اخبار العالم العربينشاطات

كلمة رئيس الاتحاد العام لمؤسسات دعم اللغة العربية في تشاد، الدكتور حسب الله مهدي فضله: في افتتاح اليوم التفاكري المقام بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لتأسيسه

معالي السيد الوزير الأمين العام النائب للحكومة المكلف بترقية الثنائية اللغوية والعلاقات مع المؤسسات الكبرى في الدولة

.الإخوة الأعزاء الحضور الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نلتقي في صباح اليوم في مناسبة سعيدة، وهي ذكرى تأسيس الاتحاد العام لمؤسسات دعم اللغة العربية في تشاد، التي رأينا أن يكون الاحتفال بها في شكل يوم تفاكري بين كوادر مثقفي اللغة العربية من أجل رسم خريطة طريق تسهم في تعزيز مكانة اللغة العربية في تشاد ويستنير بها الاتحاد في خططه المستقبلية التي يعدها للسنوات القادمة.

واسمحوا لي أيها الإخوة أن أعود بكم إلى سنوات سابقة لنتبين متى نشأت فكرة تأسيس الاتحاد وما هي المراحل التي مرت بها هذه الفكرة حتى تجسدت على أرض الواقع، لأن من بينها من عايش هذه الأحداث، وهناك من لم يكن له إلمام بتفاصيلها وتطوراتها.

فقد نتجت الفكرة من حوارات لمثقفي العربية الذين لاحظوا أن تطبيق رسمية اللغة العربية ما زال لم يتحقق بعد مرور عدة سنوات من إقرارها من قبل المؤتمر الوطني المستقل ثم في دستور البلاد.
فخلصت الحوارات إلى ضرورة عقد مؤتمر جامع لمناقشة مختلف جوانب القضية ومعرفة عوائقها وإيجاد الحلول لها، ومن ثم تكوين آلية دائمة للمتابعة تمثل مثقفي العربية وتتحدث باسمهم.


فانعقد المؤتمر الجامع الأول في نوفمبر عام 2000م، ونتج عنه تأسيس أمانة عامة دائمة للمؤتمر تم تكوينها بعد اختتام أعماله. لكنها للأسف توقفت بعد أشهر قليلة من تأسيسها.
ثم حصلت بعض التطورات والمستجدات التي دعت إلى عقد المؤتمر الجامع الثاني عام 2009م، وكان من أهدافه الخروج بآلية تنظيمية تعنى بمتابعة قضية اللغة العربية وتسهر على حمايتها، لكن للأسف لم تسمح الظروف بتكوين الآلية المرتقبة بل صدرت توصية بضرورة إنشاء هيئة عامة للدفاع عن اللغة العربية دون تحديد كيفيتها.


فنشأت بعد أشهر من انتهاء المؤتمر عدة كيانات لمثقفي العربية بمسميات مختلفة منها ما يشير إلى اللغة العربية ومنها ما يشير إلى الثنائية اللغوية.
وبناء على التوصية بعقد المؤتمر الجامع الثالث بعد سنتين، فقد بادرت مجموعة من المؤسسات المهتمة بأمر اللغة العربية إلى عقد اجتماعات تشاورية خلصت إلى تكوين لجنة تحضيرية لتنظيم المؤتمر بمشاركة غالبية الجهات الفاعلة في الساحة الوطنية.
وتفاديا لتكرار التجربتين السابقتين فقد تم إعداد النظام الأساسي للهيئة المطلوبة ومناقشته في داخل المؤتمر، الذي استغرق أربعة أيام، من 19 إلى 22 مايو 2012م، قدم فيها مثقفو العربية آراءهم وأفكارهم في اثنتين وأربعين ورقة علمية احتوت على مختلف القضايا المتعلقة باللغة العربية وتحدياتها والحلول المقترحة، وهكذا تم تأسيس الاتحاد العام لمؤسسات دعم اللغة العربية في تشاد، وتم انتخاب قيادته ومجلسه الوطني من داخل المؤتمر، بعد مخاض طويل استمر اثنتي عشرة سنة، وها هو الآن قد أمضى اثني عشر من تأسيسه، وها نحن اليوم نلتقي لنراجع مسيرتنا في هذه الفترة، ونقيم إيجابيات المسيرة وسلبياتها، ومن ثم نرسم آفاق المستقبل من خلال الأوراق العلمية التي قدمها كوكبة من المختصين في المجالات ذات الصلة باللغة العربية وأهداف الاتحاد العام لمؤسسات دعم اللغة العربية في تشاد.

أيها الإخوة والأخوات.
كان بودنا أن نقدم بالصوت والصورة تقريرا شاملا بما حققه الاتحاد خلال هذه السنوات الماضية، لكن وجدنا أن ذلك يحتاج إلى مزيد من الوقت، لا يمكن أن يستوعبه يوم واحد، لذا نكتفي ببعض اللمحات السريعة التي تعطي جانبا من دور الاتحاد وإنجازاته وإخفاقاته خلال هذه الفترة.
فقد اتسعت دائرة عضوية الاتحاد وتأسست له فروع في كل الولايات الوطنية ، بل إن بعض الولايات لم تقتصر على المكتب الفرعي الولائي فحسب بل فتحت مكاتب فرعية في المحافظات التابعة لها.
وكل هذه المكاتب الفرعية للاتحاد تقوم بأنشطتها بصورة مستقلة، على ضوء البرامج والخطوط العريضة المعتمدة من المكتب الرئيس في العاصمة، ولا تحتاج إلى الرجوع إليه، إلا في بعض نقاط التشاور والتعاون، مما يجعل عملها من النماذج البارزة في تطبيق اللامركزية في العلاقة بين المكتب الرئيس وفروعه.


وهذا لم يتحقق لأي مؤسسة من منظمات المجتمع المدني في بلادنا حتى الآن حسب علمنا.
كما قدم الاتحاد العديد من المبادرات العملية الهادفة إلى تعزيز مكانة اللغة العربية وإلى تقوية الروح الوطنية والتعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع التشادي ، ومن بينها مبادرة حملة أحبك يا تشاد لتعزيز الروح الوطنية والتعايش السلمي التي تضمنت جولات ميدانية غطت معظم التراب الوطني وكانت لها آثارها ونتائجها الإيجابية العظيمة.
أما أبرز المبادرات التي أطلقها الاتحاد ونفذها على أرض الواقع فهي مبادرة الأسبوع الوطني للغة العربية التي لم يقتصر نجاحها على المستوى الوطني بل خرجت إلى آفاق العالمية وتنافست مع مبادرات مقدمة من منظمات دولية ودول عديدة، ومع ذلك تفوقت عليها، لتفوز بجائزة الشيخ محمد بن راشد للغة العربية كأفضل مبادرة في التخطيط والسياسة اللغوية،


وهانحن اليوم نلتقي في هذا المكان نتيجة الفوز بالجائزة، التي مكنت الاتحاد من تسديد ديونه المتراكمة خلال السنوات الماضية واستئجار هذا المقر وتجهيزه بكل الوسائل المناسبة ليكون محضنا وواحة لمثقفي العربية ليلتقوا فيه ويتبادلوا الآراء والأفكار في كل ما يخدم لغتهم ووطنهم وأمتهم ومجتمعهم.

وإن شاء الله ستحتضن هذه القاعة العديد من الفعاليات العلمية والثقافية والتربوية من دورات تدريبية لمعلمي اللغة العربية ودروس ومحاضرات وندوات وغيرها.
من ناحية أخرى، بذل الاتحاد جهودا مضاعفة في مجال التواصل مع الجهات الحكومية التي لها علاقة بالتعليم وتطبيق الثنائية اللغوية، وفي مقدمتها الوزير الأمين العام للحكومة المكلف بترقية الثنائية اللغوية ووزير التربية الوطنية ووزير التعليم العالي ووزارة الخارجية ووزارة العدل وغيرها من الجهات الرسمية والمدنية داخل البلاد وخارجها، وقد نتج عن هذه اللقاءات العديد من البرامج المؤدية إلى دعم اللغة العربية وتعزيز مكانتها، وابرز مثال على ذلك: مشاركة الاتحاد في اللجنة الفنية التي كونها معالي الوزير الأمين العام للحكومة المكلف بترقية الثنائية اللغوية والعلاقات مع المؤسسات الكبرى في الدولة، والتي عكفت على إنجاز الاستراتيجية الوطنية لتعزيز الثنائية اللغوية في الإدارة العامة للدولة. والتي تم إقرارها فنيا من خلال ورشة متخصصة عقدت لهذا الأمر، وننتظر إقرارها من القيادة العليا للبلاد لتصبح قانونا ساري المفعول في الدولة.

ولم تقتصر مبادرات الاتحاد على المستوى الوطني فحسب، بل شملت القارة الأفريقية كلها من خلال تنظيم ثلاث مؤتمرات علمية دولية بمشاركة العديد من الجهات المهتمة باللغة العربية في أفريقيا والعالم العربي والإسلامي بل بعضها في القارة الأوربية، وقد نتج عن ذلك تأسيس المجلس الأعلى للغة العربية في أفريقيا الذي يضم في عضويته أعضاء من اثنتين وثلاثين دولة أفريقية، وقد اتفق جميع الأعضاء على اختيار جمهورية تشاد لتكون مقرا للمجلس، الذي أصبح مرجعية معتبرة في كل ما يتعلق بقضايا اللغة العربية في القارة الأفريقية.

: هذه نماذج بسيطة من الإنجازات التي حققها الاتحاد خلال هذه الفترة.

أما التحديات التي واجهها الاتحاد فهي أيضا كثيرة متنوعة نذكر منها على سبيل المثال مايلي:
١. تحديات ناتجة من داخل مثقفي العربية أنفسهم نظرا للمفاهيم الخاطئة التي تدور في اذهان كثير منهم والتي تعيق العمل الجماعي الذي يحتاج إلى تضافر الجهود ووحدة الصف والتضحية والإخلاص في العمل وتغليب المصلحة العامة على الخاصة ونحوها. فلا يمكن النجاح بدون هذه المقومات.
٢. تحديات ناتجة عن ضغوط اللوبي الفرانكفوني المتعصب الذي لا يريد للعربية أن تزدهر ويضع أمامها العقبات والعراقيل.
٣. تحديات ناتجة عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد وتنعكس بدورها على مسيرة الاتحاد ومسيرة اللغة العربية.
٤. عدم الدعم المالي والاعتماد على الجهود الذاتية من قبل الأعضاء وبعض المتعاطفين، حتى الرعاية السامية للأسبوع الوطني للغة العربية كانت رعاية شرفية بدون دعم مادي خلال السنوات الماضية، وكان أول دعم تحصلنا عليه من فخامة رئيس الجمهورية الحالي محمد إدريس ديبي إتنو الذي قدم لنا دعما ماليا أثناء رعايته لفعاليات الأسبوع الأسبق.
فله منا جزيل الشكر والتقدير والاحترام على هذا الدعم والرعاية.
وننتهز هذه الفرصة لنجدد تهنئتنا لفخامة السيد رئيس الجمهورية بمناسبة تجديد الثقة له وانتخابه من جماهير الشعب التشادي وتنصيبه كأول رئيس للجمهورية الخامسة، سائلين الله تعالى له التوفيق والسداد في خدمة الوطن والمواطنين وتحقيق ما فيه خير البلاد والعباد.
كما نجدد التهنئة لجميع أعضاء الحكومة بدءا من رئيس الوزراء والأمينة العامة للحكومة والأمين العام النائب للحكومة المكلف بترقية الثنائية اللغوية وجميع الطاقم الوزاري، سائلين الله تعالى لهم التوفيق والسداد.
وختاما نجدد
الدعوة إلى الوحدة بين مثقفي العربية فيما بينهم، ثم تحقيق الوحدة والتعاون بين مثقفي العربية ومثقفي الفرنسية ليتعاون الجميع في تنمية الوطن الحبيب وتطويره، حتى يطير الوطن إلى آفاق التقدم بجناحين بدلا من جناح واحد.
وذلك من خلال المساواة بين أبناء الوطن في كل الوظائف والحقوق والواجبات.
أجدد الشكر والتقدير لجميع الحضور.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق