الرئيسيةشعر وشعراء
أ. د. لطفي منصور قَصيدَةُ ابْنِ عَساكِرَ في الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ:
الحافِظُ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ أبو القاسِمِ الْمَعْروفُ بِابْنِ عَساكِرَ الدِّمَشْقِيُّ. الْمْحَدِّثُ، الْكاتِبُ الْمُؤَلِّفُ الرَّحّالَةُ، مُحَدِّثُ الدِّيارِ الشّامِيَّةِ. مًَوْلِدُهُ وَوَفاتُهُ في دِمَشْقَ !
(٤٩٩-٥٧١هج).
لَهُ تاريخُ دِمَشْقَ الْكَبيرُ الذي يَرْبُو عَلَى سِتِّينَ مُجَلَّدًا، حوى شُيوخَ الحَديثِ، والقُضاةَ، وَأُمَراءَ دِمَشْقَ، وَشُعَراءَها، وَجَميعَ مَنْ مَرَّ بِها مِنَ الْعُلَماءِ والْأُكابِرِ خِلالَ عِدَّةَ قُرونٍ مَرَّت.
في زِياراتي الْمُتَتالِيَةِ لِمَعْرِضِ الْكِتابِ في الْقاهِرَةِ ، في الْعٍقْدِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذا القَرْنِ ، استَطَعْتُ أنْ أَحْصُلَ عَلَى نُسْخَةٍ مِنَ الْكِتابِ لِمَكْتَبَةِ الْمَعْهَدِ الْأَكّاديمي لِإعْدادِ الْمُعَلِّمينَ بِإدارَتي، وَاكْتَفَيْتُ بٍاقْتٍناءِ مُخْتَصَرِ الْكِتابِ لِابنِ مَنظورٍ (صاحِبِ لِسانِ الْعَرَبِ) في ثَلاثينَ مُجَلَّدًا مِنَ الْقَطْعِ الْمُتَوَسِّط.
إنَّ الْفائِدَةَ الْعْظْمَى التي يَجْنيها الباحِثُ من كِتابِِ التّاريخِ لِابْنِ عَساكِرَ لا يُضاهيها مَصْدَرٌ آخَرُ في الْمَوْضوعِ نَفْسِهِ.
في مُطالَعاتي في الْكِتابِ وَجَدْتُ قَصيدَةً شِعْرِيَّةً نَظَمَها ابْنُ عَساكِرَ نَفْسُهِ في فَضْلِ الْحَديثِ النَّبَوِيِّ الشَّريفِ.
يَقولُ: مِنَ الْكامِلِ
– واظِبْ عَلَى جَمْعِ الْحَدِيثِ وَكَتْبِهِ
وَاجْهَدْ عَلَى تَصْحِيحِهِ في كُتْبِهِ
(الحَديثُ الصَّحِيحُ هُوَ ما رواهُ الثِّقَةُ عَنِ الصَّحابِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ)
– وَاسْمَعْهُ مِنْ أرْبابِهِ نَقْلًا كَما
سَمِعُوهُ مِنْ أَشْياخِهِمْ تَسْعَدْ بِهِ
(نَقْلًا: عَنْ طريق السَّماعِ وَ الْحُضور، أرُبابُهُ: أَصُحابُهُ الثِّقاتُ، تَسْعّدْ: فِعْلٌ مُضارِعٌ مجْزومٌ بَجَواب الطّّلًبِ “اسْمَعْ”)
– وَاعْرِفْ ثِقاتَ رُواتِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ
كَيْما تُمَيِّزَ صِدْقَهُ مِنْ كِذْبِهِ
(يُنْظَرْ كِتابُ الثِّقاتْ لِلْعَلّامَةِ أَبي حاتَمِ بنِ حِبّانَ الْبُسْتي (و ٣٥٤هج)
– وَهُوَ الْمُفَسِّرُ لِلْكٍتابِ وَإنَّما
نَطَقَ النَّبٍيُّ لَنا بِهِ عَنْ رَبِّهِ
(هُوَ: أيْ الْحَدِيثُ، وهوَ التَّفْسيرُ بِالْمَأْثورِ، كَجامِعِ الْبَيانِ لمُحَمَّدِ بْنِ جَريرِ الطَّبَرِي (ت ٣١٠هج، يَقْصِدُ الْآيَةَ الْكَريمَةَ “لا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إنْ هُوَ إلّا وَحْيٌ يُوحَى)
– فَتَفَهَّمِ الْأخْبارَ تَعْرِفْ حِلَّهُ
مِنْ حُرْمِهِ مَعَ فَرْضِهِ مِنْ نَدْبِهِ
(الْأَخْبارُ: جَمْعُ خَبَرٍ وَهُوَ الْحَدِيثُ، وَمِثْلُهُ الْأَثَرُ، الْحِلُّ وَالْحَرْمُ: الحلالُ والْحَرامُ. الْفرضُ: ما فَرَضَهُ اللَّهُ تَعالَى مِنَ التَّكاليفِ وَالْعِباداتِ، النَّدْبُ: ما حَثَّ اللَّهُ عَلَيْهِ دونَ أنْ يَكونَ مَفْروضًا)
– وَهُوَ الْمُبَيِّنُ لِلْعِبادِ بِشَرْحِهِ
سِيَرَ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى مَعَ صَحْبِهِ
(عُلومُ الْحَدِيثِ مُتَعَدِّدَةٌ تشْمَلُ الْمَغازي والسِّيَرَ، سيرَةَ النَّبِيِّ وَصحابَتِهِ)
– وَتَبَّعِ الْعالِي الصَّحِيحَ فَإنَّهُ
قُرْبٌ إلى الرَّحْمانِ تَحْظَ بِقُرْبِهِ
(الْأَحادِيثُ العاليَةُ: هيَ الَّتي إسنادُها صحيحٌ، وَرُواتُها ثِقاتٌ، لا خَلَلَ في حَمَلَتِها، وَمَرْفوعَةٌ إلى النَّبيِّ صَلَواتُ اللَّهِ عليهِ وَسَلامُهُ)
– وَاتْرُكْ مَقالَةَ مَنْ لَحاكَ بِجَهْلِهِ
مٍنْ كُتْبِهِ أوْ بِدْعَةٍ في قَلْبِهِ
(لَحاكَ: لامَكَ، بِجَهْلِهِ: شِبْهُ جُمْلَةٍ مُتَعَلٍّقَةٌ بِحالٍ تَقْديرُها جاهِلًا، مِنْ كُتْبِهِ: غيرُ الْمَوْثُوقَةِ)
– فَكَفَى الْمُحَدِّثُ رٍفْعَةً أَنْ يُرْتَضَى
وَيُعَدَّ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَحِزْبِهِ
(رِفْعَةً: تَمْييزٌ مَنْصُوبٌ، المصدَرُ الْمُؤَوَّلُ مِنْ أنْ والفعلُ يُرْتَضَى أيْ إرْضاءٌ فاعلُ كَفَى)
تَمَّتٍْ