مقالات
قراءة في كتاب القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (12)
بقلم: د. محمّد طلال بدران -مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلاميّة-
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
* العهد القديم (1)
موريس بوكاي يحسم الجدل في اللمحة العامة التي قدمها قبل الشروع في مضامين ومادة العهد القديم حيث خلص إلى النتيجة التي تقول: “أن العهد القديم كُتِب بأقلام البشر، معلّلين أن الذي الهمهم إياها هو الروح القُدُس، وحتى يسد مؤلف الكتاب المقدس الطريق على المتسائلين يجيب بشكلٍ مقتضب ” هناك تفاصيل قد أضافها بشر إلى النّص الأول”.. ويُضيف:
“وإذا استوضح؛ – يقصد القارئ للكتاب المقدس- طبعة الكتاب المقدس الحديثة التي تُرجمت إلى الفرنسية تحت إشراف مدرسة الكتاب المقدّس بالقدس فإنه سيكتشف أن نبرة الحديث مختلفة جدًا وسيُدرك أن العهد القديم كالعهد الجديد يثير مشاكل لا يُخفي المفسرون عناصرها التي تُسبِّب النزاع” ويستشهد بدراسات حول الكتب المقدسة العهد القديم والجديد مثل دراسة: (أدمون جاكوب) الذي يقول: “أنه في البدء لم يكن هناك نص واحد فقط بل كان هناك تعدد في النصوص ففي القرن الثالث قبل الميلاد تقريبا كان هناك على الأقل ثلاث مدوّنات للنص العِبري للتوراة، كان هناك النّص المحقق (الماسوري) والنص الذي استخدم جزئيًا على الأقل الذي تمت ترجمته إلى اليونانية، والنص المعروف بالسامري (أو أسفار موسى الخمسة)، ثمّ بعد ذلك في القرن الأول قبل الميلاد تم الاتجاه إلى تدوين نصٍ واحد، ولكنّ تدوين نص الكتاب المقدس لم يتم إلا في القرن الأول بعد الميلاد”.
– وعلى كثرة النصوص التي نُسِبت إلى العهد القديم يذكر منها المدوّنات الآرامية والسّريانية وهي جزئية غير كاملة ويضيف: “لقد سمحت هذه المدونات والمخطوطات المختلفة للمتخصصين بأن ينتهوا إلى إعداد النصوص المسماة (بالمتوسطة) وهي شيئ أشبه بحلول وسط بين مُختلف النّسخ، وهناك مجموعات أخرى تحتوي بين دُفتيها وجنبًا إلى جنب على النسخ المختلفة من العِبريّة واليونانية واللاتينية والسريانية والآرامية وحتى العربية، وذلك هو الكتاب المقدس الشهير بنسخة: ( والتون)… ويقول في نهاية هذه اللمحة التاريخية حول الكتب المقدسة: ” بهذا تتضح ضخامة ما أضاف الإنسان إلى العهد القديم، وبهذا يتبين للقارئ التحولات التي أصابت نص العهد القديم الاول من نقلٍ إلى نقلٍ آخر، ومن ترجمة إلى أخرى، بكل ما ينجم حتمًا على ذلك من تصحيحات، جاءت على أكثر من ألفَي عام”.. وأما أصل الكتاب المقدس فاترك الحديث عنه إلى مقالة الغد بمشيئة الله تعالى فكونوا على موعدنا المتجدد بارك الله فيكم.
– مقالة رقم: (1601)
05. ذو القعدة. 1445 هـ
: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)