مقالات

قراءة في كتاب القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (27)

بقلم: د. محمّد طلال بدران -مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلاميّة-

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
نمضي قدُمًا مع افتتاحية فصل الأناجيل في الكتاب الذي بين أيادينا حيث يقول بوكاي: إن المسؤولين يقللون بشكلٍ مبالغ فيه من أهمية الفترة الزمنية الواقعة بين نهاية رسالة المسيح وبين ظهور النصوص، فهم يريدون إيهام الناس بوجود صيغةٍ واحدة اعتمدت على تراثٍ شفهي، في حين أن المختصين قد أثبتوا أن هذه النصوص قد أصابتها تعديلات كثيرة، ويتحدثون هنا وهناك عن مصاعب التفسير في الوقت الذي يغضون فيه النظر عن المتناقضات البيّنة التي تقفز إلى عين المتأمّل ، فيلاخظ القارئ في المعاجم الصغيرة المُلحقة بالمقدمات المطمئنة أن الأمور غير المعقولة أو المتناقضات أو الأخطاء الصارخة كثيرًا ما تتجنب أو تخنق بحجج مديحية بارعة، وإنه لمِمّا يروّع القارئ هذا الحال من الأمور الذي يبين بجلاء الطابع الخدّاع لهذه التعليقات.
– ويضيف بوكاي على لسان أحد القساوسة الضليعين في تعقّب مضامين الأناجيل وهو (الأب كانينجسر) الى استحالة أن يعطى أي كاتبٍ من كتّاب الأناجيل لنفسه صفة شاهد العيان، وهو بذلك يدعُ للفهم الضمني أن بقية حياة المسيح العامة يبدو أن يُنظر إليها بنفس الشكل، حيث أنه ليس هناك أي حواري باستنثناء يهوذا الإسخريوطي قد انفصل عن السيد المسيح منذ اللحظة التي تبعه فيها حتى آخر أعماله على هذه الأرض.
– يشير بوكاي في هذه الأقوال والشواهد أن النصوص التي ملأت الأناجيل هي كتابات بشرية قد كُتبت بعد فتراتٍ طويلة جدًا من حياة المسيح على الأرض، وأنه لا يوجد شاهد عيانٍ واحد من الحواريين قد كتب النصوص تمامًا كما نزلت على المسيح خلال حياته، وأمام ناظرَيْه وأنّ كل ما جاء في هذه الأناجيل هو كتابات بشرية كُتبت وفق أهوائهم ورغباتهم، وتمت كتاباتها بعد مئاتٍ من السنين من انتهاء حياة المسيح على الأرض، ولذلك فقد ظهر فيها التناقضات الهائلة أولا في نصوصها نفسها، ثم ما زاد الطين بِلّة أن عبثت فيها الأيادي بعد ذلك، وتم عليها التعديل والتحريف والتزييف مرّات ومرّات عبر التاريخ حتى وصلت إلينا على هذا النحو، ولا ننسَ على الإطلاق شطب وإلغاء العشرات من نُسخ الأناجيل المؤلفة والمختلفة التي نُسبت إلى المسيح -عليه السلام- وومن ثم الاتفاق في المجامع الكنسية على أربع منها وهي: إنجيل متّى ولوقا وإنجيل يوحنا وإنجيل مرقُس…
ونستمر مع حضراتكم في الفصل الجديد الذي يعقُب المقدمة في مقالة جديدة وقد عنونه بوكاي بهذا العنوان: (تذكرة تاريخية اليهودية المسيحية وبولس) في صفحة رقم: (72) من الكِتاب فإلى لقاء الغد بمشيئة الله وحوله.
– مقالة رقم: (1616)
20. ذو القعدة. 1445 هـ
د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق