شعر وشعراء

الحسكة (سوريا)

الدكتور علي احمد

الحسكة.
ويسألونني من أين أنت ..؟؟!
من أية محافظة سورية.. ؟؟!!
بابتسامة أقولها …. من الجزيرة …أسمعتم بها يا أبناء سورية ..؟؟؟!!
من الجزيرة أنا ..من تلك التي تحسبونها بلاداً منفية..
وأفتح الخرائط على هاتفي لأقنعهم بأن محافظتي ضمن سورية…
وأبدأ بشرح التفاصيل عنها علّهم يقتنعون بأن محافظتي ليست بوهمية…
من بلاد دجلة والفرات أنا..
من كانت يوماً وقود سورية..
ضاق حالها وحال سكانها بعد أن تُركت لسنواتٍ منسية..
فيسألون باستهزاء…ترى ..!
أموجدة هي على الخريطة السورية..
يسألون ويستهزئون ..
وينسون أن يسألوا أنفسهم من أين هي مواردهم الغذائية..
من أين هي جودة قطنهم وصناعاتهم ..
ومن أين هي مواردهم النفطية…
وإن تخيلوها …
لا يفقهون سوى صورة خروفٍ وامرأة ريفية..
لم يسمعوا عن حياة شعبها عن البذخ فيها والرفاهية …
لم يسمعوا عن كرم شبابها وعن عيون الفتيات اللوزية …
لم يسمعوا عن ظروفها وليس لديهم أدنى فكرة عن الحياة الاجتماعية ..!
نعم أنا من الجزيرة من تلك البلاد المنفية….
عشت فيها وتربيت على خصالها وأفتخر بصفاتها البهية …
تربيت على عاداتها وترعرعت فيها على المودة والحنية …
والالاف مثلي من تلك المدينة من المحافظة المنسية …
محافظتي التي تضم كل الالوان الطائفية ..
والف لهجة ولون ..
و كلهم يتعايشون سويّا..
من السريانية والاشورية والعربية والكردية..
في محافظتي يوجد البدو وأناسا بلا هوية..
فيها الفلاح والعامل والتاجر والطبيب وكل المهن الهندسية …
وترى أبنائها يكتبون عن عشق حلب ويغنون دمشق ويبكون حمص الابية …
ولم أرى أحد من انحاء الوطن يذكر تلك المحافظة بكلمة معنية …
والآن مامن شي يقودونا اليها بعد هجرة أبنائها القسرية …
فقد هجروها الالاف مجبرين … بسبب ظروفها
والناس يستهزئون بهم لأنهم يهاجرون الى بلاد أجنبية …
وكأن كل الابواب مفتوحة لهم من البلدان العربية …
رغم أنه مامن احد يسمع معاناة تلك المحافظة المنفية …
بعد أن كانو منسيين لسنوات في بلادهم السورية …
بعد أن عاشوا قحلا لم يسمع به حتى أبناء سورية …
بعد أن تنساتهم كل الاذاعات وكل القنوات الاخبارية …
فبعد غلاء النفط ماذا تستفيد من تلك البلاد
فترى الحلبي يبكي حلب والشامي يبكي الشام والحمصي يبكي حمص…
أما ابناء محافظتي لا يبكون الجزيرة بل يبكون سورية…
الجزيرة السورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق