مقالات
نكسة كارثية للديمقراطية وحقوق الانسان .. الدنمارك تشرع الابواب على مصراعيها لتزويد الانظمة الدكتاتورية بالاسلحة
هاني الريس كاتب وصحافي بحريني مقيم في الدنمارك
تحدثت مسؤولة الدفاع والأمن في حزب اللائحة الموحدة الاشتراكي الدنماركي المعارض، ايفا فلايفهولم، عن أن هناك مخاطر كبيرة وكارثية سوف تواجه الدنمارك في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان، في حال نفذت الحكومة الدنماركية قرارها بانهاء حظر بيع الاسلحة والمعدات الحربية، إلى الدول الدكتاتورية التي تنتهك حقوق الانسان، مثل السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، وغيرهما من الدول المتهمة بارتكاب جرائم ضد الانسانية .
في 11 آذار/ مارس 2023 أعلن وزير الخارجية الدنماركية، لارس لوك راسموسن، عن قرار الحكومة بإنهاء حظر مبيعات الاسلحة والمعدات الحربية الدنماركية، لكل من المملكة السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، بعد توقف دام عدة سنوات، بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي ارتكبت في المملكة السعودية والامارات، انطلاقا مما وصفه ب “العقيدة السياسية الخارجية الجديدة “الواقعية البرغماتية” للدنمارك، تمشيا مع التحولات والتغيرات العالمية الجديدة، وذلك من خلال مقابلة صحفية أجرتها معه صحيفة ” بوليتكن” الواسعة الانتشار في البلاد، في 9 آذار/ مارس 2023 .
وكانت الحكومة الدنماركية السابقة، قد فرضت خلال عامي 2018 و 2019 حضرا على بيع الاسلحة للسعودية والامارات، بعد مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، وعلى خلفية الحرب الدامية في اليمن، بعد سيطرة الحوثيين، على العاصمة صنعاء وعدة محافظات يمنية في نهاية العام 2014 .
وفي تبريره لتلك الخطوة قال، وزير الخارجية لارس لوك راسموسن:”كانت هناك ضرورة ملحة للدنمارك لخلق توازن يضمن أن تتمتع صناعة الدفاع الدنماركية بالفرص المتاحة للمشاركة في المنافسة الدولية، وخلق فرص للعمل والتنمية مثل الدول الأخرى من ناحية، ويسمح للحكومة الدنماركية التمسك ببعض مبادئها الاساسية من ناحية أخرى” وهذه التصريحات المهمة، التي انطلقت على لسان وزير الخارجية الدنماركي، عارضتها بشدة أحزاب المعارضة الدنماركية في البرلمان، واعتبرتها بمثابة خطوة معاكسة لتوجات الدولة في مجالات دعم قضايا الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان حول العالم .وفي هذا الصدد، صرحت مسؤولة الدفاع والامن، في حزب اللائحة الموحدة اليساري المعارض، ايفا فلايفهولم، عن أن البلاد ستواجه نكسة كبرى وكارثية، عندما تشرع الحكومة الابواب على مصراعيها لتصدير الاسلحة ومعدات المراقبة الامنية، إلى المملكة السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، والدول الاخرى المعروفة بانتهاكات حقوق الانسان، وقتل الصحفيين المعارضين، بما في ذلك قصف المدنيين في اليمن، وتعذيب وقتل المعارضين السياسيين والحقوقيين، وسلسلة من الفضائح الاخرى، التي ترتكب في نطاق الانظمة السياسية الدكتاتورية .
وتضيف:” لقد وافقنا في العام 2017 على فرض حظر على تصدير الاسلحة الدنماركية، إلى البلدان التي لاتحترم حقوق الانسان، وتعمل على شن الحروب ضد الآخرين، وتقتل الابرياء، وذلك بأغلبية برلمانية واسعة، لاننا في الحقيقة والواقع كنا نريد دعم قضايا الديمقراطية وحقوق الانسان حول العالم، وللأسف الشديد لايزال الامر جنونيا في تلك البلدان التي وافقنا على حظر تزويدها بالسلاح، ولازلنا إلى حد اليوم نشهد الكثير من الجرائم والانتهاكات البشعة تحدث هناك” .
وتتابع:” لماذا تريد الحكومة الدنماركية اليوم تعليق الخظر على بيع الاسلحة لتلك الدول الدكتاتورية، والعودة لتزويدها بالاسلحة، وهي ترى كل هذه البشاعة في انتهاكات حقوق االانسان وجرائم الحرب ؟ ” ولكن من الؤسف حقا انه ربما قد يكون هناك سبب لاتخاذ الحكومة مثل هذا القرار، وهذا السبب في قناعتي يعود بالتأكيد إلى انجرار الحكومة نحو كسب الأموال الطائلة من الدول التي تريد شراء السلاح وتخزينه في ترساناتها العسكرية، ونعتقد أن شركات الاسلحة الدنماركية يجب أن تكون قادرة على الحصول على المزيد من الاموال لكي تستمر مصانعها في العمل، مهما كانت هذه الاموال قذرة وبشعة ودموية، وانها في نظري تبقى تجارة غير مسؤولة، وسياسة خارجية دنماركية انتهازية مصلحية” .
وتضيف:” انه سوف يزداد الامر من سيئ إلى أسوأ عندما تتخلص الحكومة من بقايا السيطرة المعقولة على صناعة الاسلحة التي قدمناها للتو من السنوات الاخيرة لضمان إلا يساعد مصنعي الاسلحة الدنماركية بمعرفتهم أو بدونها على انتهاكات حقوق الانسان” وانه من الخزي حقا أن يكون هذا هو الطريق التي تختاره الحكومة الدنماركية الحالية متجاهلة بذلك قضايا حقوق الانسان، وذلك من أجل الطمع في تحقيق أرباح هائلة من صناعة الاسلحة، في وقت يتوجب عليها فيه الالتزام بالتعهدات التي قطعتها على نفسها وعلى المجتمع الدولي بأن تكون جادة وحريصة على سلامة حماية الناس من الاضطهاد، ومن مأسي الحروب الفتاكة ” .
وتشير عدة تقارير اخبارية إلى أن الدنمارك لديها أكثر من 200 شركة في قطاع الدفاع، وتسعى كل واحدة منها إلى عرض انتاجاتها العسكرية في الأسواق الدولية من خلال زيادة الانتاج والتصدير إلى الدول التي تحاول أن ترصد أكبر قدرا من الأمول على صفقات التسلح .
هاني الريس