خواطرمنظمة همسة سماء

همساتي للصباح حُسن الظن سلامة وسوء الظن ندامة

فاطمة ابوواصل اغبارية

إنّ سوء الظن بالناس والشك بهم من الأمور المكروهة فإنّ ذلك يزرع البغضاء والكراهية فيما بينهم،
، ويقطع حبال الأخوة، ويمزق وشائج الألفة والله يحذرنا منه بقوله:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12] وقال – صلى الله عليه وسلم “إذا ظننت فلا تحقق”

يقول الإمام الغزالي رحمه الله كلامًا نفيسًا: “اعلم أن سوء الظن حرام مثل سوء القول فكما يحرم عليك أن تحدث غيرك بلسانك بمساوئ الغير، فليس لك أن تحدث نفسك وتسيء الظن بأخيك.” إلى أن يقول”.. وسبب تحريم سوء الظن أن أسرار القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب، فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءًا إلا إذا انكشف لك بعيان لا يقبل التأويل فعند ذلك لا يمكنك ألا تعتقد ما علمته وشاهدته وما لم تشاهده بعينك ولم تسمعه بإذنك ثم وقع في قلبك فإنما الشيطان يلقيه إليك فينبغي أن تكذبه فإنه أفسق الفساق” انتهى كلامه رحمه الله.

وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن سوء الظن يكون محرمًا إذا توافرت فيه ثلاث شروط:
أولها:أن يكون من يُساء به الظن مسلمًا.
ثانيها: أن يستقر سوء الظن في النفس وتصير التهمة التي يتهم المسلم أخاه بها شيئًا يترتب عليه أن يعامل المسلم أخاه حسبما استقر في نفسه،
ثالثها: أن يكون المتهم الذي يساء الظن به ظاهر الصلاح والعدالة بمعنى أنه غير مرتكب لكبيرة ولا مُصِرّ على صغيرة فيما يبدو للناس، أما فيما بينه وبين الله تعالى فلا دخل للعباد فيه.

وحسن الظن يؤدي إلى سلامة الصدر وتدعيم روابط الألفة والمحبة بين الناس ، فلا تحمل الصدور غلاًّ ،ولا حقدًا أمتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم:
“إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًاً”
فمن ساء ظنه بالناس كان في تعب فضلاً عن خسارته لكل من يخالطه حتى أقرب الناس إليه ومن آفات سوء الظن أنه يحمل صاحبه على أتهام الآخرين مع إحسان الظن بنفسه وهو نوع من تزكية النفس التي نهى الله عنها في كتابه: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم:32
ينبغي علينا أن نُحمل الكلام على أحسن المحامل: زار أحدهم الإمام الشافعي رحمه الله حين مرض فقال: قوى لله ضعفك، فرد الشافعي: لو قوى ضعفي لقتلني، قال: والله ما أردت إلا الخير. فقال الإمام: أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير. فهكذا تكون الأخوة الحقيقية إحسان الظن بالإخوان حتى فيما يظهر أنه لا يحتمل وجها من أوجه الخير.
بسبب سوء الظن كرهنا بعضنا، وقلَ لقاؤنا، وقطعنا رحمنا
وقال الشاعر :
” إذا ساءَ فِعْلُ المرْءِ ساءَتْ ظُنُونُهُ
وَصَدَقَ مَا يَعتَادُهُ من تَوَهُّمِ
وَعَادَى مُحِبّيهِ بقَوْلِ عُداتِهِ
وَأصْبَحَ في لَيلٍ منَ الشّكّ مُظلِمِ
أُصَادِقُ نَفسَ المرءِ من قبلِ جسمِهِ
وَأعْرِفُهَا في فِعْلِهِ وَالتّكَلّمِ
وَأحْلُمُ عَنْ خِلّي وَأعْلَمُ أنّهُ
متى أجزِهِ حِلْماً على الجَهْلِ يَندَمِ”
أحسنوا الظن بالآخرين لا تجهدوا أنفسكم
بتفسير الكلمات حسب أهواءكم فقد يحسن النية لكن يسيء التعبير
فلستم المطلعون على القلوب
يقول ابن القيم : “والله إن العبد ليصعب عليه معرفة نيّته في عمله ، فكيف يتسلط على نيّات الخلق.”

الأخوات والأخوة عطر الله صباحكم بذكره

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق