مكتبة الأدب العربي و العالمي

#الساحر النصف الاول

بعد موت والد جاك ، أخبره المحامي بملكيّة ابيه لكوخٍ صغير في الجبل.. وبعد حصوله على العنوان .. صعد جاك (الوريث الوحيد) الى هناك ، ليتفاجأ بأن الكوخ مليئاً بالتحف الأثريّة والسيوف التي تعود للعصور الوسطى ، بالإضافة لعملاتٍ نقدية قديمة ومنحوتاتٍ خشبية نادرة !

فتساءل بضيق عن سبب إحتفاظ والده بالتحف الثمينة ، بدل بيعها وتحسين ظروف معيشتهم الصعبة ؟!

وبعد تصوير (بجواله القديم) كل الأثريّات الموجودة بالكوخ .. إتصل بالخادمة لتنظّيف المنزل من الغبار .. قبل إحضاره خبير الأثريّات لتقدير ثمنها ، في حال عرضها بالمزاد العلني ..

وبعد قدومها ، طالبته بضعف الإجرة لصعودها طريق الجبل الشاقّ .. فهدّدها قائلاً :

– أعرف عنوان منزلك جيداً .. وفي حال سرقتي أيّاً من تحف والدي ، سأبلّغ الشرطة عنك ..

الخادمة : لا تقلق سيدي بهذا الشأن.. (وبعد رؤيتها بعد التحف المرعبة) ..رجاءً لا تطلّ غيابك ، فأنا خائفة من البقاء وحدي هنا

– سأحضر الخبير وأعود حالاً

ورغم انها وعدته بالحفاظ على املاكه الاّ أنه أصرّ على قفل الباب الخارجيّ ، خوفاً من هربها بثروته التي لم يحدّد قيمتها بعد !

***

بعد ذهابه ، إنشغلت الخادمة بتنظيف الكوخ الصغير .. وحين وصلت للتحف الموجودة بالصالة ، أثار اهتمامها قناعاً قبيحاً موجوداً داخل صندوقٍ زجاجيّ مُغبرّ ، مُلصق عليه عبارة : ((قنّاع السفّاح هاورد دون)) .. ورغم قفله الكبير الصدىء ، الا انها استطاعت فتحه بسهولة !

فأخذت تتأمّل القناع المصنوع من الخيش ، وهي تتساءل :

– من المريض النفسي الذي أخاط هذا القناع القبيح ؟ وكيف كان شعور ضحاياه حين وقعوا في قبضته ؟

واقتربت من المرآة الأثريّة الموجودة بغرفة النوم ، لترى شكلها وهي تضعه ..

وما أن لبسته ، حتى خرج دخانٌ اسود منه ! ليلتصقّ القناع بقوة في وجهها ، كأن أحدهم يشدّه من الخلف ليخنقها به ..

وحين أدارت رأسها للمرآة ، شاهدت من خلال الثقوب الممزّقة في قطعة الخيش : رجلاً يشاركها القناع ! حيث كان وجهه خلف رأسها تماماً ، والذي امتلأ بالندوب والجروح التي شوّهت وسامته

 

لتشعر فجأة بالضبابيّة وتشوّش رؤيتها ، لتنتبه إلى ظهور قزحيّة سوداء تقترب من قزحيّة عينها الزرقاء ، كأنها تحاول دفعها الى خارج العين ! إلى أن تمكّنت بعد ألمٍ شديد من إحتلال مكانها .. لتتحوّل عينيها الزرقاوتين البريئتين ، الى عيونٍ سوداء حادّة ومخيفة جداً

وإذّ بها تتقمّص ذاكرة الرجل الغامض الذي نقلها لزمن العصور الوسطى ! حيث شاهدت نفسها في الغابة ، وهي تترقّب قافلة المؤن الخاصة بقصر الملك .. ثم تنهال عليهم بوابلٍ من الأسهم السامّة ، وتقضي على عشرات الجنود برميةٍ واحدة !

وبعد قتلهم جميعاً .. نزلت من اعلى الشجرة الشاهقة ببراعةٍ وخفة ، لتنفخ في بوقٍ عاجيّ بقوةٍ ، مُعلنةً النصر .. ثم تسرع بالتخفّي في الغابة ، بعد هجوم اهالي القرى الجائعين للإستيلاء على الطعام

ومن بعدها ، نقلتها ذاكرته الى واقعةٍ أخرى : لتجد نفسها تمتطي حصانه الأسود اثناء قتالها الجنود في وقتٍ متأخّرٍ من الليل ، مُخترقةً القلعة المُحصّنة لتحرير العبيد من سجونهم الضيّقة

وبصعوبةٍ بالغة إستطاعت الخادمة العودة الى زمن الحاضر ، لتجد نفسها امتلكت صفاتاً رجوليّة ، جعلتها تكسر باب الكوخ بلكمةٍ واحدة من قبضتها الحديديّة ! مُتوجهة نحو الغابة الكثيفة القريبة من قريتها..

***

ومرّت الأيام .. دون إيجاد جاك للخادمة الهاربة بعد سرقتها القناع المخيف ، فهي لم تعدّ مطلقاً الى منزلها !

 

واثناء انشغاله بنقل بقيّة التحف الى المعرض ، قبل ايام من بدء المزاد العلنيّ .. أرسل له الخبير رسالةً غامضة :

((قمت ببحثٍ مكثّف حول القناع الذي أرسلت لي صورته .. وبرأيّ لا تبحث عنه ، فهو قناعٌ مسحور))

فاتصل جاك به لتحديد موعدٍ للقائه ، لإفهامه الموضوع ..

***

في مكتب خبير الأثريات .. وضع امامه نسخة عن الوثائق التاريخية التي وجدها في المكتبة العامة ، حول تاريخ القناع .. قائلاً :

– كما ترى سيد جاك .. هذا القناع يعود للسفّاح (هاورد دون) الذي كان بطل الشعب

– لم أفهم ! .. كيف أحب الناس سفّاحاً خطيراً ؟

الخبير : سأخبرك القصة منذ البداية .. كان هناك ساحرٌ شرير يهابه اهالي القرية ، لتسبّبه بخراب الكثير من عائلاتهم .. ومع ذلك لم يستطع احد الإمساك به وتقديمه للعدالة ، لاعتزاله الناس بكوخٍ بناه في أدغال الغابة .. وفي يوم ، ذهبت اليه مراهقة لسحر حبيبها للزواج منها رغماً عن اهله .. فاستغلّ وجودها وحدها ، للإعتداء عليها .. وحين هدّدت بفضحه ، قطع لسانها وأصابعها .. وتركها تعود جريحة الى اهلها الذين لم يجرؤوا على معاقبته ، رغم تسبّبه بتشويهها وحملها الذي أخفوه عن الناس بعد حبسها بالقبو .. وبسبب ولادتها بمكانٍ قذر ، أُصيبت بالتهابٍ حادّ اثناء الولادة ، أدّى لوفاتها المبكّر .. مما أغضب والدها الذي وضع طفلها امام باب الساحر ، وعلى صدره ورقة مكتوباً عليها :

((ربّي ابنك اللقيط ايها المغتصب))

جاك : وهل كان ذلك الطفل هو السفّاح هاورد ؟

– نعم ، ووالده له دور كبير في انحرافه .. ففي طفولته أخفاه في الإسطبل بعيداً عن أعين زبائنه … وحين كبر ، عامله كعبدٍ له يهتم بشؤون المنزل ، وإحضار الأعشاب الضارّة من الغابة وبعض اشلاء الحيوانات الضرورية لأعمال السحر .. وعندما أصدر الحاكم أمراً بحرق السحرة في كافة ارجاء انجلترا ، لظنّه أنهم السبب في انتشار الطاعون .. إضّطر العجوز لاستخدام ابنه (ضخم البنيّة) كحارسه الشخصيّ لحمايته من جنود الملك ، بعد براعته باستخدام السيف والأسهم .. ولكيّ يجعله مخيفاً للناس ، صنع له قناعاً مرعباً من الخيش لإخفاء وسامته .. ومنذ ذلك الحين لم يجرأ احد على الإقتراب من الساحر اثناء تجوّله بالسوق برفقه حارسه المخيف..

جاك : وهل كان هاورد عدائيّاً بالفعل ؟

– يبدو انه امتلك قلب امه الحنون ! فهو شعر بالحزن كلما فرّ الأطفال والنساء خوفاً من قناعه الخشن .. لهذا قرّر مواجهة سيده ، الذي لم يعرف يوماً إنه والده الحقيقيّ ..

– فرفض لبس القناع ثانيةً ، اليس كذلك ؟
#الساحر
النصف الاول

عن قصص وحكايا العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق