراة الافتتاح (التي حضرها وليّ العهد محمد بن سلمان شخصيا) بخسارتها بخمسة أهداف مقابل صفر أمام روسيا، ثم بخسارتها مرة أخرى أمام أوروغواي، وكرّرت مصر هذا السيناريو، فخسرت أيضاً أمام أوروغواي، ثم بثلاثة أهداف مقابل هدف أمام روسيا، وكانت حظوظ المغرب وتونس، ولعبهما أفضل بكثير، لكنّ النتيجة النهائية لم تتغير، فلحق المغرب بالسعودية ومصر، وما زال العرب بانتظار لقاء الفرصة الأخيرة لتونس وللعرب مع بلجيكا، بعد أن ضيّعت التعادل مع إنكلترا.
أزاحت هذه الخسائر المتلاحقة متعة الإنجاز الذي يمثله وصول أربعة فرق عربية إلى هذه المسابقة العالمية الكبرى، وربما ستمحو هذه النتائج الجهد الكبير الذي أوصل هذه الفرق إلى هذا المقام، أو الأداء الجيّد، ولكن المتفاوت، للمغرب وتونس، ولهدف محمد صلاح، وحتى لأداء السعودية الأفضل نسبيا في مباراتها الثانية والأخيرة.
لا ترتبط إنجازات الرياضة، بشكل مباشر، بالقوة السياسية والعسكرية والحضارية للدول، وإلا لكان المتأهلون الرئيسيون في المونديال هم منتخبات دول أعضاء مجلس الأمن، أو السبعة الكبار اقتصاديا، وفي أحيان كثيرة، تهزم دول صغيرة وضعيفة الشأن دولاً كبيرة، وإذا كانت هزيمة الفرق العربية في المونديال لم تشكل مفاجأة مدوّية، فإن دولاً راسخة في شأن رياضة كرة القدم، كالبرازيل وألمانيا، تراجعتا عن تاريخهما الكبير في التنافس على الكأس، فيما اخترقت السنغال، وهي دولة أفريقية، الحاجز النفسي وهزمت بولندا الأوروبية، وقد تتمكن من الوصول إلى دور الـ16 فريقا.
يحتل الزعماء في الدول العربية فضاء السياسة والمجال العامّ، وتلتهم السياسة كل شيء آخر، وبما أن هؤلاء الزعماء ورموز سلطاتهم يتدخّلون في الشأن الرياضي، فلا يعود ممكنا، والحال كذلك، فصل ما حصل في المونديال عن السياسة، لأن الرياضة في البلدان العربية تستخدم في الشأن السياسي للدول، ويتحمل الحكام، أكثر حتى من مسؤولي الرياضيين، مسؤولية هذه الهزائم.
يفسّر هذا الارتباط السيئ بين السياسة والرياضة لماذا لم يعاقب وليّ العهد السعودي، الذي غضب لخسارة بلاده المذلة، مستشاره والمسؤول الرياضي الأكبر في المملكة، تركي آل الشيخ، فالعلاقة بين المسؤولين شخصية، وهي التي جعلت من آل الشيخ أحد رموز السلطة الكبار في المملكة.
الانتصارات الرياضية، في البلاد العربية، يجب أن تعزى للمسؤول الأكبر شخصيا، أما الهزائم فيجب تخفيفها وجعلها «مشرفة»، أو تحميلها لأشخاص أصغر في «النظام»، وهو ما يفسّر لماذا لجأ الإعلام الرسمي المصري لمحاولة التخفيف من وطأة الخسارة بالحديث عن الإنجاز التاريخي لمحمد صلاح الذي كرر إنجاز مجدي عبد الغني في مونديال إيطاليا 1990، أو بالحديث عن أخطاء الدفاع والإدارة الفنية الخ.
جدير بالمقارنة، والذكر، هنا، ما ذكرته مجلة «برايفت آي» البريطانية، عن وقف «الفيفا» تحقيقاتها في تناول أعضاء من المنتخب الروسي للمقويّات قبل ثلاثة أسابيع من انطلاق المونديال، وهو ما يمكن تصنيفه أيضاً ضمن زواج الرياضة بالسياسة، وهو ما يوجّه الشكوك حول نتائج روسيا، الدولة المضيفة، التي يسعى زعيمها فلاديمير بوتين، من وراء عقد المونديال في بلاده، ونتائج منتخبه، إلى نصر سياسي، وهو الأمر الذي لم يوفّق به زعماء ومنتخبات العرب.

المصدر : القدس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق