شعر وشعراء

خـــائـِنَة / الشاعر حسن منصور

غُرّي بِحُسْنكِ مَـن لهُ قلبُ الصَّبي || ولْتَـبْـعُدي عـن دربِ كلِّ مُـجَــرّبِ
فَـالغِـرُّ قـدْ يُـرْضـيهِ حُـسْنٌ زائِـفٌ || يُخْـفي الْمَلامـحَ في مُحَــيّا أجْـربِ
والـغِــرُّ يُـقْـــنِـعــهُ كـلامٌ ســاحِــرٌ || في عُــمْـقـهِ روحُ الْخِـيانةِ تَخْـتَـبي
غَـطَّـيْـتِ نفـسَكِ بالْحِـجـابِ دِيانــةً || وتَركْـتِ روحَـكِ حُـرّةً لَم تُحْـجَـب
مِن دونِهــا ذاكَ الْحِـجــابُ سَـوادُه || أضْفى عــلـيها هـيْـئـةَ الْمُـتَرَهِّـب
لكنْ مـعَ الشّـيْـطـانِ تَـمْـرحُ دائِمـاً || في كــلِّ وادٍ غـــائِـرٍ أوْ سَــبْـسَـب
يا مَنْ تَخِــذْتِ منَ الْمُسوحِ ذَريعَةً || تَتـوَسَّـلينَ بِهــا لأَحْــقـرِ مَــطْـلَـبِ
تُرْضينَ أهـلَـكِ والعشيرةَ مَظهَـراً || وتُخَـبِّـئـيـنَ فُـجـورَ قـلـبٍ مُسْـغِـب
ويَخِـفُّ نَحـوَكِ كلُّ وَغْــدٍ سـابِحـاً || مُـتَسَــلِّـلاً يَحْـكي لِــواذَ الثّعْــلــب
ويَـمُـرُّ لـيْـلُـكِ قـانِـيــاً مُـتَـرنِّـحـــاً || كَـترَنُّـحِ الأعْـطـافِ بعدَ الْمَـشْرَبِ
**********
يا مَن دَرَجْتِ على الْخِيانةِ والْخَنا || مـنـذُ الصِّـبا ويَعِـــزُّ أنْ تتَجَــنَّــبي
هذا الصّباحُ وقد تَنـفّسَ فانْهـضي || كيْ لا يَجـيـئَـك بالّـذي لَم تَـرْغَـبي
كي لا يَراكِ الـنّــاسُ عـاريَةً هُـنا || تَـذَرينَ لَحْـمَـكِ لـلــذِّئابِ الـنُّـهَّـــب
عـودي إلى تلكَ الْمُسوحِ ولَمْلِمي || فـيـهـــا بقـايـاكِ الّـتي لَـم تَـذْهــــبِ
فـلَطـالَـمـا أَبْدعْــتِ في فـنِّ الْخِـــــداعِ ولَـم تُثـيـري ريبَــةً أو تَجْــلِـبي
بلْ كان وجْهُــكِ للوَقـارِ نَموذَجـاً || يـــومَى إلــيــهِ بِـهَــيْــبـــةٍ وتَــأَدُّب
***********
لكـنْ أراكِ اليـومَ لَــم تَـتحَــرَّكـي || أوْ تُسْرِعي الْخُطُواتِ كيْ تتَجَلْبَبي
عَـرّيْتِ جِسمَـكِ لْم تَخافِي لَـوْمةً || مـنْ لائِــمٍ أوْ تَـقْـلَــقي أو تَـرْهَــبي
وكَشفْتِ نفسَكِ في الضّياءِ تَحَـدِّياً || لـلأَعْــيُنِ الْمُـتـلَهِّــفــات الــرُّقّــَب
وزَعَـمْـتِ أنَّ لديْكِ عـقْلاً ناضِجاً || سـيُـبَـشّرُ الدّنـيـا بـعَـهْــدٍ مُخْـصِب
يَـرْعى به الـذّئْـبُ الشِّـياهَ مُـبكِّراً || ويكـونُ حـارسَهـا بُعَـيْـدَ الْمَغْــرِب
ويَعيشُ فيه الظّـبْيُ معْ ليْـثٍ غَدا || مـنْ غـيـرِ نابٍ قـاتِـلٍ أو مِـخْـلَب
ويعُـمُّ في الـدّنيا السّلامُ ويَنْـتَـهي || كلُّ اخْـتلافِ الرّأيِ دونَ تَعَـصُّـب
فـالعـيْشُ دائــرَةٌ تَقــودُ مَسـيـرَنا || مَقــفـولَـةُ الأرْجـاءِ مـثلَ الغَــيْهَـبِ
إنْ سرْتَ منْ أيِّ الْجِهـاتِ فَإنَّمـا || لا فــرْقَ بـيـن مُـشَـرِّقٍ ومُـغَــرِّب
بلْ يلـتَـقي كلُّ الــذين تَـفــرَّقــوا || في ساحِــهــا مِـنْ أبْعَـدٍ أوْ أقْــرَب
هـذي مَزاعِـمُكِ الّتي أطْلقْـتِهـا || إذْ قــلْـتِ للأَقْــوامِ دونَ تَـذَبْــذُب:
(فـلْتَعْـلَموا أنّ الْمُـرونةَ تَقْـتضي || تغـيـيـرَ رأيي نَحـوَ رأيٍ أصْـوبِ
ولذا فـإنّ الْجسمَ وهـوَ مُحَـجَّــبٌ || هو نفسُه إنْ كانَ عـاري الْمَنْكِبِ!)
***********
ومَضيْتِ في درْبِ الْخِيانةِ حُرّةً || لا حـاجــةٌ تَدعــوكِ أنْ تَـتَـنَـقّـبي
منْ بعـدِ أنْ أبْديتِ رأيَكِ لِـلْـمَـلا || وظَنـنْـتِ ليسَ هُـناكَ أيُّ مُـكَـذِّب
وجعَلْتِ بابَكِ مُشْرَعاً لِمَنْ ابْتَغى || والبَـيْـتُ كالْمَـيْدانِ أو كَالْـمَـلـعـبِ
ونَراكِ تُبـديـنَ السّعـادةَ مُـنـذُ أنْ || أوطَـأْتِ خِـدْرَكِ كلَّ عِـلْجٍ أجْـنَبي
ماذا يقـولُ الزّوْجُ والأهْـلُ الأُلَى || وَثَقــوا بِـأنَّـكِ ذاتُ فِـعْــلٍ طَـيّـب؟
وَبنوكِ لوْ دَخَلوا إِلَى وَكرِ الْخَـنا || ورَأوْا زَبائِنَ أمِّهــمْ كالطُّـحْـلُـــب؟!
مُسْـتـنـقَعٌ وعُــفــونةٌ وطَـحـالِبٌ || لَـمْ تَخْــفَ إلاّ عــن بَلـيـدٍ أوْ غَـبي
أوَ ليسَ من رَجـلٍ رَشـيدٍ فـيهِمُ: || أهْــلٌ وزَوجٌ كُـلُّـهُـم لَـم يغْــضَــبِ!
أوَ ليْسَ في الأبْناءِ شَهـمٌ صارِمٌ || في صَـدْرهِ نـارُ الصِّـبا الْمُـتَـلَهِّــب
أوَليسَ فـيـهــمْ واحِـدٌ مُتَحَـسِّـسٌ || ما حَـوْلَـه، مُـتَـفــهِّـــمٌ للْـمَـذْهــــبِ
فَيُزيلَ عـنهـمْ عارَهُـمْ بِحُـسامِـه || مُـتَـجَـرِّداً لا يَنْـتَحي عنْ مَـطْـلَــب؟!
**********************************************************
الشاعر حسن منصور [كتبتها عام 1993م] من المجموعة السابعة، ديوان (وقفة على الطريق) ط2 – دار أمواج للطباعة والنشر والتوزيع – عمّان. 2014م (ص18)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق