الرئيسيةعواصم ثقافيه
عاش بها قوم ثمود والأنباط.. ماذا تعرف عن حضارة العُلا وأسرارها الغامضة؟
كان لموقع العلا الأثري الواقع شمال المدينة المنورة ذات يوم شأن كبير، إذ احتضنت المدينة التي أصبحت اليوم مجرد أنقاض 3 ثقافات مختلفة من تلك التي كانت موجودة في فترة ما قبل الإسلام.
موقع العلا الآثري
العلا، أو مدائن صالح، هو موقع تراثي ضخم يمتد على مساحة شاسعة من الأفدنة في الجبال الشمالية الغربية من المملكة العربية السعودية، ويتبع إدارياً لمنطقة المدينة المنورة، ويبعُد عنها حوالي 300 كيلومتر شمالاً.
وعُرفت العلا بعاصمة الآثار وبلد الحضارات، وسمَّاها أهلُها “عروس الجبال”، وعلى مقربة منها تقع مدائن صالح أو قرى صالح أو الحِجر، وهي تسميّات تُطلَق على مكانِ قومِ ثمودٍ والأنباط، حيث مقابرهم المنحوتة في الجبال، التي تُعرف عند أهل المنطقة بالقصور لروعة النحت وجماله.
كما سُمِّيت العلا قديماً بوادي القرى، وديدان، وتاريخها يعود إلى ما قبل الميلاد بآلاف السنين، مرت بها حضارات عدة، ويُروى أنَّ تسميتها بالعلا نسبة إلى عينين مشهورتين بالماء العذب، عُرفت بهما، وهما “المعلق وتدعل”.
كما تحوي المدينة آثاراً عظيمة، بعضها ظاهرة وبعضها مدفونة تحت الأرض، وبها آثار موغلة في القدم، كما فيها بقايا الكثير من المعابد والتماثيل التي تعود إلى عصر اللحيانيين عام 900 قبل الميلاد.
طريقٌ للقوافل التجارية
تاريخياً كانت العلا تقع في قلب العديد من الطرق التجارية القديمة التي اجتازت الصحراء، وكانت ذات أهمية خاصة في تجارة اللبان البدوي.
وقد جلبت هذه الخلطة من اليمن ووزعت في جميع أنحاء الشرق الأدنى والبحر المتوسط انطلاقاً من العلا.
وقد أشارت شبكة Archaeology News Network إلى أن “انتشار الواحات في المنطقة قد وفَّر استراحةً تشتد إليها حاجة المسافرين المُرهَقين، وأصبحت مكاناً شهيراً للراحة والتقاء التجار وإعادة الشحن”. لهذا السبب احتلت العديد من الحضارات هذا الموقع، وبناء على بقاياه المدهشة يمكن القول إنه كان غنياً جداً.
عاش بها الثموديون والمعينيون
أشار شوقي ضيف في كتابه “العصر الجاهلي في الأدب العربي” إلى أنَّ منطقة غرب الجزيرة العربيّة كانت في فترة من الفترات قبل الميلاد خاضعة لنفوذ الآشوريين، الذين دائماً ما كان ملوكهم يتفاخرون بالانتصار على الثموديين الذين كانوا يقيمون في العلا ومدائن صالح.
كما ذكر الكتاب نفسه أنّه تم اكتشاف نقوش آرامية في منطقة تيماء شمال مدائن صالح، تدل على أنها قامت فيها مستعمرة آرامية تجارية في القرن الخامس قبل الميلاد، إضافة إلى نقوش أخرى تدل على أن المعينيين كانوا يعيشون في العلا، وكانت تُسمى حينها بمعين مصران، وسكانها كانوا من عرب الجنوب، وقد نقلوا إليها عباداتهم وهياكلهم المقدسة، وظلوا نشيطين بالتجارة حتى جاءت الدولة النبطية.
الفتح النبطي
كانت العلا مركزاً حضرياً مهماً لكثير من الحضارات، منها هي الدادانية واللحيانية والنبطية، وكانت مملكة دادان من أوائل المجتمعات الحضرية في شبه الجزيرة العربية، وربما قد ذُكرت في العهد القديم.
لكنها انهارت بشكل غامض، وخلفتها مملكة لحيان، والتي غالباً ما يُنظر إليها باعتبارها تطوراً لاحقاً للثقافة الدادانية.
وفي القرن الأول قبل الميلاد، يبدو أن الأنباط من الأردن الحديث قد غزوا العلا واللحيانيين. وقد حوَّلوا المستوطنة إلى مدينة جميلة أُطلق على آثارها الحالية بتراء السعودية، وهي إشارة إلى المدينة النبطية، التي تعد أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.
وعندما غزا الإمبراطور الروماني تراجان المملكة النبطية في عام 106 بعد الميلاد، استعاد اللحيانيون استقلالهم، حيث يعيش أحفادهم في المنطقة الواقعة بين جدة ومكة حتى يومنا هذا.
الآثار الموجودة في منطقة العلا ومدائن صالح
في العلا ومدائن صالح الكثير من الآثار المكتشفة، وأخرى لا تزال تنتظر الكشف عنها، وتتمثل هذه الآثار في أماكن العبادة والنقوش الصخرية التي تركها الأقوام المتعاقبون، وهي آثار ثمودية ولحيانية ونبطية.
وبلغ عدد المدافن بمدائن صالح 131 مدفناً، وتقع جميعها في الفترة من العام الأول قبل الميلاد إلى العام 75 ميلادياً، وهي تحمل ملامح فنية رائعة وغاية في الجمال، فالمقبرة عند أصحاب الحجر لصاحبها وأسرته جيلاً بعد جيل، كما نحت أعلاها لوحة سَجّل عليها وصيته، وأن هذه المقبرة تخصه وتخص عائلته، وتعد آثار الحجر من أبرز وأهم المواقع الأثرية في العالم.
المصدر : عربي بوست