
رغم اننا في خضم تلاطم الامواج العالية بتشكيل عالم جديد بعد حربي اوكرانيا وغزة، ولكن بدأنا نلمس مؤشرات اولية جدا حول سمات العالم المتشكل، وماذا سيبقى من العالم الحالي.
جلبت الحرب في اوكرانيا مادة جديدة جديرة بالاهتمام؛ اسقطت فاعلية العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا وايران، كشفت مواطن ضعف الولايات المتحده في السياسة الدولية، احرجت الكيان الاوروبي وهدد مستقبل وحدته واستقلاله، افرزت وشجعت صعود اليمين الفاشي واليمين الديني والشعبوي، افقدت سيطرة الولايات المتحدة في ضبط ايقاع حلفائها وخاصة من هم في مرتبة االدول الوازنة اقتصاديا وجيو سياسيا.
أما الحرب على غزة فقد اسقطت وهمين كبيرين: الاول- بانهيار الفوقية العسكرية الاسرائيلية، انتكاسة كبيرة للسردية الاسرائيلية في العالم، مراجعة نقدية للعلاقات الدولية وخاصة الغربية مع سياسةاسرائيل الرسمية، تململ غير مسبوق تجاه اسرائيل من العالم العربي ومن دول الاعتدال العربي خاصة من المحور الوازن، المملكة العربية السعودية-مصر-والاردن.
ولكن، الثاني وهو الاهم، ما اضافته غزة في التغيرات الدولية كانت بنسف السردية الاسرائيلية التي سادت في العالم منذ نكبة ١٩٤٨، وكشفت القناع على زيفها واعادت القضية الفلسطينية الى المربع الاول. واسقطت بذلك وهم اندثار القضية الفلسطينية.
هذه المعطيات احدثت التطاما كبيرا داخل القوى العالمية وخاصة الولايات المتحدة، وعلى اهم حلفائها اسرائيل.
ما المشترك بين ترامب، نتنياهو واردوغان؟؟
لكي نستشرف العالم الجديد الذي يتشكل الان، لا بد من فهم المشترك بين ترامب ونتنياهو واردوغان.
اولا- ثلاثتهم شخصيات كاريزماتية ينتمون الى اليمين الشعبوي.
ثانيا- ثلاثتهم بينغلون ويتلحفوم الدين واللاهوت لضمان حكمهم، ترامب مع المسيحية الانجليكانية، ونتنياهو مع الصهيونية الدينية وفتيان التلال التلموديبن، واردوغان مع الاسلام السياسي العلماني.
ثالثا- ثلاثتهم يحاربون الدولة العميقة في دولهم الوطنية، ويكفرون بالمؤسسات الدولية ومدى فاعليتها.
رابعا-اضطهاد الاقليات والمهاجرين والسود والفقراء والمسلمون والنساء.
خامسا- ثلاثتهم يمتلك فائض قوة عسكرية يستعملونها لتأخير مجرى التغيرات السياسية والاجتماعية بتم التلوبح بها كل الوقت.
سادسا- ثلاثهم يملكون صفات الاستكبار والنرجسية والانتقام من المنافسبن والميل الواضح للسلطة والفساد المالي وتأليه الشخصية والنزعة الدكتاتورية وتوظيف التابعين والمنصاعين للرئيس.
سابعا- جميعهم يشعر ان الله ارسلهم لانقاذ العالم، ومن يهاجمهم انما يهاجم الوطن والله ويتقنون دور الضحية على طول الطريق.
سابعا- يعللون كل انتقاد ضدهم ” بالمؤامرة”.
ثامنا- يهاجمون الصحافة ووسائل الاعلام، فاما أن يمتلكونها ، او يدمرونها.
تاسعا- يميلون الى نظام الحكم الرئاسي الفردي، لا يؤمنون بالمؤسسات والفصل بينها، فهم ابعد من يسعون للديمقراطية الحقيقية.
عاشرا- اذا اصطدمت مصالحهم الشخصية مع مصلحة الوطن، فخيارهم يكون مصلحتهم الشخصية ومستقبلهم السياسي.
ان اوروبا الغربية هي الاكثر ترشبحا لرواج هذه السمات في المرحلة القادمة، مما سيؤدي الى تفكيك الاحلاف الدولية، ومن الممكن تفكيك الاتحاد الاوروبي، وليس من المستبعد تفكيك وانسلاخ ولايات امريكية وازنة مثل لوس انجلوس وتكساس وغيرهما من دولة الام- امربكا.
بالمقابل سيرتفع وزن العامل الثقافي والاخلاقي والارث التاريخي للشعوب الاصلانية، والجغرافيا السياسبة كعوامل مؤثرة اكثر من غيرها بتحديد ملامح العالم الجديد. وسيكون نصيبا كبيرا لدول الشرق والجنوب وامريكا اللاتينية في رسم المشهد القادم.
سهيل دياب- الناصرة
د. العلوم السياسية
25.3.2025