الرئيسيةمقالات

أشكال الاعتراف بالدولة في القانون الدولي

بقلم: د. حنا عيسى - أستاذ القانون الدولي

(يجوز سحب الاعتراف إذا كان قد وقع الاعتراف تحت التهديد السياسي أو العسكري، ولكن لا يجوز سحبه فيما عدا ذلك، لترتب على الدول الناشئة التزامات قانونية)

الاعتراف بالدولة: ويحدث هذا الاعتراف عند قيام دولة جديدة أو عند اتحاد دولتين اتحادا فيدراليا وتشكيلهما دولة واحدة في المجال الدولي وأما الاتحاد الكونفدرالي فلا موجب للاعتراف به لأنه لا يحجب شخصية الدول الأعضاء في المجال الدولي. وهذا الاعتراف قد يكون فرديا تقوم به دولة واحدة تجاه الدولة الجديدة وقد يكون جماعيا كأن تقرر مجموعة دول السوق الأوروبية بالاعتراف بدولة جديدة. وقد يكون الاعتراف صريحا أو ضمنيا.فالقانون الدولي يقسم الاعتراف إلى قسمين أساسيين:

القسم الأول: الاعتراف القانوني (دي يورا) وهو اعتراف كامل بشرعية قيام الدولة الجديدة وتكامل عناصر قيامها بلا أي تحفظ.

القسم الثاني: الاعتراف الواقعي (دي فاكتا) هو اعتراف بوجود الدولة كأمر واقع دون ان يعني ذلك اعترافا بشرعية قيامها ويتضمن هذا النوع من الاعتراف تبادل العلاقات التجارية بين دولتين ويحدث تبادل قناصل دون أن يعني ذلك انقلاب الاعتراف الواقعي إلى اعتراف قانوني، ” العلاقات الدبلوماسية هي التي تفيد ضمنا باعتراف قانوني كامل وليست القنصلية “. والمثال على ذلك اعتراف بعض الدول بإسرائيل اعترافا واقعيا ضمنيا،وتبادل القناصل إذ أن هذا الاعتراف قائم على أسس الأمر الواقع ومن اجل غايات معينة.

ويجب أن يكون الاعتراف القانوني صريحا، وأما الاعتراف الواقعي فهو على الأغلب ضمني، ولكن لا شيء يمنع أن تعترف دولة ما بدولة أخرى اعترافا واقعيا بصورة صريحة ورسمية كما حدث على سبيل المثال حين اعترفت معظم الدول العربية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية أواخر عام 1979م وذلك قبل أن تعترف بها قانونيا بعد ذلك. وينبغي هنا الإشارة إلى أن قبول دولة كعضو في هيئة الأمم المتحدة لا يعني إلزام بقية الدول الاعتراف بها سواء الدول التي هي أعضاء في الهيئة قبلها أو تلك التي انتسبت إليها بعد قبول تلك الدولة. والاعتراف بالأمم أو الشعوب يجب ألا يكون على حساب أمم أخرى وشعوب أخرى نزولا عند القاعدة اللاتينية القائلة (لا يمكن سماع حق يتولد عن ظلم).

إن إعلان الاستقلال بولادة الدولة الفلسطينية في الخامس عشر من شهر نوفمبر 1988م في العاصمة الجزائرية جاء مستندا على الأسس التاريخية والطبيعية والقانونية.

كما ورد في (إعلان الاستقلال) ومع الظلم التاريخي الذي الحق بالشعب العربي الفلسطيني بتشريده وبحرمانه من حق تقرير مصيره إثر قرار الجمعية العامة رقم 181 عام 1947م الذي قسم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية فان هذا القرار مازال يوفر شروطا للشرعية الدولية تضمن حق الشعب العربي الفلسطيني في السيادة والاستقلال الوطني.

رسائل الاعتراف الصادرة عن منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل

رسائل الاعتراف الصادرة عن منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل هي سلسلة من خطابات الاعتراف الرسمية بين حكومة إسرائيل ورئيس وزرائها إسحاق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات في 9 سبتمبر 1993. وضعت هذه الرسائل الطريق لاتفاقيات أوسلو (“إعلان المبادئ بشأن ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت” وكانت في الواقع “ديباجة” في 13 سبتمبر 1993.

ثلاث رسائل

كانت هناك في الواقع ثلاث رسائل حسب النقاط التالية:

