التعاطف الوجداني ميزة يتحلى بها الإنسان بشكل حصري دون بقية الكائنات. هي القدرة على أن تدرك وتشعر بما يدركه الآخر ويشعر به، دون أن تتخلى عما تدركه وتشعر به بنفسك. هي الطريق للخروج من دائرة النرجسية لتدرك أن العلاقة هي بين كيانين مختلفين لا يلغي أحدهما الآخر بل يتفاعل كل منهما مع الآخر، فينسجما معا في بعض نواحي الحياة ويختلفا عن بعضهما في نواح أخرى دون أن يؤدي هذا الاختلاف إلى خلاف.
• التعاطف الوجداني المتبادل هو الذي يجعل العلاقة الزوجية سليمة يدرك كل طرف فيها رأي ومشاعر الآخر، ويقبله كمختلف ولا يبخل عليه بالتقدير والامتنان على ما يفعل بالرغم من الاختلاف. غياب التعاطف الوجداني يدفع العلاقة الزوجية إلى النرجسية التي يتركز فيها كل طرف بنفسه، دون أي اعتبار للآخر فتتخذ العلاقة طابع المنافسة على من يضحي أكثر ومن هو المظلوم أكثر مما يدفع بالعلاقة إلى النفور والجفى.
• التعاطف الوجداني مع الأولاد هو أساس التربية السليمة التي يدرك فيها الوالدون أن أمامهم كائن خاص ومختلف وليس مجرد مادة خام يصنعون بها ما يشاؤون. أما الوالدية النرجسية فلا تعطي حيزا للأولاد ليحققوا ذواتهم مما يحولهم إلى روبوتات مطيعة بدون روح، أو إلى مشاكسين متمردين أو إلى منغلقين على أنفسهم في غرفهم بعيدين عن الأهل.
• التعاطف الوجداني من أهم ما يجب تربية الأطفال عليه ليدركوا دائما أن الآخرين (والدون واخوة وأصدقاء) كائنات يجب تفهمها وإيجاد سبل التعايش معها بتوازن دون سيطرة عليها ودون إلغاء الذات أمامها.
• التعاطف الوجداني هو أساس الصداقة السليمة التي لا يسيطر فيها طرف على الآخر، بل يقيمون العلاقة على كونهم أطرافا مختلفة، لكل منهم رأيه ومشاعره، فيتمتعون بالحيز المشترك ويقبلون الاختلاف ويعتبرونه إثراء للعلاقة لا عقبة.
• لو أن الشعوب تتمتع بالتعاطف الوجداني بعيدا عن النرجسية لتحاشى العالم كثير من الصراعات والحروب.