الرئيسية

قصيدة (السوس) لشاعر الأمة محمد ثابت بقلم الأديب الكويتي / خالد المويهان (مدير مركز الشعر الإعلامي)

شاعر الأمة محمد ثابت

قصيدة (السوس) لشاعر الأمة محمد ثابت
بقلم الأديب الكويتي / خالد المويهان
(مدير مركز الشعر الإعلامي)
——-

في قصيدة (السوس) يقف شاعر الأمة محمد ثابت على تخوم الوجع الجمعي العربي، مستدعياً لغة ملتهبة بالرمز والاحتجاج، ليضع المتلقي في قلب معادلة مأساوية: وطن ينخر فيه السوس، وعروبة تُذبح، وأغنيات تموت قبل أن تكتمل أصداؤها.

1- البنية الدلالية:

النص ينهض على ثنائية الحياة/الموت والخصب/الخراب، حيث يبرز الوطن في صورة هشّة، مخرّبة من الداخل:

“وطن يعيش السوس فيه ويمرح”.

هذا التصوير يشي بالانهيار الصامت، فالعدو ليس غازياً من الخارج فحسب، بل سوسٌ داخلي ينخر في البنية ويقوِّض الجدار. وهنا تكمن خطورة الرمز: السوس هو الفساد، التخاذل، والخذلان.

2- البنية الرمزية والتاريخية:

يحيل الشاعر إلى رموز من التراث العربي مثل جسّاس واليمامة، ليستحضر تاريخاً من الغدر والقتل والخذلان. هذا الربط بين الماضي والحاضر يمنح النص بعداً أوسع، ويجعل المأساة متجددة، لا تخص زمناً بعينه، بل تعيد إنتاج ذاتها في كل عصر.

3- الإيقاع الشعري:

القصيدة تعتمد على التكرار كآلية إيقاعية ودلالية في آن واحد:

“لا شيء يبقى…”
تكرار هذه الجملة يعكس اليأس المستشري، ويُحدث في نفس المتلقي صدىً متكرراً للفراغ، كأننا أمام نشيد سلبي يعلن موت الأمل.

كما يبرز التوازي الإيقاعي في:

“بغداد تطوى من لها؟ والشام تطوى من لها؟”
وهو توازٍ يجمع بين موسيقى النداء وحِدّة الاستفهام، فيحوّل النص إلى مرثية جماعية.

4- الرؤية الفكرية:

النص ليس مجرد صرخة وجدانية، بل موقف فكري واضح، إذ يوجّه الشاعر أصابع الاتهام إلى الداخل قبل الخارج. فالجرذان في جيش الملوك، والدم في الأمة بارد، والجهل يفيض وينضح. هنا تتحول القصيدة إلى خطاب إدانة يفضح التواطؤ والتخاذل قبل أن يرثي الضحية.

5- البعد الفني:

ما يميز نص محمد ثابت أنه يجمع بين قوة الصورة الشعرية وحرارة الخطاب. فهو يكتب بلغة حادة، مباشرة أحياناً، لكنها مشبعة بالرمز والجدل الدلالي. فالمتلقي يتنقل بين صورة السوس، والجرذان، والدم البارد، ليبني في النهاية لوحة متكاملة لواقع عربي مأزوم.

6- الخاتمة:

قصيدة (السوس) ليست مجرد نص أدبي، بل هي شهادة شعرية على زمن الانكسار العربي، وصرخة ضمير تحاول أن تهز جدار الصمت. لقد استطاع الشاعر أن يحوّل الألم إلى شعر، والغضب إلى إبداع، ليؤكد أن الكلمة ما زالت قادرة على حمل راية المقاومة، حتى حين ينهار كل شيء.

✍️ بقلم الأديب الكويتي / خالد المويهان
(مدير مركز الشعر الإعلامي)

——–
قصيدة (السُّوسُ) لشاعر الأمة محمد ثابت ٠
——

وَطَـنٌ يـَعِيشُ السُّـوسُ فِيـهِ

وَيـَمْـرَحُ !!

وَتـُقَـاتـِلُ الجُـرْذَانُ

فِي جَيْشِ المُلُوكِ وَتـُمْـزَحُ !!

وَالشِّعْـرُ يـَقْتُلُ بـَعْضَهُ

كَى لاَ يَعِيشَ عَلَى الفُتَات

مَـاتَت جَمِيعُ الأُغْنِيَـات

لاَ شَيْءَ يَبْقَى فِي ثـَبَـات

لاَ شَيْءَ يَبْقَى فِي الفُرَات

لاَ شَيْءَ يَبْقَى…

؛وَالعُـرُوبـَةُ تـُذْبَحُ

مَا عَادَ فِي الأَوْطَانِ شَيْءٌ

يـَصْلُحُ

وَطَـنٌ تـَنَاثـَرَ فِي الهَوَاءْ

وَالشَّعْبُ يَحْيَا فِي شَقَاءْ

وَالخَطْـوُ يَمْضِي لِلْوَرَاءْ

وَالجَهْلُ فِينَـا يَنْضَحُ

هَـا قَـد رَجَعْنَا لِلْبَلِيَّةْ

لِنَعِيشَ أَيـَّامَاً شَقِيَّةْ

[ جَسَّـاسُ ] يَقتلُنَا جَمِيعَاً …؛

[ وَاليَمَامةُ ] تُذْبحُ

مَا عَادَ شَيْءٌ يَصْلُحُ

وَطَنٌ يَعِيشُ السُّوسُ فِيهِ وَيَمْرَحُ

بَغْدَادُ تـُطْوَى مَـن لَهَا ؟!

وَالشَّامُ تـُطْوَى مَن لَهَا ؟!

مَـن يَنْصَحُ ؟!

وَالدَّمُّ فِينَا بَارِدٌ !!

وِدَماءُ أُخْتِي

فِي العُرُوبَةِ تُسْفَحُ !!
—-
بقلم شاعر الأمة
محمد ثابت
مؤسس شعبة شعر الفصحى باتحاد كتاب مصر
مؤسس نوادي الأدب بإقليم شمال الصعيد الثقافي

إغلاق