1: رسالة من ياسر عرفات إلى رئيس الوزراء رابين

9 سبتمبر 1993

إسحاق رابين

رئيس وزراء إسرائيل

السيد رئيس الوزراء،

إن توقيع إعلان المبادئ يمثل حقبة جديدة … أود أن أؤكد التزامات منظمة التحرير الفلسطينية التالية: تعترف منظمة التحرير الفلسطينية بحق دولة إسرائيل في الوجود في سلام وأمن. منظمة التحرير الفلسطينية تقبل قراري مجلس الأمن 242 و338. تلتزم منظمة التحرير الفلسطينية … بحل سلمي للصراع بين الجانبين وتعلن أن جميع القضايا المعلقة المتعلقة بالوضع الدائم ستحل عن طريق المفاوضات … منظمة التحرير الفلسطينية ونبذ استخدام الإرهاب وغيره من أعمال العنف وستتحمل المسؤولية على جميع عناصر وموظفي منظمة التحرير الفلسطينية من أجل ضمان امتثالهم ومنع الانتهاكات والانضباط للمخالفين … تؤكد منظمة التحرير الفلسطينية أن مواد العهد الفلسطيني التي تحرم إسرائيل من حقها في الوجود وأن أحكام العهد التي لا تتفق مع التزامات هذه الرسالة أصبحت الآن غير صالحة ولم تعد صالحة. بناء على ذلك تتعهد منظمة التحرير الفلسطينية بأن تقدم إلى المجلس الوطني الفلسطيني الموافقة الرسمية على التغييرات اللازمة فيما يتعلق بالعهد الفلسطيني.

بإخلاص،

ياسر عرفات

الرئيس: منظمة التحرير الفلسطينية.

2: رسالة من الرئيس عرفات إلى وزير خارجية النرويج

9 سبتمبر 1993

صاحب السعادة: يوهان يورغن هولست

وزير خارجية النرويج.

عزيزي الوزير هولست،

أود أن أؤكد لكم أن منظمة التحرير الفلسطينية عند توقيع إعلان المبادئ تشجع وتدعو الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى المشاركة في الخطوات المؤدية إلى تطبيع الحياة ورفض العنف والإسهام في السلم والاستقرار والمشاركة بنشاط في تشكيل التعمير والتنمية الاقتصادية والتعاون.

المخلص،

ياسر عرفات.

الرئيس: منظمة التحرير الفلسطينية.

3: رسالة من رئيس الوزراء رابين إلى الرئيس ياسر عرفات

9 سبتمبر 1993

ياسر عرفات

الرئيس: منظمة التحرير الفلسطينية.

السيد الرئيس،

ردا على رسالتكم المؤرخة 9 سبتمبر 1993 أود أن أؤكد لكم أن حكومة إسرائيل قررت في ضوء التزامات منظمة التحرير الفلسطينية الواردة في رسالتكم أن تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية بوصفها ممثلة للشعب الفلسطيني وأن تبدأ المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية في إطار عملية السلام في الشرق الأوسط.

إسحاق رابين.

رئيس وزراء إسرائيل.

ان الاعتراف بالدولة هو حسب معهد القانون الدولي في دورة انعقاده في بروكسل عام 1936 (عمل حر تقر بمقتضاه دولة أو مجموعة من الدول وجود جماعة لها تنظيم سياسي في إقليم معين مستقلة عن كل دولة أخرى ، و قادرة على الوفاء بالتزامات القانون الدولي العام، وتظهر الدول بالاعتراف نيتها في عدِّ هذه الدولة عضواً في الجماعة الدولية) ؛ أما الاعترافبالحكومة فهو التصرف الحر الذي يصدر عن دولة أو عدة دول للإقرار بسلطة أو حكومة معيّنة قادر على حفظ الأمن وتمثيل الدول القائمة في المجموعة الدولية و القيام بالتزاماتها اتجاه الدول .

ومن خلال ذلك توصلنا:

1. ان الاعتراف هو تصرف أحادي الجانب،وتصرف صادر من الإرادة المنفردة للدول.
2. إن الاعتراف هو شهادة بوجود دولة ناشئة، يمنحها هذا الاعتراف الشخصية القانونية الدولية.
3. إن الاعتراف هو نقطة الانطلاق للعلاقات الدبلوماسية بين الدول الناشئة والدول القائمة.
4. إن للاعتراف أشكالاً متعددة منها الصريح والضمني، والفردي والجماعي، والمشروط وغير المشروط والقانوني والفعلي.
5. يجوز سحب الاعتراف إذا كان قد وقع الاعتراف تحت التهديد السياسي أو العسكري، ولكن لا يجوز سحبه فيما عدا ذلك، لترتب على الدول الناشئة التزامات قانونية.
6. إن المعاهدات ذات الأطراف المتعددة تعد اعترافاً ضمنياً بالدول.
7. إن البعثات الدبلوماسية هي اعتراف ضمني بالدول الناشئة.
8. إن التحفظ هو أحد موانع الاعتراف بالدول في الاعتراف الضمني، حيث يكون التحفظ إما عاماً، أو تحفظاً خاص في يفرد له نص خاص من نصوص المعاهدة.
9. إن المعونات الإنسانية، وإرسالاتالإغاثة والتبادل التجاري والقنصلي، لا يعد اعترافاً.
10. إن الاعتراف الدولي أو عدمه لا يؤثر في المسئولية الدولية عن الدول الناشئة.
11. إن للاعتراف أثر كبير في الاستخلاف الدولي فإن عدم الاعتراف لا ينتج آثاراً قانونية وبالتالي لا يتحقق الاستخلاف الدولي الذي من شروطه الاعتراف بالدولة الناشئة.
12. إن النظرية الراجحة بشأن الاعتراف بالحكومات هي أن الاعتراف لا يقوم إلا لصالح الحكومات التي تنشأ بشكل شرعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق