اقلام حرةالرئيسية

الحالمون لا يمكن ترويضهم (2) / بقلم حسن عبادي

  1. في زيارة لي إلى رام الله التقيت بصديقي نقولا عقل، صاحب دار الرعاة للدراسات والنشر، وأهداني كتاب “رسائل في التجربة الاعتقالية” للكاتب الفلسطينيّ الأسير وائل نعيم أحمد الجاغوب وحين قرأته تبيّن لي أنّني التقيت في الآونة الأخيرة بعض “أبطاله” خلال مشواري التواصليّ مع أسرى يكتبون، فكان لقراءته مذاقًا آخر.
    التقيته صباح اليوم في سجن هداريم (بعد أن تم نقله من سجن رامون في إطار سياسة التنغيص على الأسرى والتنكيل بهم) مُطلًا بابتسامة شامخة فباغتني قائلًا: “شو جابك بهالشتا وبهيك طقس من حيفا؟” وحينها كُسِر جليد الحاجز الزجاجيّ بيننا وتبادلنا أطراف حديث مع مناضل صلب ملمّ بكلّ شاردة وواردة.
    خلال لقائنا دخل الغرفة “الدوفير” لمشورة ضروريّة؛ أخبرني أنّها بشأن الأسير المعتقل إداريًا أحمد زهران ومضرب عن الطعام منذ 108 يومًا ولم تقم الدنيا وتقعد بشأنه، أمره مهمّش وسلطة أوسلو مطنّشة عنه!
    حدّثني عن شعورة بالحريّة في “البوسطة” اللعينة حين كانت تعبر الكرمل، ولحيفا حضور طاغٍ في عالم الأسر وأخبرني بقصيدة نظمها صديقي الأسير ناصر أبو سرور حول حيفا يوم زرته في هداريم (كلّي شوق لقراءتها)!

تحدّثنا عن “الملف الطبّي” للأسرى وأهميّة نقله من مصلحة اسجون الاحتلال إلى وزارة الصحّة، مشروع بدأه مع الأسير الحيفاوي المحرّر أمير مخول ولم يُنجَز بعد.

تناولنا موقف الشارع الفلسطيني تجاه قضيّة أسرانا وإهمالها قضيّة الأسرى، فصار اهتمام الزعامة الأوسلويّة وأتباعها لا يتعدّى الاحتجاجات “البروتوكوليّة”! والاستنكارات الموسميّة.

تحدّثنا مطوّلًا عن قصّة أسرانا وضرورة تسجيل شهادات وقصص وحكايا أسرانا التي لم تُحكى بعد وأهميّة توثيقها ونشرها لتكوّن اللوحة الصحيحة للحركة الأسيرة، فمؤسّساتنا تتجاهلهم وتهمّشهم.

ناقشنا مقالتي حول كتابه ووقوعه في فخّ التنظيم ومحاولته صبغ نضال الأسرى بلون فصيله متجاهلًا معاناة، صمود ونضال رفاقه في الأسر من تنظيمات وفصائل أخرى.
كلّمني بثقة، منتصب القامة ومعنويّات عالية أثلجت صدري وأزالت عنّي عناء ومشقّة السفر في هذا اليوم العاصف والماطر.
حلّق الأمل بالحريّة والحلم بها في فضاء اللقاء، وجدته مناضلًا صلبًا يؤمن بقضيّته وصاحب حقّ، رسّخ في مخيّلتي ما قاله باولو كويلو: “الحالمون لا يمكن ترويضهم”!

لك عزيزي وائل أحلى التحيّات، والحريّة القريبة لك ولجميع أسرى الحريّة

حيفا 09 يناير 2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق