مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية علاء الدّين و المصباح السّحري من أجمل حكايات الشّرق ياسمينة بنت السّلطان (حلقة 2
)رجع علاء الدّين إلى الدّهليز ،وأخذ ينظر بحثا عن مخرج آخر ،لكن كانت هناك طرق متشعّبة تتوغّل في بطن الجبل ،فمشى حتى أوشك المشعل على الإنطفاء ،فجلس على صخرة وقد أيقن بالهلاك ،وفكّر في أمّه المسكينة ،فسقطت دموعه على وجهه ،لمّا مسح عينيه رأى دخانا يتصاعد من الخاتم الذي أعطاه له المشعوذ ،ثمّ ظهر بساط عليه خادم من الجنّ ،وقال له :أمر مولاي!!! فتعجب علاء الدين ،وسأله هل أنت حقيقة أم خيال؟ طار بساط الرّيح ،ثمّ رجع الخادم أمام الفتى، وقال : هل يكفيك هذا ؟ نظر إليه علاء الدين ،وصاح كل ما أريده هو الخروج من هنا !!!
أجاب الخادم : إذا إركب ورائي !!!وارتفع البساط ،وحلّق ،حتى وجد علاء الدين شّقا في السّقف خرج منه ،كان الوقت ليلا حين دقّ الباب ،وما أن ففتحت أمّه حتى إرتمى في حضنها وهو يبكي ،ولمّا هدأ قص عليها ما حدث ،فلم تصدّق ،وقالت :هذا أغرب شيئ سمعته !!! في الصّباح ذهب علاء إلى الدين إلى عمله ،لكنّه عاد بعد ساعة ،وقال لأمّه: لقد أطردني بائع الفخّار لأنّي غبت البارحة يوما كاملا !!! لا تقلقي ،سأبحث عن دكّان آخر، ،فالسّوق مليء بأصحاب الصّنائع ،نظر إلى المصباح ،وقال في نفسه: سأبيعه ،وأشتري بثمنه فطيرا ولبنا ،ثم أخذ خرقة ومسحه من الغبار والأتربة فإذا به يرى ماردا من الجنّ أزرق اللّون قد لفّ ذراعيه حول صدره وقال: لبّييك، أطلب ما تشاء يكون حاضرا بين يديك !!!
قال علاء الدين: أريد أن آكل مع أمّي ،ثم غاب لحظة ،وأتى بثلاثة أطباق من الفضّة فيهم الفطير ،واللبن، والعسل المصفّى، والتّمر ،لكن لما أمه رأت الجن واقفا أمامها أغمي عليها ،ولمّا أفاقت: قالت لإبنها لا أريد رؤية هذا المخلوق مرة ثانية !!! وبعد قليل زال روعها ،ومدّت يدها مع علاء وأكلت وأعجبها الطعام ،وهتفت يا ليتنا نأكل هذا كل صباح !!! بعد أيّام نفذ المال الذي أعطاهم له السّاحر ،ثم باع أطباق الفضّة ،ولم يجرأ أن يلمس المصباح لكي لا تخاف أمّه من المارد ، أحد الأيّام ،وبينما كان يدور في السّوق رأى بنت السّلطان واقفة أمام أحد الدّكاكين، تقلّب العطور ،فأعجبه جمالها وأخذ يسترق النظر إليها ،وفجأة وثب قطّ أمام أحد الخيول فجفل ،وبدأ بالعدو ،صاح الناس : الأميرة !!!
لكن علاء الدين تعلّق بزمام الفرس حتى وقف، ولم يبق بينه وبين الفتاة إلا بضعة أمتار ،فنظرت إليه بعيونها الجميلة، وقالت :شكرا على شجاعتك !!! تعال إلى القصر غدا وسيكافئك أبي !!! على فكرة ،أنا إسمي ياسمينة ،ردّ الولد : وأنا علاء الدّين .لمّا رجع إلى الدار لاحظت أمّه أنه مغموم النّفس ،فسألته: ماذا بك ياولدي ؟ أجابها :إني أحبّ ياسمينة بنت السّلطان،وسأذهب إلى القصر لرؤيتها غدا ،قالت : إنزع هذا الوهم عن نفسك!!! فما أنت إلا ولد فقير. في الصّباح الباكر كانت أمّه لا تزال نائمة حين مسح المصباح، فظهر له الجن وأقال له: أنا مدعو اليوم عند الأميرة ،وأريد ثيابا و حصانا من كرام الخيل وفي رمشة عين كان أمامه ثوب من حرير سمرقند وعمامة عليها ياقوتة حمراء كبيرة وقلادة من الذّهب ،فاغتسل ولبس تلك الثّياب ،ولمّا فتحت أمّه عينيها شهقت من الدّهشة ،وسألته :هل هذا هو أنت يا علاء الدين ؟ فأجابها : ومن تريدين أن أكون يا أمّي ؟
لمّا خرج وجد فرسا أما باب داره مكسوّ بالذّهب والحرير ،فركبه، وقصد القصر ،فرح به السّلطان ،واستقبله كالملوك ،وجلس الولد مع ياسمينة وتحدّثا قليلا ،ثم إستأذن وانصرف ،ولمّا إلتفت وجدها تشيّعه بنظراتها ،فاغتبط ،وبات طول الليل يتقلب ،ولم يقدر على النّوم ،وفي الغد قال لأمّه أريدك أن تذهبي للقصر ،وتخطبي لي ياسمينة !!! أجابته: ألم أقل لك أن تنسى السّلطان وإبنته ؟ أتعتقد أنهم سيقبلون بك إذا عرفوا أنّك إبن مصطفى الخيّاط ؟ ذهب علاء الدّين إلى المصباح ،ومسحه ،وقال للجنّ : أريدك أن تحوّل دار أبي إلى قصر فيه الخدم ،والحشم ،وتجعل دكّانه الصغير في السّوق متجرا كبيرا ردّ عليه الجنّ : حسنا أغلق عينيك !!!
ولمّا فتحهما، رأى نفسه في بهو ،وحوله الجواري ،وسمع أمّه تصيح ،فلمّا ذهب إليها وجدها تنظر بدهشة ،وتقول له أخبرني أين أنا الآن ؟ أجابها : كيف لا تعرفين ذلك ؟ أنت في دارك !!! لم تقتنع المرأة إلا لمّا نظرت من النّافذة ،وشاهدت بيوت جيرانها أسفل القصر…
…
يتبع الحلقة 3