اين يكمن الخلل باسباب تخلف الأمة العربية وعدم وحدتها ؟
أحاول الإجابة على هذا السؤال وهو, أين يكمن الخلل في أسباب تخلف الامة العربية وعدم وحدتها ؟ وأتسائل ,هل يكمن الخلل في التربية وتهيئة الفرد للحياة , أو يكمن في اهمال مرحلة الطفولة للأطفال العرب؟ هل يكمن في العملية التدريسية في مدارسنا أو نتيجة الجهل ؟ او يكمن في خلل في الجينات أو الامر يتعلق بالقيادات والأنظمة العشائرية والسياسية المهملة لتطور شعوبها ؟؟؟ او في جميع المسببات مجتمعة التي ذكرت أعلاه ؟؟؟
هذه التساؤلات وغيرها يجب مناقشتها على صعيد الفرد والجماعات وعلى صعيد الامة العربية بأجمعها .
على سبيل المثال ,الهند تعداد سكانها أكثر من مليار انسان ويعيش فيها مئات القوميات بسلام واحترام في دولة واحدة , وهكذا أمريكا وكندا والصين وروسيا وغيرها من الدول التي تعيش بها قوميات مختلفة ويعيشون مع بعضهم البعض بسلام , الا العرب الذين هم من قوميه واحده ودين واحد ولغة واحده وعادات واحده ولكنهم مقسمون الى أكثر من عشرين دولة ودويلة ,قسمها الاستعمار قبل مئة سنه الى دويلات من اجل اضعافها ونصب عليهم زعماء عشائر وما زالوا منقسمين على أنفسهم بدعم الاستعمار حتى يومنا هذا لكي يسهل السيطرة عليهم وسلب ثرواتهم .
للأسف العرب لو طبقوا ما ورد في دينهم وسنة رسوله لكانوا خير أمة أخرجت للناس حيث قال لهم رسول الله قبل 1400 سنه : شيئين ان تمسكتم بهما لن تضلوا ابدا , كتاب الله وسنتي ,وقال لهم رب العزة في كتابه الكريم : “واعتصموا بحبل الله جميعا ” , وكذلك أمرهم :” الا تفرقوا فتفشلوا ” , كذلك وضع رسول الله خارطة الطريق للامة العربية والإسلامية تتضمن جميع مناحي الحياة أساسها القرآن الكريم الذي هو دستور الحياة حتى لا تضل امة العرب عن الطريق, وعلمهم كيفية التعامل مع الحياة . وحثهم على الوحدة والأمانة والابتعاد عن الغش والكذب ،والخيانة والسرقة والقتل واحترام الجار وعدم نشر الفساد والرذيلة في المجتمع وعدم التعصب ؛ وكذلك حثهم على النظافة التي هي من الإيمان وأمور حياتية كثيرة ،ولكن لم يطبقوها ففشلوا فشلا كبيرا وتكالبت عليهم الأمم نتيجة فشلهم وضعفهم من اجل استغلال ثرواتهم لانهم هم في واد ودينهم في واد آخر, الخلل ليس في الدين ومنظومة القيم والأخلاق بل هو في ايمان الامة واستيعابها للقيم الموجودة في الدين ومنظومة القيم والأخلاق وعدم تطبيقها.
الخلل يكمن بالتعصب القبلي والعادات البالية التي تتوارثها الأجيال من جيل الى جيل وهذا التعصب القبلي فكك روابط المجتمع ويعتبر من أخطر عوامل هدم اساسات المجتمع بسبب سلوكيات التخلف المعطلة للعقل والمنطق , فالانتماء القبلي يعتبر استعباد لعقل الانسان المثقف وغير المثقف , وحامل للأحقاد , وحجر عثرة امام الاندماج الاجتماعي والوحدة وتقدم المجتمع , وهذه العادات الجاهلية مسيطرة على تصرفات العرب وجلبت لهم الويلات والمصائب.
الخلل يكمن في عدم ّ التمسك بالقيم والأخلاق الفاضلة التي هي السبيل إلى إقامة الوحدة وتعزيز أواصر المحبّة والتآلف والتكاتف في المجتمع، بالقيم التربوية تصنع مجتمعا متماسكا كالبنيان، راسخ الأركان، سائر إلى الأمام، لأنّ المجتمع يعتمد في بنائه على أفراد أقوياء النفوس ممتلئين بالعزم والقدرة على الثبات، وحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». هذا الحديث الشریف يعرض لنا صورة المجتمع في غاية التضامن والترابط والتساند، حتى لكأنّهم كالجسد الواحد الذي يتأثر مجموعة بتأثر أي عضو فيه.
الخلل يكمن في عدم تعليم البنات الاتي سيصبحن أمهات المستقبل , يقول الشاعر حافظ إبراهيم: «الأمُ مدرسةٌ إذا أعددتها… أعددت شعباً طيب الأعراق». فقد شبّه الشاعر الأمَ بالمدرسة التي إذا أُعدّت إعداداً جيداً من النواحي الأخلاقية والتربوية والتعليمية كان نِتاجُها شعبٌ طيب الأعراق؛ فهي بذلك تبني جيلاً ناجحاً في الخلق والعلم.
الخلل يكمن في القيادات الرجعية والسياسية للعالم العربي التي تعمل لتثبيت عروشها ولا تهتم بتطوير شعوبها وتقمعهم بالحديد والنار .
الخلل يكمن في الحروب الاهلية التي قتلت وشردت الناس من اوطانها وهدمت المدارس والجامعات وجعلت عشرين مليون طفل لا يتعلمون في المدارس لتزداد نسبة الأميين في امة العرب .
الخلل يكمن في مناهج التعليم في مدارسنا التي لا تتلاءم مع تطورات العصر.
الدكتور صالح نجيدات