مقالات

النكسة / بقلم محمد خبر الريفي

في مثل هذه الايام من شهر يونيو عام 67 كنت انام واصحو واصابعي على المذياع ،انتظر بنفاذ صبر ان اسمع نبأ التحرير ،اي قلق اجتاحني وانا اسمع المذيع يعلن عن خطاب هام للريس ،مسحت العرق المتصبب من جبهتي يينما راح صوت المذيع يخف رويدا رويدا ،لم ياتنا باخبار جيدة عن الحرب ،اين الجيش الذي يحرر فلسطين ؟واين صواريخ القاهر والظافر التي كانت تمر من امام المنصة في احتفالات ذكرى ثورة 23 يوليو بالقاهرة ؟وقلت لزميلي شاكر الذي كان يقيم معي في الشقة وكان متمددا على السرير ويرفض التصديق للاخبار القاسية التي تبثها اذاعة العدو :عن ماذا يريد ان يتحدث الريس عبد الناصر ؟فقال وكانه اعد الجواب منذ مدة :سيتحدث عن المرحلة القادمة عن الحرب …فازداد عند ذلك التصاقي بالمذياع وراقب شاكر القلق على وجهي وما ان وضع كأس الشاي امامي حتى راح المذيع يعلن عن قرب بدء الخطاب فلم ارفع نظراتي بعدها عن المذياع ،لكأنني كنت استعجله في بثه وعندما انتهى الريس من القاء خطابه صاح شاكر بغضب في وجهي : أكنا نتوقع ان تصل نتيجة الحرب بنا الى هذا الامر ؟ ألا ترى اننا اصبحنا حقيقة في نكسة ؟؛…منذ الصباح والعم عوض بائع السجائر يجهش بالبكاء اما سماء القاهرة فقد صارت صفراء مغبرة ..في ذلك اليوم الحزين اخذت الجماهير المصرية تزحف الى الشوارع والميادين وكنت انا احفظ للريس صورة كبيرة معلقة في صدر غرفتي واستطعت في تلك اللحظة ان اكون وفيا للانتماء القومي وللمبادىء فاحملها بيدي واخرج مسرعا انا وزميلي شاكر نبحث بين الوجوه عن طلاب اخرين يزحفون ويهتفون …طيلة ساعات ذلك اليوم المشهود في تاريخ مصر والامة وانا امشي بين الجموع الشعبية التي غصت بها شوارع القاهرة واهتف للرئيس جمال عبد الناصر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق