مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية علاء الدّين و المصباح السّحري من أجمل حكايات الشّرق القصر الذّهبي (حلقة 3)
في صباح اليوم التالي ،ذهبت أم علاء الدين إلى قصر السلطان قمر الدين ،وقدّمت له الهدايا ،ثم طلبت يد إبنته ياسمينة لولدها ،لكن السّلطان إعتذر لأن الأميرة خطبها مروان إبن الوزير،وهو وافق على طلبه ،شعرت الأمّ بغصّة في حلقها ،ورجعت حزينة، لتخبر ولدها ،فلقد نصحته أن يبتعد عن الأميرة ،ويبحث عن غيرها ،فالمدينة مليئة بالبنات، والجواري الحسان .وبعد أن علم علاء الدين بخطوبة الأميرة ياسمينة تألّم ،وأخذ يفكّر في حيلة لإبعاد إبن الوزير ، وفجأة تذكّر المصباح السحري ،وهرع بسرعة إلى غرفته ، وفركه بلهفة حتى ظهر له المارد ،وقال له أمرك يا سيدي!!! سأله علاء الدين :هل تقدر على فعل شيئ لإفساد خطوبة الأميرة ؟ قال المارد :سأجعل من إبن الوزير فتى جبانا يخاف من ظله ،وسرعان ما سمع السلطان بسخف مروان الذي صار يخشى الخروج، لأنه يخاف من النّمل والجنادب وحتى العصافير ،فاغتاظ قمر الدين ، ولام الوزير على سوء تربية إبنه .
بعد أيّام عادت المرأة إلى السّلطان الذي إستحيا منها ،فرغم أنّه سمع بقصر علاء الدين ،ودكّانه الذي يبيع الذهب ،لم يكن متحمّسا لزواجه من إبنته، فهو ليس من أبناء الملوك .ولا الأشراف ،ولم يسمع عن أبيه ،أما ياسمينة فقد أعجبها علاء الدين ،وقالت لأبيها أنها موافقة ،لكن السلطان فكّر في مكيدة ليبعد الفتى عنها، وقال للمرأة أنه يقبل بالزواج ،على شرط بناء قصر لإبنته ،بابه من الذّهب ،ونوافذه من الفضّة ،وأعمدته من الزّبرجد ،وفيه بركة يسبح فيها البط و الإوزّ، فإن لم يقدر على ذلك ،فلا فائدة فيأن ترجع إليه ،وهذا قراره !!! بهتت أمّ علاء الدين ،فلا أحد يقدر على بناء هذا القصر ،وكل ما في المملكة من ذهب ليس كافيا حتى لصنع ربع الباب.
طأطأت المرأة رأسها ،وخرجت ،هي لا تعلم ما ستقوله لعلاء الدين ،فالمأكد أنه سيمرض لما يسمع هذا الخبر ،أما ياسمينة ،فغضبت من أبيها ،ولم تعد تكلمه ،لكنه جاء لغرفتها ،وقال لها إنما يفعل ذلك لمصلحتها ،فهي لا تزال صغيرة ،ويجب أن تتزوج بمن هو في مقامها وشرفها ،لكنها أجابت :لا تقلق نفسك سأبقى دون زواج ،وهكذا تستريح يا أبي !!! ثم بدأت في البكاء ،فجاءت أمها تجري ،وحضنتها بين ذراعيها، ونظرت للسّلطان قمر الدين بحدّة ،وقالت له: ويحك لقد تزوّجتني ،وأنا من جواريك ،فلماذا تقسو على إبنتك ؟ أجابها : للقصور ناسها وآدابها !!!فماذا يقول عنا نظرائنا من الملوك إذا ذهبنا لهم ،أو جائوا إلينا ،وجلسوا على موائدنا ؟ لم تردّ عليه فهي، تعلم شدة غروره ،واعتاده بنفسه .
أمّا علاء الدين فكان ينتظر أمّه بلهفة شديدة ،ولمّا رآها جرى إليها و،صاح :أخبريني يا أمّاه، هل وافق السّلطان ؟ نظرت إليه بأسى، وحرّكت رأسها يمنة ،ويسرة ،وقصّت عليه ما حصل ، وشرط السّلطان الغريب ،ولما أتمت كلامها جرت دموعها على خدّيها ،فقال لها :كفكفي دموعك ،واستعدّي غدا للذّهاب للقصر في موكب لم رأى الرّاؤون مثله لخطبة الأميرة ،والآن خذي قسطا من النوم ،ثمّ إختلى علاء الدّين بنفسه ،ومسح المصباح ،ولمّا خرج المارد ،أخبره أنّه يريد قصرا ،صفته كذا وكذا ،وقافلة من الجمال محمّلة بالعطور، والحرير والبخور، والجواهر ،فأجاب المارد: في الصّباح ستجد كل شيئ جاهزا ،بعد ذلك لا تطلب منّي مالا ،لأنّ خزائن ملوك الجنّ ستكون فارغة !!! قال علاء الدّين : أعدك أن أتركك في حالك إن قدّمت لي هذه الخدمة . لم يقدر الفتى على النوم تلك الليلة،وبقي يطل من النافذة كامل الليل فهل سيوفي المارد بوعده ؟ وفي الأخير غلبه النّعاس فنام ملئ جفنيه.
وفي الفجر بدأت نسائم الفجر تداعب وجهه ،فاستيقظ ،وفرك عينيه ،ثم فتح فمه من الدهشة ،فمن النافذة شاهد قصرا على تلة وسط المدينة،و له بريق يخطف الأبصار، وكانت الأبراج عالية تتجمّع السّحب حولها ،ثم سمع رغاء الجمال ،ولما أطل تحته رأى قافلة طويلة من الجمال ،يحرسها غلمان مسلحون بالسيوف ،وعلى رؤوسهم عمائم زرق ،ففرح ،الولد ،وجرى لأمّه وقال لها :هيا نذهب للأميرة ،فسألته ،وهي مازات نعسانة ،والقصر يا علاء الدّين، من أين ستأتي به ؟ صاح :قومي ،وانظري بنفسك ،فتحاملت على نفسها ،ولما رأت من النافذة قصرا عاليا مشرفا عن المدينة ،إنعقد لسانها من الدهشة ،فلقد كان ذلك أعجب شيئ رأته في حياتها …
…
يتبع الحلقة 4