
مساء يوم 12 سبتمبر 1993 وفي وقت متأخر من الليل .. تلقيت مكالمة هاتفية من احد الأصدقاء “الفتحاويين” ورفيقي في التنظيم
– شو وينك .. انت مش جاي معانا؟
– جاي معاكم وين؟
– شو بتتخوت؟ .. بكرة توقيع الاتفاق بين المنظمة والإسرائيليين.. وأبو عمار وباقي القيادة جايين .. فلازم نكون هناك وطالعين على واشنطن كمان شوي .. يالله تعال
– بدك اياني اطلع عشان اتفاق بيع فلسطين.. انت عارف موقفي من الاتفاق
– مش وقت تنظير سياسي الحين .. خلينا نطلع نشوف القيادة ونسمع شو رايح يحكوا وبعدين خد الموقف اللي بدك اياه
– طيب بس عندي برنامج كمبيوتر لازم اسلمه بكرة .. في الأول خليني اروح الجامعة واحطه على باب غرفة الدكتور واكتبله رسالة اني مش جاي على المحاضرة .. الله يستر ما يفكروني رايح اسرق شي في نص الليل .. وبعدها بطلع على شارلوت .. بدي شي ساعة ساعة ونص لاصلكم.
– اوكي
وبالفعل ذهبت الى الجامعة ووضعت البرنامج للدكتور وكتبت له رسالة شرحت له اني ذاهب لواشنطن لحضور توقيع الاتفاقية وانطلقت الى شارلوت لأقابل الشباب وننطلق الى واشنطن دي سي.
وبعد العودة من رحلة واشنطن .. ذهبت الى المحاضرة لاجد الدكتور يبتسم لي ويقول انه شاهد توقيع الاتفاقية في البيت الأبيض على السي ان ان وسألني اذا كنت معهم في البيت الأبيض؟ (يبدو انه ظن انني شخصية مهمة!!)
اندمجت في الدور وقلت له انني لم أتمكن من الدخول بسبب وصولنا متأخرين الى واشطن .. فهي تبعد حوالي ست ساعات ووصلناها في فترة الزحمة الصباحية فتأخرنا، ولكنني ذهب الى الفندق الذي تقيم به القيادة الفلسطينية وقابلتهم هناك.
رد علي قائلا .. ارجو ان يعم السلام هذه المنطقة.
في المساء كنت في مختبر الكمبيوتر (computer lab) لأتفاجأ بفتاة تسأل عني، ذهبت اليها لاكتشف انها طالبة تدرس صحافة في الجامعة وأنها تعمل أيضا في الصحيفة الأسبوعية التي تصدرها الجامعة وتريد ان تجري لقاء صحفيا معي حول اتفاقية السلام ورحلتي الى واشطن، قلت لها بكل تأكيد ولكن.. كيف عرفت بموضوع ذهابي الى واشنطن؟ قالت انني صديقة لاحد زملائك في المادة وكان حاضرا في المحاضرة عندما سألك الدكتور عن زيارتك لواشنطن فأخبرني.
أجريت الحوار معها في اليوم التالي وحرصت على التأكيد في الحوار على القول ان الفلسطينيين هم ضحايا الإرهاب الإسرائيلي وليسوا إرهابيين كما تصورهم الصحافة الامريكية، وأكدت عليها ان تذكر هذه الجملة تحديدا في اللقاء ولا تحذفها.
في الأسبوع التالي يوم صدور العدد الجديد من صحيفة الجامعة تفاجأت بالكثير من الطلبة والطالبات الذين لا اعرفهم يأتون للسلام علي وانا امشي في أروقة الجامعة ويقولون انهم رأوا صورتي على الصفحة الأولى من الصحيفة ويتمنون للفلسطينيين ان يقيموا دولتهم.
صفحة أولى !!
اسرعت لإحضار نسخة من الصحيفة لأجد صورتي وانا احمل العلم تتصدر الصفحة الأولى وفوقها عنوان ما زلت اذكره حتى اليوم (Palestinian Student Celebrates Treaty) طالب فلسطيني يحتفل بالاتفاقية، وتصفحت المقال الذي فيه اللقاء وسعدت بأنها ذكرت تقريبا كل ما قلت لها وتأكدت انا لم تحذف الجملة التي أكدت لها عليها وهي اننا لسنا إرهابيين، بل ضحايا الإرهاب الإسرائيلي).
كان أسبوعا حافلا.. شعرت بأنني اشهر طالب في الجامعة، فأينما ذهبت اجد من ينظر ويشير الي ومن يأتي الي ليصافحني ويتحدث معي ويسألني عن رأيي فيما يحدث، وحدثني بروفيسور علوم سياسة وطلب ان يستضيفني في محاضرته القادمة لانها عن الشرق الأوسط ، هذا غير بعض الطالبات اللواتي اردن التعرف علي ومواعدتي .. ولكني كنت ارفض ان استغل القضية لمآرب شخصية ورفضت بكل “حمرنة” كل طلبات التعارف والمواعدة
بعد أسبوع .. صدر العدد التالي من الصحيفة وعدت طالبا عاديا🫣