نشاطات

التجارة الإلكترونية: أرقام متواضعة في ازدياد

لا يكاد أنس الهشلمون، من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، يترك هاتفه حتى يعود إليه مجددًا، ليردّ على رسائل زبائنه الذين يطلبون شراء سلعٍ من مواقع تجارةٍ عالمية، بحكم خبرته في هذا المجال الذي أضحى مجال عملٍ لكثيرٍ من الشبّان في الضفة الغربية وقطاع غزة.

الهشلمون عمل قبل عامين في موقع فلسطيني للتسوّق الإلكترونيّ، وواجه الكثير من الصعوبات، فالبيع الإلكتروني كان ما يزال في بدايته في فلسطين، ولدى الناس الكثير من التخوّفات. لكّن الحال اختلف قليلًا هذه الأيام، وأخذت الفكرة تنتشر سريعًا.

 فلسطين ليس لها اسم على خارطة المواقع العالمية، غالبًا. والناس تتخوّف من هذا النوع من التجارة، والاحتلال يفرض معادلته التي تعقّد الأمور

يشكتي العاملون في هذا المجال من أنّ فلسطين كدولةٍ لا يعترف بها إلّا القليل من مواقع الإنترنت العالميّة، وهو ما يحجب سلعًا مميزة، ويكُلّف أسعارًا عالية، وصعوبة في التوصيل.

اقرأ/ي أيضًا: الفلسطينيون في تشيلي.. البداية من اللا شيء!

وأظهر تقريرٌ لجهاز الإحصاء، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في أيّار من العام الماضي، أنّ نسبة من قاموا بالشراء أو البيع عبر الانترنت مرة سنويًا على الأقل، 4.5% من بين مستخدمي الانترنت في فلسطين، ويقدر عددهم بحوالي 80 ألف شخص.

أرقام التقرير أشارت أيضًا إلى أنّ الزيادة في البريد الدولي الوارد المسجل، ارتفعت بنسبةٍ تقارب 57% في العام 2015 مقارنة مع عام 2014، وبررت ذلك أن “الزيادة في البريد قد تعود لأغراض التجارة الإلكترونية”.

ويمتلك البريد الفلسطيني 90 مكتبًا، ويعمل لديه 427 موظفًا. ووفقًا للاتفاقات السياسية والاقتصادية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، فإن الطرود البريدية تصل من خلال المطارات والموانئ الإسرائيلية، وهو ما يعرقل وصولها في مواعيدها، هذا إن لم تتم مصادرتها قبل وصولها للجانب الفلسطيني.

اقرأ/ي أيضًا: السلطة الفلسطينية.. تجارة الوهم

ويُعقب القائم بأعمال مدير عام البريد الفلسطيني فتحي شباك في حديثه لـ “الترا فلسطين”، بأن وتيرة العمل ازدادت لديهم مؤخرًا بشكل ملحوظ؛ فأعداد الطرود البريدية ازدادت نحو عشرة أضعاف، مشيرًا إلى أنّ هناك 10 أطنان بريد تصل يوميًا، 90% منها تُصنّف تحت بند التجارة الإلكترونية.

وعن المعايير التي تجعل الطرود خارج إطار السلع المشمولة بالجمارك، يقول شباك إنّ وزن طرود التسوّق الإلكترونيّ يجب أن لا تزيد عن 2 كيلوغرام، وبثمن لا يزيد عن 500 دينار أردني.  مُقدِّرًا في الوقت ذاته عوائد البضائع الواردة من الخارج بنحو 200 ألف دولار سنويًا، تذهب إلى خزينة وزارة المالية.

ويوضح، أن البريد يتعاون مع ثلاث لجانٍ قبل إيصال الطرد إلى مستقبله، وهي الجمارك التي تراقب السلع وتتابعها لمنع إدخالها لأغراض التجارة، والرقابة الصحية التي تراقب السلع الواردة من منتجات صحية وأدوية، ولجنة المطبوعات التي تقوم بمهامها في متابعة الوارد.

وتعتبر الأجهزة الإلكترونية والمواد التجميلية والملابس والعطور وأدوات الزينة الأكثر إقبالًا من متسوقي الإنترنت في الأراضي الفلسطينية، حسب القائم بأعمال مدير البريد، الذي يضيف، أنّ بعض المتسوّقين يشترون منشطاتٍ جنسيةٍ وأدويةٍ لتخفيف الوزن لا تطابق المواصفات الفلسطينية، وهذه يتم إتلافها مباشرة بعد مصادرتها.

ويأمل شباك أن تنجح الجهود السياسية في وضع اسم فلسطين، على الخارطة الدولية، لافتًا إلى أنّ غالبيّة الطرود البريدية الواردة تحمل عنوان “إسرائيل” أو “الضفة الغربية”.

اتفاق فلسطيني إسرائيلي لم يُنفّذ

في شهر أيلول/سبتمبر 2016، أكدّ وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات علام موسى، أنّه تم توقيع اتفاق فلسطيني- إسرائيلي يسمح بوصول البريد الفلسطيني مباشرة عبر الجانب الأردني، بدلًا من الجانب الإسرائيلي، ليُنهي بذلك سنوات حرمان الخزينة الفلسطينية من الاستفادة من عائدات البريد، التي تُقدّر بملايين الدولارات سنويًا، وهي التي كانت تجبيها “إسرائيل”.

وبحسب الاتفاق الموقّع في حينه، فسيتم توفير طريقة تحاسب البريد الفلسطيني مع اتحاد البريد العالمي”UPU“، ووضع فلسطين على الخارطة العالمية في مجال البريد، الأمر الذي من شأنه أن يحقق انفتاحًا على العالم، وتوسعًا في النشاط البريدي من وإلى فلسطين.

غير أنّ الاتفاق لم يدخل حيّز التنفيذ حتى الآن، بسبب التهرب الإسرائيلي بدعوى عدم الجاهزية، وفق حديث شباك.

فرص استثمارية

أستاذ الاقتصاد في جامعة الخليل محمد الحرباوي، قلل خلال حديثه لـ “الترا فلسطين”، من الاهتمام الكبير بقضية التجارة الإلكترونية في الأراضي الفلسطينية، وقال إنّها “متواضعة جدًا”، بسبب الإشكاليّات التي تواجهها، مثل ضعف البريد الأرضي، وغياب وسائل الدفع العالمية، والمعوقات السياسية.

ويضيف أن “التجارة الإلكترونية تشكل فرصًا استثمارية عالية للعاطلين عن العمل أو طلاب الجامعات، لكن غياب البنية التحتية يجعل ذلك محدود النتائج”.

ويبيّن الحرباوي أنّ هذا النوع من التجارة يغلب عليه الطابع الفرديّ وليس المُنظّم، فالتجارة المباشرة التقليدية في فلسطين لا تزال تحتل ما نسبته 97% من أشكال التجارة المحلية، الأمر الذي يجعل تأثير التجارة الإلكترونية “محدودًا للغاية”.

وتعتبر الصين ودول شرق آسيا هي المصدر الرئيس للسلع المباعة من خلال التجارة الإلكترونية إلى الأراضي الفلسطينية، وتشكّل البضائع الواردة من الصين نحو 70% من حجم البريد الفلسطيني الوارد.

مقالات ذات صلة

إغلاق