مقالات

رسالة مفتوحة إلى الحكومة الإيطالية، المجتمع الأوروبي، الأحزاب السياسية، القطاع الصحي والمجتمع المدني حول المأساة المستمرة في فلسطين من البروفيسور فؤاد عودة ، رئيس تحرير ايسك_نيوز و بأسم امسي كوماي و اميم*

*امسي و اميم و كومي و ايسك نيوز؛ “أكثر من 53,901 قتيل وأكثر من 122,500 جريح منذ أكتوبر 2023. ما يقرب من 4,000 قتيل و10,500 جريح منذ مارس 2025، مع استئناف النزاع. المستشفيات مدمرة تقريبًا بالكامل، الأطفال والمدنيون في خطر جسيم كل دقيقة تمر. مأساة لا نهاية لها يجب وضع حد لها”*

روما، 26 مايو 2025 – تتفاقم المأساة في قطاع غزة يومًا بعد يوم بوحشية غير مسبوقة. قُتل ثمانية أطفال من عائلة واحدة، أبناء الطبيبة علاء النجار، التي كانت تعمل في مستشفى “ناصر” في خان يونس. تم تدمير المنزل، وأصيب زوج الطبيبة، وهو أيضًا طبيب، بجروح خطيرة. نجا طفل واحد فقط من بين الثمانية، بينما وُجد الآخرون، الذين تتراوح أعمارهم بين أشهر وسنوات، تحت الأنقاض وقد فارقوا الحياة على الفور. هذه هي حقيقة غزة، واقع مليء بالدماء والألم والرعب يتكرر في مئات العائلات كل يوم.

هذه الأحداث ليست أرقامًا مجردة، بل هي الوجه الإنساني المروع لكارثة أودت بحياة حوالي 53,901 شخص وأصابت 122,593 آخرين منذ أكتوبر 2023. منذ مارس 2025، مع استئناف النزاع بعد هدنة قصيرة، قُتل ما يقرب من 3,747 شخصًا وأصيب أكثر من 10,552 آخرين في الأشهر الأخيرة فقط. يدفع الأطفال والنساء وكبار السن والمدنيون الأبرياء ثمنًا باهظًا.

الظروف الصحية يائسة للغاية: تم تدمير أو تضرر ما لا يقل عن 94% من جميع مستشفيات قطاع غزة، مما يجعل تقديم الرعاية المناسبة شبه مستحيل. هذا العام فقط، تم علاج أكثر من 9,000 طفل من سوء التغذية، مع وفاة المئات بسبب الجوع ونقص الرعاية الطبية. في الساعات الأربع والعشرين الماضية، سجلت مستشفيات غزة 79 حالة وفاة (منها 5 تم انتشالها) و211 جريحًا، لكن هذه البيانات لا تشمل المناطق الشمالية من القطاع، التي يصعب الوصول إليها، حيث الوضع مأساوي بنفس القدر.

لا تزال العديد من الضحايا تحت الأنقاض أو في الشوارع، ولا تتمكن فرق الإنقاذ والدفاع المدني من الوصول إليهم. إنها مأساة لا نهاية لها، أزمة إنسانية تتطلب تدخلًا فوريًا. فقط يوم أمس، الأحد، توفي 37 شخصًا وتم محو 8 عائلات من السجلات المدنية في الأيام الأخيرة.

تتابع جالية العالم العربي في ايطاليا(كوماي) والمجتمع الطبي الدولي، وخاصة المتخصصين الصحيين في AMSI(نقابة الأطباء من أصل أجنبي في ايطاليا )و UMEM(الرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية الدولية)، إلى جانب مراسلينا في AISC_NEWS وإذاعة كوماي الدولية في أكثر من 120 دولة، هذه الوضعية اللاإنسانية وتدينها باستمرار.

لقد فقدنا أكثر من 1,100 من العاملين في المجال الصحي، حيث فقد 74% منهم أيضًا أفرادًا من عائلاتهم، بما في ذلك الأطفال والآباء. هناك أكثر من 17,000 طفل يتيم و52,000 امرأة حامل في خطر بسبب نقص الرعاية المناسبة.

الوضع يزداد سوءًا بسبب نقص المساعدات منذ فترة طويلة، مما يؤثر بشكل كبير على الأطفال والسكان: في الساعات الأخيرة، دخل 83 شاحنة مساعدات إنسانية من الأمم المتحدة إلى قطاع غزة، ليصل العدد الإجمالي إلى 388 شاحنة منذ استئناف المساعدات. لكن يجب فعل المزيد: هناك حاجة ملحة لأكثر من 700 شاحنة يوميًا من المساعدات الصحية والإنسانية لتخفيف المعاناة اليومية والجوع الذي يعاني منه الأطفال.

بيانات أخرى مقلقة تتعلق بحرية الصحافة: قُتل أكثر من 220 صحفيًا في غزة منذ أكتوبر 2023، من بينهم حسن أبو وردة، آخر ضحية في قائمة طويلة من العاملين في مجال الإعلام الذين سقطوا في النزاع.

في هذا السياق، أوجه رسالة مفتوحة إلى الحكومة الإيطالية، المجتمع الأوروبي، الأحزاب السياسية، القطاع الصحي والمجتمع المدني لدعم الشعب الفلسطيني، وخاصة الأطفال من الضروري أن تتخذ إيطاليا موقفًا محايدًا لتعزيز السلام واحترام حقوق كلا الشعبين والدولتين.

هذه بالتأكيد أخطر وأقسى وضعية شهدها العالم من حيث الضحايا الأبرياء، خاصة الأطفال والنساء.

منذ عام 2000 وأنا أتابع الوضع الدولي، ومنذ عام 2010 الربيع العربي، لكنني لم أرَ من قبل صورًا بهذه الوحشية وعددًا كبيرًا من الضحايا الأبرياء في فلسطين.

من جانب الأحزاب السياسية، ألاحظ تقدمًا في التصريحات التضامنية (على الأقل من بعضهم)، لكن للأسف لا تزال هناك انقسامات واضحة: من جهة، من يدعم المساعدات الإنسانية والسلام بين دولتين وشعبين، ومن جهة أخرى، من يحاول تبرير ما لا يمكن تبريره والدفاع عن ما لا يمكن الدفاع عنه وغير إنساني.

من الناحية الصحية، سجلنا فقدان أكثر من 1,100 من العاملين في المجال الصحي، حيث فقد 74% منهم على الأقل اثنين من أقاربهم المباشرين (أطفال، آباء). لدينا أكثر من 17,000 يتيم و52,000 امرأة حامل في خطر شديد. 96% من المستشفيات غير صالحة للعمل. ما تبقى من المستشفيات يمكن بالكاد اعتباره عيادة طبية عامة، وغالبًا لا يمكن حتى ذلك.

لذلك، نطالب الحكومة الإيطالية باتخاذ خطوة جريئة لدعم الشعب الفلسطيني من خلال تقديم مساعدات إنسانية وصحية ملموسة، وفتح ممرات إنسانية وصحية فورية.

لا يمكن الاستمرار في اتخاذ مواقف غامضة: بعض القرارات السياسية والتصريحات ستُذكرها التاريخ، إما كأعمال شجاعة أو كمواقف غير داعمة للحوار والسلام وللأطفال الذين يموتون جوعًا.

منذ بداية النزاع، نصدر بيانات تضامن، ونداءات للحوار والسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن غالبًا لا يتم الاستماع إلينا. ومع ذلك، نقدر كثيرًا التضامن المتزايد من الشعب الإيطالي، الذي يعارض بشدة كل أشكال معاداة السامية والإسلاموفوبيا، مما يعطي مثالًا على الإنسانية والاحترام.

حان الوقت للعمل بمسؤولية والتزام حقيقي لوقف هذه المأساة التي لا تنتهي. يجب على الحكومة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني أن يتحدوا لتعزيز حل عادل ودائم، قائم على احترام حقوق الإنسان وحق الجميع في الحياة.

بهذا النداء، باسمي وباسم (Co-mai)، (UMEM) ، (AMSI)، (UN@UN) والمجالس الإدارية التابعة لها، نؤكد على الحاجة الملحة لالتزام دولي قوي يجلب الراحة والأمل لملايين الأشخاص الذين يعيشون اليوم في الخوف والمعاناة.

ندعو أيضًا جميع المجتمعات المدنية في العالم، وخاصة الشباب، للاتحاد من أجل تكثيف الجهود ضد كل أشكال الحرب والنزاع. ندعو إلى الحوار البناء، موجهين نداءنا بشكل خاص إلى الشعب الفلسطيني والمجتمع المدني الإسرائيلي، لتوحيد جميع الأشخاص الذين يؤمنون بالاحترام المتبادل والتعايش السلمي. نحن نضحي بأجيال كاملة من الأطفال و الشباب، مما يهدد مستقبل الحوار والسلام. من الضروري تجنب المواجهات اليومية، حتى على المستوى الإعلامي، وتعزيز إعلام صحيح ومسؤول يمكن أن يضع أسسًا لثقافة جديدة للسلام. كحركة “متحدين للوحدة”، نؤمن بأن المستقبل يكمن في وحدة من يرفضون العنف ويختارون الحوار كطريق وحيد ممكن.

أود أن أضيف نداءً قويًا ورمزيًا ينبع من تلك الصور المؤلمة التي تستمر في التأثير على ضمائرنا: أطفال ينتظرون لساعات، في طابور، مع وعاء في أيديهم، على أمل الحصول على قليل من الأرز أو بعض الملاعق من البقوليات. لا يمكننا تحمل مشاهد لأطفال يتشاجرون أو يبكون من أجل وعاء من الطعام، في محاولة يائسة لإحضار شيء لعائلاتهم.

في عام 2025 – في قلب عالم يدعي التحضر والاتصال – من غير المقبول أن نشهد مثل هذه الواقع. لهذا السبب، كحركة “متحدين للوحدة”، نعيد إطلاق رسالتنا ضد جميع الحروب، بشعار هو صرخة احتجاج وإنسانية: “لا لحرب أوعية الأرز والفاصوليا لإطعام الأطفال والعائلات”.

نقول كفى للجوع كسلاح حرب، وندعو جميع المجتمعات المدنية، الشباب والأشخاص ذوي النوايا الحسنة – في فلسطين، في إسرائيل، وفي كل ركن من أركان العالم – لبناء جبهة مشتركة لصالح الحوار، الاحترام المتبادل والسلام الحقيقي.

البروفيسور الدكتور فؤاد عودة رئيس تحرير وكالة ايسك_نيوز (الوكالة العالمية البريطانية اعلام بلا حدود)طبيب، صحفي دولي وخبير في الصحة العالمية و نقيب الأطباء من أصل أجنبي في ايطاليا(امسي)
*مؤسس AMSI، UMEM، Co-mai وحركة “متحدين للوحدة”

جهات الاتصال الصحفية

المكتب الاعلامي المشترك الدولي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق