مقالات
كثر الولاء وقل الانتماء / بقلم نافذ الرفاعي

في قراءتي لرواية “عين التينة” للكاتب صافي صافي ،
كنت ابحث عن نصف الكلام الذي لم يقله مباشرة أو ظلله ما بين الحروف في رؤيته السردية تحت مسمى رواية “عين التينة”.
تطرق الراوي إلى دراسته والتحاقه بالثورة وما خاضته ثورته من خطف طائرات وقواعد الأغوار وحروب جنوب لبنان، وما رافق ذلك من الانشقاقات المتوالية داخل التنظيمات الثورية والعودة إلى الوطن وتحديدا مدينة رام الله،
وهنا يوضح علاقته بالمدينة على أنه غريب في رام الله،
مجرد ساكن فيها وليس مواطنا، تجلى ذلك بوصف سكان المدينة بالرملاوي واللداوي والجمزاوي والغزاوي والطريفي والجزماوي واليافاوي الخ آخره من المسميات، ولم ينتسبوا إلى مدينة رام الله التي بقيت في نصه مجرد مسكن، وهذا اخطر وأعمق إفشال لموضوع طمس الهوية التي يجربها الاحتلال .
أما حنان القادمة من الغرب لزيارته وتحمل ذكريات زمن الجامعة وما يزيد عن أربعين عاما قادمة لزيارة الوطن ومدينة اللجوء لعائلتها بيسان، المدينة التي هحرت مع نفس مسمى هجمة الإبادة في غزة تحت “عربات جدعون” التي مورست في الهجوم على مدينة بيسان من القوات الصهيونية عام 1948 وما شكل النكبة الفلسطينية، تم تهجير أهل المدينة وطرد مواطنيها، تشعر أنها مغتربة لاجئة نازحة،جاءته إلى رام الله ورفضت أن تذهب الى مدينة القدس لأن حلمها في بيسان،
لكن الراوي لم يستسلم لتغييب القدس، عرج على الفتاة مها المقدسية والتي تقيم قرب مسجد وزاوية الخانقاة المولوية المملوكية، يعلي الراوي الرقص الصوفي، ويسمو لمكانة مدينة القدس عاصمة السماء، مدينة الحب على طريقة أئمة الصوفية.
في طريق الرواية نحو عين التينة، يعبر فلسطين المحتلة 1948. قرى المثلث من باقة الغربية وكفر قرع وغيرها تجاه مدينة بيسان، ويجري نقاش العودة بين الراوي وحنان ، حوار مكتظ بفانتازيا الخيال الجامح حال عودة البلاد .
ماذا سيكون حال الأراضي؟
وعلى سبيل المثال أهلها يملكون ثلاثمائة دونما. أضحى عشرات الورثة، يكرس رؤيته وتساؤله الكبير.
حنان تطرح العودة والرجوع سواء ميتة أم حية إلى بيسان،
في الطريق الى بيسان أو عين التينة، واستحضار الميثولوجيا ضرب موسى بعصاه الحجر وتفجرت عدة عيون منها عين التينة،
الراوي: ماذا ننتظر المهدي المنتظر!
يرافق المرشد المشاركين في مسار الدليل والمرشد السياحي الجولاني والمقصد عين التينة، هذا المكان وعلاقته بالجغرافيا زاوج بين عين التينة والدرباشية، قريتان في أقصى حدود فلسطين مع سوريا، وخلاف في المراجع ايهما فلسطينية أو سورية في سخرية سوداء حول من صنع تلك الحدود الاستعمارين الفرنسي والإنجليزي،
يواصل نفي جغرافيا التقسيم الاستعماري ويغني “يا مال الشام” ويربط مقاطع ودع-تيني ، مشيرا لعين التينة، ينتقل إلى العين وما يسكن تحت مائها من الرعاشات واليعاسب والفراشات الزرقاء،
يتجلى الكاتب في الرمزية ما بين الرعاشات ولونها الازرق وسؤال :هل نستطيع إعادة الرعاشات الزرقاء إلى أوروبا؟
علاقة الألوان وخاصة الأزرق واستحضار نظرية الدم الازرق العنصرية في تفوق الجنس الآري،
يمزج بين الجنود المحتلين تواجدهم في عين التينة والرعاشات واليعسوب وغيرها.
يعود للمرشد السياحي ابو المجد وتاريخه منذ التحاقه بالحركة الطلابية واشتراكه بعملية عسكرية واعتقاله وإبعاده وعودته وعمله بالشرطةوتقاعده.
خطاب الحق وتفنيد الوهم تطرحه الرواية على لسان ابب المجد: “انا سوري صاحب الأرض ابرز هويتي لجهة دولية”،
في تلك المنطقة ما بين سوريا ولبنان وفلسطين تعرضهم للتفتيتش، اضاف: “جئنا نبحث عن أطلال وما جئنا لننتصر”.
تفنن في ذكر انواع التين ستة عشر نوعا، تغيير المكان وتجفيف بحيرة الحولة وطرد أهالي خان الدوير والمنشية.
يضع قرية الغجر كمعضلة ما بعد حرب ٦٧، حوصروا لم تضمهم لبنان ولا سوريا واستنجدوا بالعدو لإنقاذهم وتم ضمهم لإسرائيل،
بحثا عن إجابات وأحلام ومكان واستحضار الوعي التاريخي والمكاني واعتقال وحبس وعناق وأسطورة الحب التاريخي:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب الا للحبيب الاول .
.