الرئيسية

مركز عبد الله الحوراني ينظم ندوة حول أدب الأسرى

 

نظم مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق ندوة ثقافية أدبية حول “أدب الأسرى” وذلك ضمن الفعاليات الثقافية التي ينظمها بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني تحت عنوان”الثقافة في نصرة القدس”، في قاعة المركز بحضور نخبة من الكتاب والشعراء والمثقفين والفنانين والأسرى المحررين.

افتتح الندوة الكاتب والباحث ناهض زقوت مدير عام مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق بقراءة الفاتحة على أرواح شهداء الحركة الأسيرة وعلى أرواح شهداء فلسطين، وبعدها رحب بالحضور وبضيف اللقاء الكاتب والأسير المحرر عبد الحق شحادة.

وقدم الكاتب والباحث ناهض زقوت دراسة حول “التجربة الأدبية الفلسطينية في المعتقلات الإسرائيلية” استعرض فيها تجربة الكتابة خلف جدران السجن، فقال: يمثل الأدب الذي كتبه المعتقلون الفلسطينيون في المعتقلات الإسرائيلية صورة حية وواقعية للمعاناة التي مروا بها وعايشوها، ولم يأت هذا الأدب تنفيسا عن لحظة اختناق أو تصوير للحظات بطولة، إنما عبر عن حالة إنسانية وأبعاد فكرية ونضالية. وأضاف، تعتبر النتاجات الإبداعية التي تخلقت خلف القضبان، ممتدة الجذور في تاريخنا الفلسطيني، وفي التاريخ العربي والعالمي, فثمة أسماء عديدة كتبت الشعر والنثر وهم يقبعون خلف الزنازين.

وأكد الباحث زقوت أن النتاجات الاعتقالية الفلسطينية تمتاز عن سواها من النتاجات العربية والعالمية، بأنها الأغنى والأكثر شمولية وزخما من حيث الكم والكيف بين تجارب الشعوب وحركات التحرر، ويعود ذلك إلى ارتباطها بالقضية الفلسطينية وتحرير فلسطين، وطبيعة الاحتلال الإسرائيلي الذي نتعرض له، فهو الأطول في التاريخ، ولم يبق شعب من شعوب العالم تحت الاحتلال غير الشعب الفلسطيني.

وأشار الكاتب زقوت في دراسته إلى تعدد التعريفات لأدب الأسرى، ولكنه في النهاية كما قال هو: تجربة أدبية إبداعية مارسها المعتقلون الفلسطينيون، منهم من تواصل مع الكتابة بعد تحرره، وكثيرون لم يكتبوا كلمة أدبية بعد تحررهم، لهذا تبقى تجربة أدبية إبداعية في المعتقل, ولا نستطيع تصنيفها، رغم تميزها ومكانتها النضالية، إلا أنها تجربة ضمن المشهد الأدبي الفلسطيني العام مثل تجارب عديدة تصنف تحت الأدب الفلسطيني، مثل تجربة الأدب المقاوم، والتجربة النسوية في الأدب.

وقال الباحث ناهض زقوت أن التجربة الإبداعية لدى المعتقلين لم تأت دفعة واحدة، بل مرت بأربع مراحل حتى تبلورت وتطورت وأثبتت حضورها ومكانتها في المشهد الأدبي الفلسطيني، وهي الأولى مرحلة البدايات والتي كانت في السبعينيات، والثانية مرحلة تطور الإبداع وتعدده في الثمانينيات، والثالثة مرحلة الزخم الإبداعي في التسعينيات فترة الانتفاضة، والرابعة مرحلة ما بعد قيام السلطة الوطنية، حيث أكد الباحث حدوث تراجع في الكتابة الأدبية والإبداعية لدى المبدعين المعتقلين، وغاب الزخم الذي شهدته السبعينات والثمانينات، ويعود ذلك إلى شعور المعتقل بالإحباط واليأس، فقد كان يعتقد أن ما خطه بقلمه المغموس بالقهر والألم سوف يشكل حافزا لمزيد من النضال والكفاح، إلا أن ما جاء به اتفاق أوسلو من تراجع في أولويات الصراع، كان له تأثيره على نفسية الأديب المعتقل، فأخذ يسعى نحو أولوياته الذاتية، وثمة من تواصل مع الكتابة داخل المعتقل وهم قلة.

