اقلام حرة
هل نحن بحاجة لنظام ديمقراطي جديد يراعي مصالح الأجيال المقبلة ؟(أ.د. حنا عيسى)
كتب ديفيد هيوم، الفيلسوف الاسكتلندي ، عام 1739 أن “علة ظهور الحكومات المدنية هو عجز الناس عن التخلص من نظرتهم الضيقة للأمور التي تجعلهم يؤثرون الحاضر على المستقبل“وربما يبدو اليوم أن آراء هيوم لا تعدو كونها أحلاما وردية ، بعد أن بات جليا للعيان أن النظم السياسية تذكي محدودية الفكر وقصر النظر بأكثر مما تعالجها. والكثير من الساسة لا تكاد تتعدى نظرتهم للمستقبل حدود الانتخابات القادمة وينساقون وراء تغريدة على موقع تويتر أو استطلاع للرأي.إذن ،الديمقراطية هي الدكتاتورية بشكل متطور وحديث ! ليست الديمقراطية إذن في أساسها عملية تسليم سلطات تقع بين طرفين معينين ، بين رئيس وشعب مثلاً ، بل هي تكوين شعور وانفعالات ، ومقاييس ذاتية واجتماعية تشكل مجموعها الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية في ضمير الشعب قبل أن ينص عليها أي دستور .. فالديمقراطية التي نؤمن بها ليست على الإطلاق دولة مثالية ، نحن نعلم جيدا أن الكثير مما يحدث لا يجب أن يحدث .. من الطفولي أن نسعى وراء المثاليات في السياسة ، وأي رجل ناضج يعلم أن كل الأفعال السياسية تتمثل في اختيار الأقل شرا .. نعم ، شعبي سيتعلم مبادئ الديمقراطية .. مقومات الحقيقة وتقنيات العلوم ، الخرافات يجب أن تختفي ، اتركهم يعبدون ما يريدون ، فكل انسان يستطيع أن يتبع ضميره وهذا لا يتنافى مع المنطق العقلاني ، ولا سيتصرف ضد حرية أخيه الانسان .. إن الديمقراطية المثالية لا وجود لها على أرض الواقع في أي مكان ، ولن يكون لها وجود مطلقًا .. التعليم قضية محورية في سبيل الديمقراطية . فالديمقراطية في يد جهلاء . لن يحركها ألا العوز و الفقر .. لذا ،عندما تكون الديمقراطية هبة الاحتلال .. كيف لك أن تتعلم الحُريّة من جلادك ؟.. بما أني لا أو أن أكون عبدا فلا أود أن أكون سيدا. هذا ما يعبر عن فكرة الديمقراطية).