مقالات
تكتيكات روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين في الحرب العالمية الثالثة
ينتقد ستريلكوف الآن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشدة، إشارة إلى التقدم البطيء في الحرب، بسبب نقص الموارد البشرية، ويدعو إلى تعبئة واسعة النطاق.
لكن، ومع كل الاحترام له، فهو لا يدرك أن لدى الغرب موارد أي نوع من الموارد أكثر من روسيا. والحرب مع الولايات المتحدة الأمريكية لا تدور في أوكرانيا، بقدر ما تدور في الاقتصاد، هي حرب استنزاف، حرب موارد.
وفي كل مرحلة، يعطينا الغرب جزرة أو يستخدم العصا لنقلنا إلى مستوى جديد من المواجهة، ما يعني مستوى جديدا من إنفاق الموارد.
وإذا أديرت الحرب بين روسيا وأوكرانيا على المستوى الراهن، فسوف تنفد موارد أوكرانيا أولا، وستنهار، خاصة إذا كان الغرب في تلك اللحظة يعاني من أزمته الاقتصادية الخاصة به. فإذا أعلننا التعبئة العامة، وتوجهنا بسرعة نحو الغرب، فسوف تزج الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحرب ببولندا ورومانيا ودول البلطيق. وسوف نقف مجددا بين خياري المزيد من التعبئة والركود الدموي النازف على الجبهة أو الهزيمة. فإذا ما أجرينا حينها مزيدا من التعبئة، وألقينا بكل قواتنا في المعركة، ستزج الولايات المتحدة الأمريكية بكل أوروبا إلى الحرب، لنجد أنفسنا ما بين خيارين: فإما الحرب النووية أو الهزيمة. أما تكتيكات بوتين الراهنة تجعل من الممكن توقع دخول الغرب في أزمة اقتصادية عميقة، وزعزعة للاستقرار الداخلي قبل أن تدخل روسيا فيها.
لقد نجحت الولايات المتحدة الأمريكية بالفعل في إجبار روسيا على الدخول في الحرب بأوكرانيا، والآن تحاول إجبارها على الانتقال إلى مستوى أعلى من المواجهة، حيث يقوم الغرب برفع مستوى الاستفزازات تدريجيا، متحسسا الخط الذي لا تستطيع روسيا عنده السكوت.
من جانبها، تتأقلم موسكو مع الإمدادات المستمرة والمتزايدة من الأسلحة الغربية. ومع ذلك، يبدو أن الغرب قد قرر اللجوء إلى الاستفزاز النووي، حيث قصف الجيش الأوكراني محطة الطاقة النووية في زابوروجيه عدة مرات خلال الأسبوع الماضي. اليوم تضرر بالفعل نظام التبريد بأحد المفاعلات. أسبوع آخر من مثل هذه الهجمات، وقد ينتهي الأمر بكارثة تشيرنوبيل جديدة.
في واقع الأمر، هذا أسوأ من القصف النووي للأراضي الروسية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث سيكون بوتين مضطرا للرد على ذلك. دعونا نرى ما إذا كان بإمكانه الإفلات من هذا التحدي، وانتظار الشتاء، عندما يصبح الوضع في أوروبا، ثم في الولايات المتحدة الأمريكية، كارثيا.
بالتوازي يكتب قراء قناتي الخاصة في “تليغرام” التعليقات التالية:
“زيارة وفد من ليتوانيا لتايوان في تحد جديد للصين، وطبعا الصين كالعادة: شعارات فارغة، وتهديد بالرد الحاسم، ثم ينتهي الأمر بصفر كبير”.
بشكل عام، لا تختلف لعبة الولايات المتحدة الأمريكية حول تايوان عن لعبتها في أوكرانيا: فاستفزاز الصين إلى حرب في وقت غير موات للصين، ومحاولة إطالة أمد الحرب، ثم إشراك حلفاء الولايات المتحدة في المحيط الهادئ في الحرب.
كل خطوة تتخذها الصين في ظل السيناريو الأمريكي، بما في ذلك الرد العسكري الفوري على زيارة بيلوسي أو وفد ليتواني، هي طريق لهزيمة الصين. فنحن نعلم جميعا أن الصين تبني قوتها العسكرية بسرعة، وستتفوق على الولايات المتحدة في المنطقة بغضون سنوات قليلة. في الوقت نفسه، فقد بدأ الاقتصاد الأمريكي بالفعل في الانهيار، وسيؤدي عام آخر من ارتفاع التضخم إلى انفجار الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى الصين فقط أن تنتظر، بينما يعني الاندفاع الخسارة.
تحاول الصين الآن تبديل الأدوار مع تايوان، أي أنها تحاول أن تصبح ضحية للعدوان في نظر المجتمع الدولي. بالطبع، تتوعد الصين بتصريحات عالية اللهجة بالرد بشكل حاسم، وذلك خطأ. إلا أنها، في الوقت نفسه، تزحف إلى شرفة تايوان، وتقوم بمناورات في المياه الإقليمية لتايوان، وتطير إلى أماكن لم تكن تطير فيها من قبل. وأعتقد أن القوات الصينية ستبقى هناك الآن، أي أنها لن تعود إلى مواقعها السابقة. أي أن الصين تعمل على إنشاء نقطة انطلاق للهجوم، والذي سيبدأ عندما يكون ذلك مفيدا للصين وليس للولايات المتحدة الأمريكية.
بمعنى أنها ستنتقل إلى مستوى جديد من التصعيد على نحو يجعل من أفعالها تبدو في نفس الوقت معقولة ومعتدلة للغاية. فإذا بدأت الحرب بالفعل، فمن المرجح أن يكون ذلك بسبب الرد التايواني على الاستفزاز الصيني. على سبيل المثال، أن تسقط تايوان طائرة صينية في مجالها الجوي، في الوقت الذي سيكون من الصعب فيه وصف ذلك بأنه استفزاز صيني، لأنه بحلول ذلك الوقت، ستكون الطائرات الصينية تحلق في المجال الجوي التايواني لفترة طويلة، وسوف يعتاد العالم بأسره على ذلك.
إن اندلاع الحرب من قبل تايوان يعني صعوبات في توسيع التحالف المناهض للصين وإضفاء الشرعية على مزيد من الرد العسكري الصيني.
تدور رحى الحرب العالمية الثالثة بالفعل، ولكن في العصر النووي، فإن ساحة المعركة الرئيسية هي الاقتصاد. أما القتال، في الوقت الحاضر على الأقل، يبدو ذو طبيعة مساعدة وثانوية. لذلك، لا ينبغي الحكم على نجاحات وإخفاقات الأطراف استنادا إلى التفاصيل الثانوية.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة “تليغرام” الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر : RT