وفي ختام دراسته تحدث الباحث زقوت عن القضايا التي تناولها أدب الأسرى، وهي قضايا مرتبطة بظروف اعتقالهم, وبتفاعلهم مع الأحداث الخارجية خصوصا في مرحلة الانتفاضة, ومن القضايا التي عبروا عنها: تسجيل واقع المعتقل, ورسم صورة للسجان وممارساته ضد المعتقلين، وتناول قضايا متعلقة بالحياة العامة خلف القضبان مثل: المواجهة, التحدي، الحرمان، الصمود، الانتماء، الحنين للأهل والأبناء والأصحاب، ويعد السجن القابع فيه المعتقل من أكثر الموضوعات التي تناولها الأدباء المعتقلون، ومجالا خصبا لإبداعاتهم، وذلك لما انطوى عليه من تعذيب وقهر وحرمان وذل ومهانة، وكذلك ما انطوى عليه من بطولة وتحدي وإرادة وإصرار وثبات ورباطة جأش وتضحية وعطاء.

وتحدث الأسير الكاتب عبد الحق شحادة عن تجربته الإبداعية في المعتقل، حيث له العديد من الكتابات الأدبية التي كتبها داخل المعتقل الذي قضى فيه عشر سنوات، وكتابات أخرى كتبها بعد تحرره، ومن مؤلفاته: قهر المستحيل “رواية”، والشيء المفقود  “مجموعة قصصية قصيرة”، والتجربة النضالية لمعتقل عسقلان من سنة 1981 إلى 1988، وأوراق من خلف الجدران، ونفط وبارود “مسرحية”، والانتداب البريطاني على فلسطين من سنة 1917 إلى سنة 1948 “بحث ماجستير”.

قال الكاتب عبد الحق شحادة: لم أتوقع يوما بأنني سأدخل السجن أسيرا، وقد كانت معرفتي عن السجن بأنه مجرد أسوار عالية من الباطون المسلح يعلوها أسلاك شائكة مكهربة وتحيط بها أبراج الحراس المدججين بالسلاح، وغرف مظلمة يقبع فيها السجناء. ولكن حينما دخلت السجن وجدت أنه مدرسة في العلم والمعرفة والثقافة، مدرسة في الانضباط والنظام، مدرسة في الأخلاق والرياضة والفن، مدرسة في تطبيق الأمن الثوري والديمقراطية. وأضاف، لقد أراد الاحتلال أن يكون السجن مقبرة للمناضلين ولكن الأسرى جعلوه مدرسة ومشعل علم ومعرفة، فقدوا البندقية فاستعاضوا عنها بالقلم والكتاب.

أشار الكاتب شحادة انه دخل المعتقل في سنة 1980، وفي هذه الفترة تميز أدب الأسرى بالوعي المتنامي وزيادة المخزون الثقافي والأدبي عند الكثير من الأسرى، ومن ثم الحاجة إلى تفريغ ونشر هذا المخزون. وأضاف أن قصائد وأشعار هذه الفترة كانت انعكاسا لحالة القهر والمعاناة وكذلك الاعتزاز والفخر، وتحدثت عن عامل الانتظار والفرج، وحياة السجن وعامل الزمن. وذكر الكاتب شحادة أسماء الشعراء الأسرى الذين برزوا في هذه الفترة: عمر خليل عمر، ومحمود عفانة، وجمال قويدر، ومحمود الغرباوي، وسليم الزريعي، وعبد الله الزق، وغيرهم. وعن مجال كتابة القصة والرواية في المعتقل قال: تميزت هذه الكتابة بقلة العدد حيث أن الرواية تحتاج إلى ظروف أفضل، ولكثرة الملاحقات والتفتيشات والنقل المستمر، وأشار إلى أنه شخصيا عانى من عمليات النقل لمسودة كتاباته، وقد فقدت الكثير من المسودات والتسجيلات والعديد من الدراسات لم أنجزها بسبب ذلك. ورغم هذا هناك البعض أبدع في كتابة الرواية أمثال: فاضل يونس، عائشة عودة، حبيب هنا، هشام عبد الرازق، معاذ الحنفي، وعبد الحق شحادة، وعطا القيمري، وغيرهم.

وقدم الكاتب عبد الحق شحادة قوائم للكتابات الإبداعية التي كتبها الأدباء الأسرى، في مجال الروايات والقصص القصيرة، والدواوين والقصائد الشعرية، والدراسات النقدية، واهم المجلات الأدبية التي كتبت بخط البد في المعتقلات. ثم قرأ نماذج من أدب الأسرى.

وفي ختام الندوة قدم عدد من الحضور رؤيتهم في أدب الأسرى، فتحدث الأسير محمود عفانة عن تجربته وكتاباته، وتحدث محمود الغرباوي وعايش عبيد ورحاب كنعان وأبو علاء أبو سعيد، وغيرهم. كما قدم إقليم شرق غزة منطقة شهداء الشمعة درع تقدير وتكريم للكاتب عبد الحق شحادة، حيث قدمه أمين سر منطقة شهداء الشمعة الأخ أبو طالب.

 

 

 

 

هيثم ابو درابي

مقالات ذات صلة

إغلاق