مقالات

الإعلان الثاني للاستقلال الفلسطيني

فادي ابو بكر

مثّل الإعلان الثاني للاستقلال الفلسطيني الحجر الأساس للمشروع الوطني الذي يهدف إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وجاء في توقيت دقيق وحسّاس للغاية، كانت تُصاغ فيه تحالفات ومعادلات جديدة في إطار نظام دولي جديد تحكمه الولايات المتحدة الأميركية استُثنت فيه القضية الفلسطينية وبقيت على رفوف المجتمع الدولي.
إن نتاج هذا الإعلان الذي تمثّل في اعتراف 101 دولة بفلسطين، وشروع منظمة التحرير بإرسال سفاراتها لتلك الدول، جعل منه إعلاناً تاريخياً وأثبت امتلاك القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الشهيد ياسر عرفات لفقه العقل السياسي السديد. حيث إن القيادة الفلسطينية ما زالت تراكم الإنجازات من يومها، حتى وصلت إلى الحصول على دولة بصفة مراقب، تساعد فلسطين مرحلياً بالانضمام إلى منظمات دولية تسطيع من خلالها انتزاع بعض الحقوق ومحاكمة إسرائيل وقادتها في المحاكم الدولية، وصولاً إلى تحقيق الاستقلال الكامل.
يُمثّل إعلان الاستقلال ومضة للأجيال الناشئة تذكّرهم بمدى معاناة الشعب الفلسطيني الذي يتطلع إلى الحرية وغرس روح النضال والاستقلالية في قلوبهم. وبالتالي من يسعى إلى طمس هذه الذاكرة التاريخية من الوجود الفلسطيني فإنه يسعى إلى شطب القضية الفلسطينية عن الخارطة السياسية وهي طعنة من الخلف  وخيانة عظمى لدماء الشهداء وعذابات الأسرى والجرحى ونضالات الشعب الفلسطيني وثورته عبر صيرورة تاريخية لنيل حقوقه وإقامة دولته المستقلة.
ما أشبه الأمس بالحاضر، فها هي منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد تسير من جديد في حقل مليء بألغام الخيانة والتآمر، ويزداد التغوّل والتوحّش الإسرائيلي بشكل غير مسبوق كنتيجة لسياسات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إزاء القضية الفلسطينية.
ومن ناحية ثانية، لا يمكن إغفال المحاولات الخطيرة لتمرير مخططات تسعى إلى فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، وتنفيذ أجندات حزبية ضيقة باتت مقيدة من أنظمة هنا وهناك. حيث إن أي مشروع يهدف إلى تجزئة وتقسيم البلاد وتدمير مؤسساته يجب أن يواجه بحزم وصرامة، لأن التاريخ يعيد نفسه، والقضية الفلسطينية بدأت تفقد مكانتها على الأجندة الأممية.
استمراراً لنهج العقل السياسي السديد، فإن القيادة الفلسطينية لا تملك خياراً سوى اتباع خارطة الطريق التي رسمها إعلان الاستقلال الفلسطيني الثاني، والتي بموجبها يجب العمل ضد الجهات الداخلية والمحيطة على حدٍ سواء التي تخلق الفوضى والملشنة، وتسعى إلى مصادرة وتدمير فكرة القرار الفلسطيني المستقل، وتعرض القضية للانكشاف، فلا يمكن الانتصار بمعركة الحرية والاستقلال دون القضاء على مشاريع الدخلاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق