نابلس مدينة صنعها التاريخ بمجد تليد فكانت أسطورة عبر الزمن الطويل وما كانت لتكون كذلك لولا انها كانت سيدة عصرها .. هذه السيادة التى حتما تنم عن ثقافة واسعة وازدهار كبير ولعل المتتبع جيدا يجد ان هذه المدينة قد أنجبت علماء عظماء اجلاء سجلهم التاريخ فاشتهرت نابلس بهم علاوة على ما نقلته الامم السابقة من أمجاد غابرة لهذه المدينة الماجدة فأعطتها عمقاً في الحضارة .. كما كانت بساتينها وينابيعها محط أنظار المستمتعين في جو لطيف تتخلله هبات نسيم هادئة، كما كان لمتسلقي الجبال نفسا بعيدا لاستشراف أفق رحب يتجاوز الجبال الشامخات بل وبحر لا تطال نهاياته الأبصار فتعمقت أهمية جرزيم وعيبال لدرجة القدسية في نفوس المتعبدين . من هنا عاشت الطمأنينة نفوس الهانئين بعيش رغيد فكانت بداياتها مع اختراع الصابون والحمامات التي تمتاز بادخنة البخار وجلسات النقاهة والترفيه وما يرافقها من احتساء مشروب لذيذ او حلويات نابلسية كالكنافة لهاالعلامة المسجلة ومن حولها المجالس والمدارس وهيئات العمل المجتمعي الرشيد
فنشأت الحضارة لتستوعب الأديان الثلاثة في قالب يحترم الآراء ويبحث عن التقاسمات ويفرح بما هو آت من صوت جميل للأذان من مآذن المساجد او التمجيد والزهد من أجراس تدق في عنان السماء وترانيم العهد القديم على جرزيم .
هنا نابلس بلد النار الملتهب تحت أقدام الغزاة لتبقى للمدينة رجولتها وفرحتها وبسمتها وللناس ألفتهم ومودتهم وعشقهم الطويل وليتجاوزوا الم الحاضر وتعب السنين ويغسلوهما بصابون نقي سليم . عاشت نابلس مهلكة الظلمة وعالية الكلمة ورفيعة الشأن وملتزمة بكل ما تحويه الكلمة المنسجمة من معانٍ وعلم وثقافة محترمة ومدينة للغد مبتسمة بقوة بأسها وناسها ونبرأسها الذي يعلو بناياتها ومقاماتها السامقة بعلو جبليها الشامخين الراسخين كسندين يحتضنان طلاسم الماضي العتيق بازقته وأعمدته وحاراته ودهاليزه وابنيته التي تقحم الماضي بالحاضر الرشيق
.