شعر وشعراء

بين نارين (1) جواد يونس

(أضحى التنائي بديلًا مِن تَدانينا) *** مُذ أن غزا الكَوكبَ المفجوعَ كورونا

فهل تُراهُ رأى الأرزاءَ ناقصةً *** فجاءنا بجُيوشِ الهمِّ تَغزونا؟!

لو قامَتِ الحَربُ لا المليونَ قد حصدَت *** ولا أصابَت شظاياها المَلايينا

لم يَبقَ في الأرضِ، كلِّ الأرضِ، من بلَدٍ *** ولم يُصِبهُ الذي فاقَ الطواعينا

كم نَعمةٍ لم نقدِّرها، فإن ذهبَت *** صِرنا نحنُّ إلى أشذاءِ ماضينا

وصارَ من كانَ يشكو ضنكَ عيشتهِ *** يَرجو الرُّجوعَ إلى ما كانَ مَلعونا!

======

لا العيدُ عيدٌ، فلم يشهَد تزاوُرَنا *** والأهلُ والصَّحبُ والأحبابُ يَجفونا

حتّى الذينَ شَغافُ القلبِ يعشقُهم *** ولم يكونوا لنا إلّا رَياحينا

صِرنا نحيدُ عن الدَّربِ الذي سلَكوا *** والدَّمعُ يَرجوهمُ أن لا يَزورونا

ولا سرورَ لأولادٍ بهِ حُشِروا *** وعن ملاعبِهم فيهِ يُصَدّونا

وكنتَ تُبصرُهم، مِن قبلُ، في فرَحٍ *** بعدَ الصَّلاةِ كما الغزلانُ يَلهونا

ولَيلةَ العيدِ ما ناموا … وإن غفِلوا *** تراهمُ في (أواعي العيدِ) غافينا

======

شعبي عزيزٌ وما ذلَّتهُ جائحةٌ *** ما هزَّتِ الريحُ للشُّمِّ العَرانينا

لكنَّ قادتَهُ من عِزِّهِ انسلَخوا *** وحارَبوا بالخِطاباتِ الطَّواحينا

وكم سمِعنا لهم وَعدًا وجَعجَعةً *** وما رأينا سِوانا قطُّ مطحونا!

وإن رمَوا بفُتاتٍ من مَوائدِهم *** رأيتَهم بأذى شَعبي يَمُنّونا

قد أغرقوا الشَّعبَ في سَيل القُروضِ، وما *** كالدَّينِ هَمٌّ وذلٌّ للمَدينينا

وقدَّمونا لرأسِ المالِ أضحِيةً *** وللعُداةِ، لكي يَرضوا، قَرابينا

باعوا المُواطنَ للحيتانِ في وطني *** فصارَ حاضرُهُ للبنكِ مَرهونا

وكفَّنوهُ بأحلامٍ مُحنَّطةٍ *** فليسَ يحتاجُ عندَ المَوتِ تكفينا

=====

في العيد تسمعُ تكبيراتِنا مُلِئَت *** حُزنًا، فكم كُربَةٍ تجتاحُ مَحزونا!

غابَت عن القلبِ يومَ العيدِ بَهجتُهُ *** لو أنَّ، في الفيسِ، آلافَ المُهنِّينا

فلا أضاحِيَّ يُهدينا الدُّعاءَ بها *** مَن كانَ ذا رَحِمٍ، أو صارَ مِسكينا

أموالُ شَعبي (علي بابا) يُوزِّعُها *** على العِصابةِ في ديوان والينا

وراتبُ الكادحِ الغَلبانِ نصَّفَهُ *** وضِعفُهُ ما كفى للبَيتِ تَموينا

كانَ الغَداءُ بهِ من لَحمِ أضحِيَةٍ *** فصارَ زَيتًا على خُبزٍ وزَيتونا

======

واعجَبْ لقَومٍ أراقوا ماءَ أحرُفِهم *** لمّا تملَّقتِ الغُرُّ السَّلاطينا

كنّا نرى شِعرَهم صَفوًا بلا كدَرٍ *** يَروي العِطاشَ فأمسى ماؤهُ طينا

كأنَّهم لم يُضيعوا وقفَ أمَّتِنا *** ويُسلِموا القُدسَ أوغادًا مَلاعينا

وَيُبدِلوا الذُّلَّ لمّا للخَنا جنَحوا *** بالعِزِّ في عَينِ جالوتٍ وحطِّينا

لا يُعذَلُ المرءُ ألفى الماءَ في فمِهِ *** لكن يُذمُّ الذي أزَّ الشَّياطينا

لو اليَراعُ غوى في مَدحِ طاغِيَةٍ *** بشَطرِ بَيتٍ لحرَّقتُ الدَّواوينا

… يتبع إن شاء الله …

الظهران، 3.8.2020 جواد يونس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق